مواضيع اليوم

لقاء قناة سكاي نيوز العربيّة بالدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيّة العراقيّة في القاهرة

  • أدانت جامعة الدول العربيّة التدخـُّل التركيَّ في الأراضي العراقيّة بعد اجتماع عُقِدَ بناءً على طلب عراقيٍّ.. كيف تـُقيِّم هذا القرار العربيَّ، وهل هو كافٍ لدفع تركيا للانسحاب من الأراضي العراقـيّة؟

الجعفريّ: الذي تحقـَّق اليوم كان حقيقة قراراً مُفرِحاً جدّاً؛ إذ إنـَّه حظِيَ بالإجماع، ولا أنكر على السادة الوزراء الذين صوَّتوا على هذا القرار هِمَّتهم، وعزيمتهم، وإخلاصهم، ووفاءهم للعراق، لكنَّ طبيعة الموضوع تتطلـَّب أن يكون كذلك.

القضيّة لا تحتاج إلى مزيد من التوضيح، وهذا الإجماع أفرحني كثيراً.. لطالما كنتُ أتطلع أن أرى الصفَّ العربيَّ مُوحَّداً سواء كان في ملفٍّ عراقيٍّ، أم ملفٍّ آخرَ؛ لذا أرجو أن تتحوَّل هذه المُفرَدة إلى سُنـَّة حَسَنة بحيث عندما تتعرَّض أيُّ دولة إلى انتهاك، أو ما شاكل ذلك يقف العرب جميعهم وقفة واحدة كما هي اليوم، أمّا هل هذا يكفي، أو لا فهذا سيعود إلى الإخوة الأتراك، أي: عليهم أن لا يخسروا أصدقاءهم.

أرَّخ العرب جميعاً أنَّ تركيا ليست أمام العراق فحسب إنما هي أمام العرب كلـِّهم، ويُفترَض أن تهتزَّ لذلك مشاعر الشعب التركيِّ، وأريحيّته، وينعكس على الإدارة التركيّة بأنـَّه من غير الصحيح أن تكون ثمّة فجوة بين الأتراك والعرب.

القضيّة انتقلت من مسألة حكومة إلى شعب، ومن مسألة دولة واحدة إلى دول عربيّة. رأى العالم اليوم، ورأى الإخوة الترك أنَّ الصفَّ العربيَّ مُجمِع على احترام السيادة، وفرز مفهوم أنَّ السيادة لا تتجزَّأ؛ ومن ثم فإنَّ الاعتداء الذي حصل في العراق اعتبره العرب -وحسناً فعلوا- انتهاكاً لكلِّ سيادات الدول العربيّة.

 

  • يبدو الأمر مُعقـَّداً لحدٍّ ما بخاصّةٍ إذا تحدَّثنا عن تدخـُّل غير عربيٍّ، أو من خارج الدول بدخول إحدى هذه القوى العربيّة.. البعض تحدَّث عن أنَّ إيران موجودة في العراق، ولم يُثِرْ هذا حفيظة الحكومة العراقيّة، ولا جامعة الدول العربيّة.. كيف تـُقيِّم هذه الدُفوع؟

الجعفريّ: سبق أن تساءل أحد الإخوة الترك هذا السؤال، وعن كم معسكر يُوجَد لغير العراق في العراق، فقلتُ له بالحرف الواحد: لا يُوجَد أيُّ معسكر لغير العراقـيِّين على الإطلاق.. هناك مُستشارون غير عراقـيِّين من دول شتى يتواجدون في مُعسكرات عراقـيّة، أمَّا المعسكرات فهي عراقـيّة محضة.

المُستشارون يدخلون بفيزا، ويأتون بمأموريّة.

نحن رفضنا أن يُنزل التحالف الدوليّ قوات برّيـّة على الأرض العراقـيّة، ولكننا وافقنا أن يتواجد مُستشارون، وفعلاً جاؤوا من مُختلِف دول العالم، ولا يدخل أيُّ مُستشار إلى العراق إلا بفيزا، ولا تعبر أيّ طائرة من قوى التحالف إلى العراق إلا بترخيص عراقيّ..

أمّا أن يكون هناك وُجُود إيرانيّ، أو معسكر إيرانيّ فهذا غير صحيح.

 

  • فيما يتعلق بالاصطفاف العربيِّ الذي تحدَّثتَ عنه بشأن الموقف من التدخـُّل التركيِّ في العراق كان هناك إشارة إلى عِدّة أمور مُتعلـِّقة بما وُصِفَ بتدخـُّل إيرانيٍّ في الشُؤُون العربيّة.. هل كان موقف العراق داعماً لهذه الفكرة، أم إنـَّكم تحفـَّظتم على فكرة الإشارة إلى الإيرانيِّين؛ بحكم ما يُوصَف بالعلاقة الاستراتيجيّة بين الحكومة العراقـيّة وبين الإيرانيِّين؟

الجعفريّ: هذا الاجتماع مُحدَّد العنوان، وطلبناه للخروج بقرار، وليس ببيان، وقد خرج بقرار بالإجماع.. أمّا الطلبات من هنا وهناك فقد طرحت لبيانات.. بالنسبة لنا مبدأ البيان لا يضرُّ، ولا يصدع ببنية القرار. ليس مُشكِلة، وإن كنا ننصح أنه لا تـُشتـَّت العناوين، ويبقى العنوان واحداً، وهو عاجل، وبطلب عراقيّ.

بعض الإخوة حبَّذوا أن تـُطرَح هذه القضيّة خُصُوصاً أنـَّه يُوجَد تقارُب بالعناوين. قالوا: هناك انتهاك للسيادات في بلدان عربيّة أخرى، وهناك اختطاف لمجموعة من القطريِّين على الأرض العراقـيّة.

في البداية حاولنا أن نـُقنِعهم بأنـَّه لو يُترَك إلى اجتماع آخر؛ لأنَّ عندنا اجتماعاً طارئاً، ونـُحبِّذ الاقتصار عليه.

ولمّا رأينا رغبة لدى الإخوان أن يذكروه في بيانات مُنفصِلة لم نمتنع..

 

  • فيما يتعلق بالإفراج عن المُختطـَفين القطريِّين هل توصَّلتم إلى شيء.. هل هناك أخبار جديدة بشأن هؤلاء؟

الجعفريّ: أُطلِق سراح تسعة منهم، وأمّا المُتبقـِّي فالجُهُود تـُبذل، ونحن مُستمِرُّون بالتواصُل لإطلاق سراحهم، ولن نرضى إلا أن يُطلـَق سراحهم جميعاً.

يُوجَد في مناطق الأرض العراقيّة تخلخل أمنيّ، ووجود مجاميع تـُمارِس مثل هذا العمل تعبير عن تخلخل أمنيّ، ولا تـُعبِّر عن وُجُود موقف عراقيٍّ ضدَّ هؤلاء.. داعش الآن موجودة على الأرض العراقـيّة، ومازالت، نعم.. هي تقلـَّصت، لكنها موجودة هي ليست تعبيراً عن موقف الحكومة العراقـيّة، بل هي تعبير عن تخلخل أمنيٍّ، وكذلك وجود الـ(بي كي كي) الذي تخشاه تركيا، ومُنظـَّمة خلق الإيرانيّة التي كانت إيران قلقة منها... هذه المُنظـَّمات ما كان العراق يُريدها أن تتواجد، ولكنها موجودة لوجود خلل أمنيٍّ جعلها تنمو فيه.

عندنا سياسة استراتيجيّة في العراق، وهي: مفهوم حُسن الجوار، ويعني عدم وُجُود أيِّ تصرُّف عراقيٍّ يُخِلُّ بحُسن الجوار، أو وجود مُعارَضة لهذه الدول تسيء لتلك الدولة من الأرض العراقـيّة. هذا يتعارض مع مفهومنا لسياسة حُسن الجوار.

لن نسمح أبداً بمُعارَضة تأتي إلى العراق سواء أكانت تركيّة، أم سوريّة، أم إيرانيّة بأن تكون مصدر إساءة لعلاقات حُسن الجوار، نعم.. يُمكِن أن نحتضنها بشرط أن تلتزم بالدستور العراقيِّ الذي لا يسمح بالإساءة لتلك الدولة.

 

  • إلى أين وصلت جُهُودكم في مكافحة الإرهاب سواء كان ذلك مُتمثـِّلاً بتنظيم داعش، أم غيره من التنظيمات، إضافة إلى الحديث الدائم عن وجود مليشيات شيعيّة تمارس الأعمال الانتقاميّة من بعض أبناء العراق من المذهب السُنيّ؟

الجعفريّ: إلى حدِّ هذا اليوم العمليّات العسكريّة العراقيّة تمتدُّ، وتكتسح في مُقابل الحُشُود التي كانت موجودة من قبل الدواعش تنهزم أمامها، ولا تقاوم. الآن بعد أن كانت 40% من ساحة العراق تحت سيطرة داعش اليوم لم تعُد سوى 17%.

هذا الفرق حقــَّقته القوات العراقـيّة. وللعلم أنَّ إدارة العمليّة العسكريّة العراقـيّة على المُستوى البرّيِّ عراقـيّة محضة من دون استثناء، أمّا ما يُقال بأنَّ الحشد الشعبي كلـَّه من الشيعة فهذا كلام غير صحيح.. الحشد الشعبيُّ فيه سُنـَّة، وشيعة.

كيف يكون الحشد الشعبيّ سُنـَّة وشيعة، ويُمارس الشيعة انتقاماً، أو -لا سمح الله- عدواناً على السُنة، ثم إنَّ المعركة في العراق ليست سُنيّة-شيعيّة إذ إنَّ سنجار كلها إيزيديّة، وكذلك فإنَّ أوَّل شهيد سقط من الحشد الشعبيِّ من الإخوة السُنـّة، وهو محمد الكرويّ ضابط قدير مُحترَم من الضباط الكبار السُنـّة، كما أنَّ وزير الدفاع العراقيّ سُنيّ؛ ممّا يعني أنَّ ما يتداول في الإعلام، والموجود في رأس بعض السياسيِّين في الخارج انعكاس لتصوُّرات أقلّ ما يُقال فيها: إنـَّها لا تمتُّ إلى الواقع بصلة.

نحن في العراق نرى بأمِّ عيننا السُنـّة والشيعة يُقاتِلون، وينتصرون. وإذا كان هناك إنسان واحد أو أكثر أو عدد قليل أو مجموعة قليلة تعصف برأسها عُقدة، أو تعصُّب فهذا لا يُمثــِّل الحالة الإجماليّة للشعب. أنا أجزم أنه لا تـُوجَد ثقافة تجييش الشيعة في العراق ضدَّ السُنـَّة، أو تجييش السُنـَّة ضدَّ الشيعة..

ولكن إذا كان هناك فرد أحمق سُنيّ يعتدي على شيعيّ، أو فرد أحمق شيعيّ يُبادِله العدوان فهذا ما سلمت منه كلُّ مقاطع التاريخ، وكلُّ قطعات الأرض بالجغرافية.. هذا موجود، ولكن كثقافة طائفيّة تستبيح ابن الطائفة الأخرى فهذا غير موجود.

 

  • ولا يُمكِن وصفه بتواطؤ قطعات داخل جهاز الحكم العراقيِّ من قِبَل الشيعة في مُواجَهة السُنـَّة، أو العكس؟

الجعفريّ: لا.. هذه الثقافة غير موجودة.. انظر المُجتمَعيّة العراقـيّة لا تجد مدينة في العراق ليس فيها سُنـّة وشيعة، نعم.. تتفاوت النسبة إذا تبدأ من الجنوب ستجد أغلبيّة شيعيّة، وأقليّة سُنيّة. منطقة الزبير سُنـّيّة تبدأ تمتدُّ إلى الوسط، ومن الوسط إلى الشمال تتقارب النسبة، ثم تكون الغالبيّة سُنيّة في مقابل أقلـيّة شيعيّة هذه ديمغرافية كالجغرافية ثابتة، ثم لو نظرتَ إلى القبائل العربيّة ذات الوزن الكميّ الضخم ستجد فيها سُنـّة وشيعة، ومنها: خزاعة، وتميم، وعبيد، وشمر كلها قبائل فيها سُنـّة وشيعة.. هذا كله ليس بإرادتهم، بل ورثوه من آبائهم، وأجدادهم.

وهناك ظاهرة أخرى ينبغي أن تـُؤخَذ بنظر الاعتبار هي إنَّ 26.9 تقريباً 27% من أبناء العراق يتزوَّجون من المذهب الآخر. هذه قضيّة طوعيّة، وليس كلُّ من وُلِدَ في عائلة سنيّة فهو سنيّ، أو وُلِدَ من عائلة شيعيّة فهو شيعيّ.

ممّا يعني أنَّ كلَّ أربعة عراقيِّين تجلس معهم فيهم واحد ينحدر من أبوين أحدهما سُنيّ، والآخر شيعيّ، أي: رُبع المُجتمَع العراقيِّ، بل أكثر من الرُبع أبوه وأعمامه من مذهب، وأمه وأخواله من مذهب آخر.. العراقيّ يتنفـَّس التعايش المذهبيَّ برئة اجتماعيّة مُتعايشة يتنفـَّسها، ولا يحتاج أن يقرأ كتاباً.

 

  • إلى أين وصل قطار المصالحة الدبلوماسيّة، وفتح السفارات العربيّة في العراق؟

الجعفريّ: نحن عقدنا العزم منذ نهاية 2014 وإلى الآن على تحريك الملفات الدبلوماسيّة مبنية على مجموعة ثوابت، أوَّلاً: الأصل أن تكون لدينا علاقة قويّة، وحميمة بيننا وبين كلِّ دولة من دون استثناء كدولة؛ لذا ما استثنينا دولة من الدول. هذه العلاقة الثنائيّة ليست لمُجرَّد العلاقة، ولكن علاقة تـُلبِّي طموحنا؛ لذا لدينا مُذكـَّرات تفاهم، واتفاقـيّات، وزيارات مُتبادَلة.

العرب، والدول المُحادِدة أخذت الحِصّة الأولى من الاهتمام، ومنها ارتحلنا إلى دول العالم كلها إلى نيوزلندا، وأستراليا، وبيلاروسيا، وغيرها، وأبرمنا علاقة جديدة تقوم على هذا الأساس..

قفزت مُفرَدة داعش، والخطر الإرهابي إلى مُستوى الاستراتيجيّات؛ لذا ننظر إلى موقف الدول من الإرهاب، ونأخذه بنظر الاعتبار، ومن خلال الحراك الذي حصل في العراق ضدَّ داعش.

 

  • هل أفهم من ذلك أنَّ بوصلة علاقاتكم العربيّة مرهونة باستراتيجيّة مكافحة الإرهاب؟

الجعفريّ: من إحدى الزوايا التي ننظر إليها لكلِّ دولة هو موقفها من الإرهاب، ومدى تمويلها للإرهاب، ومدى تسليحها للإرهابيِّين، ومدى توافر أجواء، ومناخات فقهيّة لفقه الإرهاب، وتبرير الإرهاب من المنابر، ومدى إيصالها للراحلين من بلد التدريب إلى بلد الضحيّة، ومن بلد التخطيط إلى بلد الضحيّة، ونحن من بلدان الضحيّة.. هذه كلها نأخذها بنظر الاعتبار، ونـُعطي إشارات بأنَّ على هذه الدول أن تضبط مُواطِنيها، وأراضيها.

 

  • وبناءً على ذلك تحسمون علاقاتكم؟

الجعفريّ: من دون شك، ولا نستثني دولة.

 

  • فتحتم سفارة للكويت في بلادكم؟

الجعفريّ: سفارة الكويت موجودة منذ زمن، ونتمتع معها بأحسن العلاقات.. علاقة العراق بالكويت علاقة نموذجيّة.

لعلك تقصد السعوديّة، وقطر.. التحق السفير السعوديّ في بغداد في الأيّام القليلة الماضية، وكان يُخطـَّط لفتح سفارة للسعوديّة منذ زمن المرحوم عبد الله، أمَّا قطر فهي الأخرى لديها سفارة في بغداد.. لم نستثنِ أحداً، ونستفيد من هذه العلاقات، ونـُوظـِّفها للصالح العامّ.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !