ماركة عربية مسجلة. عندما نقرأ خارطة العالم، نتوقف عند حقيقة لا يختلف بشأنها اثنان. فمعظم مناطق التوتر توجد في العالم العربي. وبما أن العرب لا يساهمون اليوم في الحضارة الانسانية بأي دور يذكر، فقد اختاروا عن سبق اصرار وترصد أن يساهموا بعدد مهم من بؤر الفتن واللاستقرار.
فلسطين والعراق والسودان واليمن والصومال ولبنان… بلدان عربية تتصدر يوميا عناوين الأخبار، التي لا تحمل الا مزيدا من الاختلافات السياسية والطائفية بين فرقاء يتصارعون حول كعكة السلطة على موائد الفقراء من أبناء هذه الدول. انه الواقع العربي الذي يفرض نفسه بقوة، ويبدو معاكسا تماما لاتجاه التيار. فالعالم يحاول بكل الوسائل أن يتجه نحو التعايش السلمي وخدمة القضايا الانسانية، بينما أمة العرب تسير في مسار تغليب منطق القبلية والعشيرة والعصبية ، فلم ينتج عن ذلك الا التخلف والهزيمة. وهذا التطاحن الداخلي الذي تعرفه عدد من المناطق العربية بالواضح أو المرموز، يثبت أن الميل الى العنف و التعصب " ماركة عربية مسجلة ". وهذه قاعدة تتمظهر واقعيا في التسمية القسرية لهذا المجال الجغرافي الممتد من المحيط الأطلسي في شمال افريقيا الى الخليج ب " العالم العربي "، دون مراعاة الخصوصيات الهوياتية المختلفة في هذه المنطقة. انه عنف رمزي يتخذ من تعريب الأرض و الانسان وسيلته الأساسية. لكن هذا العنف لا ينتهي عند مستواه الرمزي، بل يعد ديدن العرب الذي يتجذر بعيدا في ثقافة " داحس و الغبراء ". فأينما وليت وجهك يقابلك سياط العنف من كل جانب، في الأسرة و المدرسة و الشارع و ملاعب الكرة…ولا عجب أن يمتد هذا الواقع الاجتماعي الى الصراع السياسي. ولا يبدو أن كثيرا من الأمور تتغير على هذا المستوى رغم أن متغيرات السياسة فرضت الانتقال من قانون العشيرة الى قانون الدولة… اذ ما زالت الانتماءات الطائفية والانقسامات الضيقة تؤثث المشهد السياسي في عدد من الدول العربية… وتؤهل هذه المنطقة الى مزيد من التقهقر و الصراعات الداخلية الضيقة. وهو ما يفوت عليها مزيدا من فرص الاندماج والانخراط في الاختيارات الانسانية الكبرى التي أصبحت تطرح نفسها بالحاح.
هذا الوهم الذي اسمه " العالم العربي " لا يبدو في الأفق ما يبشر بتحويله الى حقيقة. ولا أدري أية وصفة طبية قد تمنح الترياق لهذا الجسد الذي يملأ الدنيا ضجيجا ولا يصنع الا العنف و الانقسام. محمد مغوتي.24/04/2010.
التعليقات (0)