مواضيع اليوم

ما بين دمشق والآلهة حيرا

دانيا الديب

2011-09-13 17:17:58

0

 

الحلقة (الثانية)

 

 

بالتأكيد وبعد الإنتهاء من عد آخر درجة قلت في سري "ها قد اعتقلتي يا دانيا وما حدا سمى عليكي وفي تلك البرهة سمعت صوتا داخليا يقول أهلا وسهلا بكم في صالونات التعذيب وسراديب الموت الأسدية" تلك البرهة امتدت للحظات وربما لدقائق وصاح صوت آخر صارخ و متمرد في داخلي يقول "هيدا تمن الحرية وإنتي مش أحسن من آلاف الشهداء التي ذبحها الطاغية وأمنه وشبيحته على مذابح الحرية وقال لي تذكري أم الشهيد الطفل حمزة الخطيب والشهيدة الطفلة هاجر وتذكري النساء الشهيدات التي سقطن في درعا ودمشق وبانياس وحمص وحماة... تذكري إم الشهيد في حمص التي قتلت برصاص شبيحة الطاغية فقط لأنها تجرأت وشاركت بجنازة ابنها الشهيد" وكلما زاد بكائي ليس بسبب الإعتقال بل بسبب القهر والذل والقمع والديكتاتورية التي يعيشها حتى الحجر في سوريا كلما زاد صدى كلمة (تذكري) تذكري.....تذكري.....تذكري صدى تلك الكلمة كاد أن يبتلعه صوت المكان المظلم والموحش.....عندها عدت إلى الواقع لأنه على ما يبدو أني كنت في حالة نكران للواقع الأليم وللخوف الذي كان ينهش بخلاية جسدي الذي لم يأكل أو يشرب أو ينام لأكثر من 12 ساعة، وما زاد تلك الصحوة إلا عندما دفعت بعنف وبقوة إلى داخل الصالون عفوا الزنزانة ووقعت على الأرض في حين أن أيدينا كانت ماتزال مربطة وعيوننا كانت مغطاة بقطع قماش مصنوعة من النايلون الحقير.....عندها صرخ صوت رجولي هادر عبأ كل فراغات ومسامات تلك الجدران الخراسانية الصامتة وقال شرفتونا يا صبايا... في تلك اللحظة تذكرت أن ذلك الصوت الذي يتكلم بلهجة أهل جنوب لبنان هو الرجل القبيح الذي أسميته الرجل التمساح الذي كان موجودا مع الشبيحة في المدرسة والذي رماني على الأرض قبل أن تعري المفتشات نهداي بحثا عن الموبايل.

 

وبعد لحظات قال سأذيع أسمائكن و الشر.... التي سيذكر اسمها يجب أن تقول حاضر سيدي وعندها سنضع شريط برتقالي عل ذراعها والتي ليس لها اسم ستبقى على جنب حتى تأتينا الأوامر من فوق، وبالفعل بدأ بذكر الأسماء وسمعت الكثير من عبارة نعم أو موجودة بدلا من كلمة حاضر سيدي رددتها المعتقلات لكن قلة قليلة من السيدات ردت بعبارة حاضر سيدي! أنا لم يذكر إسمي بالإضافة إلى حوالي عشر فتيات/سيدات أخريات كما تبين لاحقا. عندما انتهى هذا التمساح البشري من ذكر أسماء المعتقلات تفاجئنا بأيدي ثخينة تارة وتارة أخرى أيادي ناعمة (ليدي لايك) بأظافر طويلة وحادة تفك أيدينا المربطة والعصبات عن عيوننا. كانوا قد فكوا العصبات في البداية عن أفواهنا لأنه كما قالوا لنا أنه مهما صرخنا سوف لن يسمعنا أحدا ولا حتى الكلاب المفترسة في الخارج التي كانت في مقدمة مستقبلينا! عندما فتحت عيناي كان هنالك ضوئا قويا جدا موجه إلينا عن قصد يحيط به ظلام دامس وعندها بدأ الفصل الأول من فصول التعذيب والإذلال الجسدي والروحي......في البداية لم أستطع أن أرى شيئا فقررت أن أبقي على عيونة مغلقة وبدأت بالتلفت يمينا ويسارا بعيدا وليس بشكل مباشر عن مصدر الضوء وفي تلك اللحظة بدأت أرى ما يجري, و بالرغم من شدة السهاد والإعياء والجوع والعطش بقيت متيقظة.

 

وفجأة رأيت في زاوية القبو المتعفن ذو الرائحة العفنة و الكريهة والمملؤ بالحشرات الزاحفة والطائرة والقوارض كانت هناك مجموعة من الفتيات/السيدات ما زالن يقبعن في تلك الزاوية الشبه مظلمة مربطات وأعينهن ما زالت معصبة! كان شعورا أنانيا في داخلي قال لي "منيح يا دانيا إنو إنتي مو معن" ثم تداركت تلك الأنانية وقلت في نفسي "الله يلعن الشيطان ويلعن الشبيحة وزعيم الشبيحة" وبعد لحظات خفت حدة هذا الضوء ورأيت عنصر أمن نسائي متبرجة بطريقة صارخة لإخفاء قباحتها وبيدها كابل رفيع للضرب وكان هناك ندب/حفر قديمة في وجهها على ما يبدو أنها من زمن المراهقة و تدل على أنها كانت مصابة بحب الشباب أو الأكني كما تسميه سيدات الصالونات الحمراء في دمشق! بدأت هذه المرأة ذات الصوت الرجولي بركل وضرب تلك النسوة بالكابل الذي بيدها وشدهن من شعرهن والبصق عليهن بطريقة سادية مفرطة وقالت لهن بلهجة أهل منطقة معينة في سوريا أتحفظ على ذكرها وأترك للقراء تحديدها " شو ما تقولوا .....سمعي ولي انتي وياها، ما بيكفي إنو كل وحدي منكن عندها فيش (سجل لدى المخبرات) ونازلين على الشارع تتظاهروا بدكن حريي ليش شو مقصر علييكن يا إخوات الشر....؟؟؟ والله لإسلخ جلدكن والله وفوق هالشي وكلو آبتقولوا حاضر سيدي!! إي والله لخلي أبو هادي يشبعكن حرية!! في تلك اللحظة قلت خلص ربي يستر.....جاء التمساح البشري الذي يلقب بأبو هادي ومعه مجموعة من الرجال المملوئة عيونهم ذعر وشهوة جامحة (تفوح منهم رائحة كحولية، على الأغلب من شرب البيرة لأنها كما يقال تساعد على در البول) ومن دون أي مقدمات بدأت صرخات هؤلاء السيدات تملأ صمت الفراغ لكن هذه الصرخات قد ابتلعها صوت خرير بول هؤلاء الرجال على رؤوس وأجساد المعتقلات الاواتي كن شبه عاريات وغرقن في حمأة بول ذكورية تفوح منها رائحة الكحول الباردة التي أطفأت حرارة جروح أجساد هؤلاء المعتقلات الملتهب بسب الضرب بالكابل. أنا من هول الموقف أصابني شلل مؤقت لجفوني ولم استطع إغلاق عيناي، لكن من هول هذا المشهد الشنيع تجمعنا أنا والسيدات الأخريات فوق بعضنا البعض ككتلة من اللحم البشري الشبه عاري وكان البعوض وغيره من الحشرات يلسع فينا من دون أي رحمة وكم تمنيت أن نبقى تحت لسع وتعذيب هذه الحشرات بدلا من لسع تلك الحشرات البشرية.......


يتبع........

 

 

dêtre poursuivi

 

 

To be continued

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر مدونات ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !