الدكتور إبراهيم الجعفريّ: تقييم العلاقات العراقيّة-الصينيّة إيجابيّ جدّاً، ولكن عندما أقارنه بسقف الطموحات أتمنى أن تكون أفضل ممّا هي عليه.
هناك تعاون اقتصاديّ، وتبادُل مصالح اقتصاديّة، وهناك تقارُب إلى حدٍّ كبير في المواقف السياسيّة من دول العالم، والبُؤَر المبثوثة في الشرق الأوسط، وبقيّة دول العالم، والالتزام بعدم التدخـُّل في الشُؤُون الداخليّة، واعتماد الأساليب السلميّة، والسياسيّة في حلِّ المشاكل التي تـُهدِّد العالم. هذا تقارُب كبير بين السياسة الخارجيّة العراقيّة، والسياسة الخارجيّة الصينيّة.
تاريخ التعامُل الصينيّ-العراقيّ عابق بالانسجام بتبادُل المصالح، وهناك استثمار كبير، وقد بلغ حجم التجارة الخارجيّة بين الصين والعراق هذه السنة (2015) أكثر من 30 مليار دولار، ونأمل أن يكون أكثر من ذلك، وكذا الصين بما تستورده من النفط.
والعراق بما يستفيد من إمكانات، وشركاتها في مُختلِف القطاعات نأمل أن تكون العلاقات أقوى، وفرص الاستثمار أكثر، والتعاون على المسرح المحليِّ، والإقليميِّ، والدوليِّ أكثر من هذا.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: عندما حصلت قبل عام وأسبوع من هذا اليوم سيطرة داعش على مدينة الموصل، وبعدها بفترة اجتمعت دول العالم، وكانت لأميركا -أيضاً- الصدارة في المُبادَرة في جمع دول العالم، واجتمعت في نيويورك في الشهر التاسع من العام الماضي، واتخذت سلسلة قرارات. بعض هذه القرارات طـُبِّق، والبعض الآخر لم يكُن بالحجم المطلوب.
هناك حاجة حقيقيّة من غير المعقول أن تتحرَّك قوات داعش من سورية إلى العراق، وفي داخل العراق من محافظة إلى أخرى وهي بعيدة عن الإمكانيّة والسطوة الجوّيّة لقوات التحالف الدوليِّ، والطيران، والأقمار الاصطناعيّة؛ فكان لابدَّ أن تكون قوات التحالف الدوليّ أكثر جدّيّة، وأسرع استجابة.
ما عليه هي الآن أنها حققت بعض النتائج، وأفادت القوات المُسلـَّحة العراقيّة من دعم قوات التحالف الدوليّ، ولكن ليس بالمُستوى المطلوب. كنا نأمل، ولانزال أن يكون التجاوب أكبر من التجاوب الحاليّ بخاصةٍ أنَّ العراق لا يُدافِع عن نفسه فقط إنما يُدافِع عن العالم أجمع؛ لأنَّ عناصر داعش جاءت من مُختلِف دول العالم. منها دول كبرى أميركا، وبريطانيا، وفرنسا، وكندا، وأستراليا، وغيرها من دول العالم بما يبلغ أكثر من 62 دولة؛ إذن العراق يُواجه حالة عالميّة، ويجب أن يقف العالم كلـُّه إلى جانب العراق.
لماذا يبعث هؤلاء الدواعش رسالة بأنهم جاؤوا من بلدان النادي الديمقراطيِّ في العالم من غير أن يكون هناك مُعادِل بأن تحضر هذه الدول بدعمها الإنسانيِّ، والخدميِّ، ودعمها الجوّيّ في العراق؛ حتى تُشكِّل مُعادِلاً، وتبعث رسالة إلى العراق، وكلِّ بلد يتهدَّده الإرهاب بأنها تـُمثـِّل شُعُوبها، ولا يُمثـِّلها هؤلاء الشذاذ؟! بعض الأميركان جاؤوا إلى العراق، ومارسوا عملاً إرهابيّاً، وبعض الأستراليِّين جاؤوا إلى العراق، وكنديّون، وبريطانيّون هؤلاء وجَّهوا رسالة أنهم ينتمون إلى دول النادي الديمقراطيِّ، وعلى هذه الدول أن تبعث رسالة مُقابلة لهم، وفي الوقت نفسه تـُقدِّم المُساعَدات الإنسانيّة إلى أبناء الموصل؛ إذ نزح من الموصل، ومُدُن أخرى حوالى مليونين وستمائة ألف إلى مناطق أخرى.
لابدَّ لهذه الدول أن ترتقي إلى مُستوى مسؤوليّتها، وليس فقط في العراق، بل أيِّ بلد في العالم يفتك فيه داعش.. يجب أن نـُشعِر داعش أنه لا يجد أبناء ذلك البلد فقط، وإنما سيجد الأسرة الدوليّة بكامل أعضائها تقف إلى جانب هذه الدولة، وهذه الخطب التي سمِعتها في نيويورك إذ إنَّ أكثر من 50 دولة أكَّدت، وقطعت على نفسها هذه الوعود، وأرجو أن تتواصل في دعم العراق، وفي الوقت نفسه نحن نستقبل، ونتقبَّل المُساعَدات من أيّة دولة حتى من خارج التحالف الدوليّ، ونستفيد من التحالف الدوليّ، ولكننا لم نؤسِّس التحالف الدوليَّ. الصين ليست عضواً في التحالف الدوليّ؛ لأنَّ سياستها الخارجيّة لا تسمح لها بأن ترتبط بتحالفات دوليّة عسكريّة، لكننا استقبلنا، ونستقبل مُساعَدتها؛ لأننا نعتقد أننا بلد نـُكِب بداعش، ولابدَّ أن يُصافِح كلَّ الأيدي المُخلِصة، والصديقة التي تدعم العراق. عندما يُنكَب البلد لا مجال لوجود أيِّ تحفـُّـظ على يد صديقة ونظيفة تمتدّ لمُساعَدتنا.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: العراق ينظر إلى ظاهرة داعش كظاهرة طافية على السطح أنها تـُشكِّل تحدِّياً أمنيّاً، ولديهم استعداد لإرهاب الناس، وقتلهم، وإحراقهم وهم أحياء، كما حصل مع الكساسبة في الأردن، وأحرقوا بعض العراقيِّين من الأبرياء.. هذه الحالة الوحشيّة تـُبَثُّ لإرعاب المُواطِنين بأنهم أمام مُنظـَّمة تـُمارِس هذا العمل؛ حتى يُضعِفوا من معنويّات الناس، وفي الوقت نفسه تحاول أن تمتدَّ إلى أكثر من بلد من بلدان العالم، وتتعولم، وترتبط بالدين الإسلاميِّ، والدين منها براء؛ لأنَّ الإسلام لا يتقبَّل هذه الحالة. الإسلام مأخوذ من السِلم، وأوَّل ما يبدأ المُسلِم يومه مع أيِّ شخص يقول له: السلام عليكم، وعندما ينتهي من صلاته يقول: السلام عليكم، والسلم اسم من أسماء الله الحسنى: (السلام، المُؤمِن، المُهيمِن)، وعلينا أن نضع مُعادِلاً لاختراق الإرهاب، بأن نتحرَّك عسكريّاً، وأمنيّاً بأقوى ما يكون، وفي الوقت نفسه نتحرَّك لبثِّ مُعادِل ثقافيٍّ، وننشر صورة الإسلام الصحيح الذي يحترم الإنسان، ويحفظ له كرامته؛ حتى نـُفوِّت الفرصة على داعش، ومَن يقف وراءه ممَّن يُحاول أن يُشوِّه صورة الإسلام.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن نتقبَّل كلَّ المُساعَدات من كلِّ دول العالم باستثناء دُخُول قوات برّيّة إلى الأرض العراقيّة، فلا نقبل بوجود قوات أجنبيّة على الأرض؛ لأنَّ هذا يُعيد شبح بناء القواعد العسكريّة.. هذا بالنسبة إلينا مرفوض كما حصل في اليابان، وألمانيا، وتركيا، وكوريا؛ لأنَّ وجود القواعد خرق السيادة، وماعدا ذلك من دعم جوّيّ، ودعم لوجستيّ، وأسلحة، وتدريب، وتقديم المعلومات، والمُخابَرات، ودعم ماليّ، وخدميّ، وإنسانيّ، والوقوف إلى جانب العراق إعلاميّاً، وسياسيّاً في المنابر الدوليّة كلّ ذلك نـُرحِّب به.
أعتقد أنَّ هذه جزء من خطتنا، ونحن نـُعبِّئ الرأي العامَّ في كلِّ دول العالم لمُواجَهة داعش.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: عندما نتحدَّث عن طريق الحرير، وما أضاف إليه الرئيس الصينيّ من الطريق البحريِّ، وربطه بالاقتصاد أعتقد أنَّ هذا شيء مُهمّ جدّاً، وليس شيئاً نظريّاً، فالآن مضى على تجربة طريق الحرير 5000 سنة 3000 سنة قبل المسيح، وإلى الآن، وربطه بتطوُّرات الأوضاع فلم يعُد العالم كما كان سابقاً فقد كان الحرير التجارة الأبرز؛ فسُمِّي طريق الحرير أمّا اليوم فالتجارة مفهوم أوسع، وتبادُل البضائع، والخط التجاريِّ الساخن بين هذه الدول بين آسيا وأفريقيا يُمكِن أن يتضمَّن أموراً تتجاوز مفهوم الحرير إلى أشياء جديدة، ويدرُّ على الدول المُستفيدة بالنفع الكبير.
الإطلالة البحريّة مُهمّة جدّاً الآن، وعندما ننظر إلى الخارطة المائيّة نجد أنه يُمكِن اختزال الكثير من المسافات، والزمن، والجهد عندما نـُطوِّر الطريق البحريَّ الذي يربط طريق الحرير السابق؛ حتى نـُوفـِّر على السفن السالكة إلى أوروبا، وإلى الشرق الأوسط من دون المُرُور بهذا القوس الطويل على البحر الأحمر، وما شاكل ذلك.
أثمِّن هذه المُبادَرة، وأرجو أن تـُؤخـَذ بجدّيّة. كان للصين شرف المُبادَرة، ولابدَّ للدول المعنيّة التي يجتازها طريق الحرير أن تتضافر جُهُودها؛ لأنها ستكون مُستفيدة منها.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الصين عضو دائم في مجلس الأمن، ولها مكانتها الدوليّة، وحجم ديموغرافيّ سكانيّ هائل، ودولة صناعيّة، ودولة اقتصاديّة، وحجم التجارة الخارجيّة رائع، ومُتضاعِف؛ إذن الصين لها موقع عندما ترمي بثقلها، وتـُساعِد أيَّ بلد من بلدان العالم، وعندما تـُساعِد لا تتحرَّك بحجم الصين فقط، بل بحجم الصين، وحجم الصدارة الصينيّة مع دول العالم.
دول العالم اليوم لم تعُد كما كانت سابقاً خُيُوطها معدودة. فالنسيج الدوليّ اليوم فيه عِدّة خـُيـُوط.. تستطيع الصين أن تلعب دوراً كبيراً من خلال مكانتها المرموقة، واقتصادها القويِّ، ومكانتها في الأمم المُتحِدة، ومجلس الأمن، وتـُوظـِّف هذه المكانة لخدمة قضايا السلم، والأمن في العالم.
التعليقات (0)