فى العام 86 عزمت على الحج أنا وزوجى وصحبنا بعض الزملاء مع أهليهم ,وكنا إذ ذاك فى بنغازى ..أقلعت بنا الطائرة إلى طرابلس ثم إلى دمشق ومكثنا ننتظر الطائرة التى تقلنا إلى جدة,وطال انتظارنا...فذهبنا إلى المسئولين نستطلع الأمر فكانت الصاعقة :نأسف لقد أعلنت السلطات السعودية إغلاق المجال الجوى..عليكم بالذهاب برا...وقيل لنا:اذهبوا سريعا إلى درعا ومن هناك إلى الأردن ثم السعودية...ولم يكن هناك بديل ...ووصلنا إلى درعا قبيل المغرب فأخذوا جوازاتنا وجلسنا ننتظر..وكان الجو باردا مظلما والمقاعد متهالكة..وجاء أحدهم وقال لفصيل منا بلهجة فظة آمرة:اتبعونى ..وتجول بنا فى المكان بضع دقائق نتلمس مواقع أقدامنا فى الظلام ونسمع أنات وتأوهات لاندرى مصدرها ثم عدنا إلى أماكننا ..ولاحظت أن هذا الإرهاب كان يمارس مع بقية الناس ...مكثنا ثمانى ساعات قمنا خلالها بتلك الجولة المرعبة أربع مرات والعجب يملأ نفوسنا ولايجرؤأحد على الاعتراض أو السؤال..ثم أعطونا جوازاتنا وعبرنا إلى الجانب الأردنى..وهناك استقبلنا ضابط بحفاوة وقدم لنا مشروبا ساخنا لاأتذكره ثم قال على استحياء:آسف ياجماعة لقد أعلنت السلطات السعودية إغلاق الموانى البرية منذ ساعة واحدة ....يا ألله إنها نفس المدة التى حبسنا فيها على الجانب الآخر.............
سالت دموع الرجال وتهاوى البعض أسفا على الحجة الموءودة ولم ندر ماذا نفعل ؟ حاول الضابط مواساتنا :ياجماعة ثواب الحج مكتوب لكم إن شاء الله ..من أراد الذهاب إلى عمان فليتفضل ومن أراد المغامرة إلى الحدود السعودية فهو حر ولكنى لاأنصح بذلك ..فالطريق طويل والسلطات السعودية صارمة جدا فى هذا الأمر..الله يعوضكم ..
لم أجد مفرا من قبول ماحدث ورجعنا بأخفاف حنين..إلى دمشق وقلنا :ندارى خيبتنا بالمكوث فى دمشق بعض الأيام ولا نعود إلى بنغازى أيام الحج ...
وفى أثناء رحلة العودة إلى دمشق تساءلت متعجبا عما جرى فكانت الصاعقة الثانية..قال سائق السيارة :أنتم السبب فيما حدث كانت الأمور يمكن أن تسير لو أن كلا منكم دفع خمسين ليرة .اااااا
تخيلوا :لقد تعمد رجال المنفذ البرى إهدار حجنا لأننا لم ندفع خمسين ليرة؟اإنا لله وإنا إليه راجعون ولكنا لانعرف هذا ولم يطلب منا أحد ذلك ..ولكن ما حدث قد حدث ................................
حططنا رحالنا فى أحد الفنادق وخرجنا نتجول فى المدينة وقلنا :تعالوا نتغدى فى هذا المطعم على ضفاف (بردى) ...فكان ماكان الذى سأحكيه لكم بعد التقاط الأنفاس .
التعليقات (0)