دعنا من السياسة فقد سئمنا من قراءتها وكتابتها ولنتناول نمادج حياتنا كعرب . و لاشك أن الكثيرين من العرب الذين يعيشون في المهجر يختلفون في نمط جياتهم عن مواطنبهم في الوطن . لكن تجمعهم معهم عادات وثرات وحب للوطن وكلهم يتمنون له النجاح والتقدم والأزدهار . ولكن لماذا يفضل بعض العرب أن يعيشوا في أوربا أو أمريكا ؟ لاشك ان هناك عامل طبيعي هام يؤثر في الجميع وهو حب الانسان للهجرة بحثا عن مستوى معيشة افضل أو أريح تتوفر فيه فرص العمل والدراسة والحريات وإحترام الحقوق . ولكن حب العرب للعيش في ألخارج أصبح في العقود الأخيرة ظاهرة غير طبيعية . فمعظم الطلاب العرب الذين يأتون إلى أوربا للدراسة أو السياحة لا يرجعون إلى بلادهم . فتوفر فرص الحياة والعمل للمتعلم والعامل تمكن هؤلاء العرب العيش في أوربا حتى الذي لا يملك دخلا توفر له البلاد الذ ي يقيم فيها دخلا يغطي حاجاته الضرورية وسكن يأوي إليه . كثيرون من ساستنا العرب لم يفكروا في السبب لهجرة هؤلاء العرب ويعتبرونهم هاربين من أوطانهم ومتخليين عن إلتزاماتهم الوطنية ولهذا يهملونهم أو يلاحقونهم . معظم العرب الذين فضلوا العيش في أوربا كانوا مخيرين وليسوا مضطرين . وإن كنا لا نلوم المضطرين في الحياة في أي مكان لكننا لا بد من معرفة أسباب المخيرين الذين بفضلون العيش في الخارج . الطلاب العرب والزوار العرب الذ ين يقررون الهجرة تبهرهم حضارة القرن العشرين التي وفرت للأنسان حاجاته المادية والفكرية وحرياته في التفكير والتعبير والتنقل ولهذا يقررون اليقاء في البلاد الغربية التي درسوا فيها أو عملوا فيها أو زاروها . فالحاجات المادية التي في اليلاد العربية لا تتوفر إلا لطبقة من الحكام وأتباعهم وبعض المغامرين من المتعلمين الافاقين أو الناجحين في الاعمال والاتصالات مع الحكام أما الطبقة المتوسطة من المتعلمين والمهنيين فتعيش في شبه فقر أسوة بأفراد الشعب المغلوب على امره . وأصبح من المتعذر على الطبيب والمهندس والمحاضر والعالم العربي الحصول في الوطن على مرتب يزيد عن مأئة أو مائتين دولار شهريا مع أن تكاليف الحياة في الوطن أصبحت لا تقل عن تكاليف الحياة في المهجر . وفي المهجر الطبقة المتوسطة تعيش حياة مرفهة إلى حد ما لا تتوفر إلا للأغنياء في العالم الثالت فالطبقة المتوسة تتمتع بدخل محترم وتعليم وعلاج وأمن وحرية وتنافس من اجل النجاح والوصول الى أعلى سلم السلطة . ولهذا يفضل العربي الحياة في المهجر لاشباع حاجاته المادية بالأضافة ألى الحاجات غير المتوفرة في الوطن متل حاجاته الفكرية والحريات الاساسية , وقد يقول قائل وأين التضحيات في سبيل الوطن ؟ الجواب ان المواطن برتبط بالوطن لانه يوفر له فرصا أكتر من الفرص التي تتاح له في المهجر وأهم هذه الفرص حقه في المشاركة في النشاط الوطني والحكم وأبداء رأيه وأنتقاد الحكومة والتنافس للوصول إلى أعلى سلالم السلطة لخدمة الشعب . وهذه الفرص قد تعوضه عن فقدان بعض حاجاته المادية التي تتوفر له في الخارج . لكنك لا تستطبع أن تلوم العربي المتعلم القادر أن يعيش في وطنه مهمشا يرى الأمور يسيرها اصحاب المصالح من الجهلة والافاقين المتعلمين الذي يطبلون للحاكم مقابل الحياة المرفهة وجمع المال بدون حق ومساعدة الحاكم في إذ لال وإفقار الشعب في مجتمع يفتقر فيه الانسان ألى الدستور والقوانين وحقوق الانسان والحريات التي تحميه وتصون كرامته كانسان .
التعليقات (0)