الدكتور إبراهيم الجعفريّ: موقفنا ممّا حصل في اليمن -كجزء من استراتيجيّة نعتمدها- هو عدم التدخـُّل في الشُؤُون الداخليّة، وعدم اعتماد الحُلـُول العسكريّة بشكل عامّ. نعتقد أنَّ الحُلـُول السياسيّة هي الأنجع؛ اعتماد الحلِّ السلميِّ، وترويج الحوارات بين الفرقاء، وتقليص المسافة بين القوى السياسيّة وبين الحكومة هو السبيل الصحيح، أمَّا استخدام القوة، والتدخـُّل في شُؤُون أيِّ دولة فهو مرفوض.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: يُمكِن للحكومة أن تتخذ التدابير المطلوبة من داخلها، وتحاول أن تستوعب هؤلاء، مثلما عملنا في العراق.
في العراق تـُوجَد قوى سياسيّة مُتعدِّدة تختلف معنا، ولكننا استوعبنا هذه القوى، وهم الآن موجودون في البرلمان، والحكومة، وكلِّ مجالات التصدِّي العراقيّة.
فتح باب التدخـُّل العسكريِّ في الشُؤُون العربيّة من قِبَل دول عربيّة سيُورِّث المنطقة، والشُعُوب العربيّة استحقاقات، وتداعيات قد تكون بعيدة الأمد؛ لذا نحرص أشدَّ الحرص على أن تبقى العلاقات بين الشُعُوب وبين الحكومات علاقات مَحبّة ومودّة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أن تكون هناك قوّة عسكريّة عربيّة فهذا من حيث المبدأ شيء جيِّد، وهكذا مُبادَرة تنمُّ عن مُركّب وعيين، وعي الخطر الداهم الذي أخذ يقرع طبوله في كلِّ دول المنطقة، ويكشف هذا الوعي عن شيء جيِّد ثانٍ هو إنه لا يكفي أن نعي الخطر من دون أن نعي ردَّ الفعل المطلوب، واستحقاقات مُواجَهة هذا الخطر؛ للارتقاء إلى مُستوى إيجاد درع عسكريٍّ عربيٍّ، لكنَّ مثل هذه الخطوات تتطلـَّب تدارُساً، ومُقدّمات، وتشاوراً مع حكومات لها باع طويل في هذا المجال. العراق لديه قوّات مُسلـَّحة عسكريّة ذات تجربة قديمة، والأكاديميّة العسكريّة العراقيّة من الأكاديميّات المعروفة في العالم، وخاضت غمار حُرُوب، وطالما حلـَّق نسور العراق في سماء مصر، وفلسطين، والأردن، وسورية؛ دفاعاً عن شرف الأمّة العربيّة، ونحن موجودون على الأرض، ونخوض الآن غمار معركة ضدَّ الإرهاب.
القوات المُسلـَّحة العراقيّة، والأركان العراقيّون يجب أن يُؤخـَذ رأيهم، وكذا الجُيُوش الأخرى يجب أن تعطي رأيها. ويبقى شرف المُبادَرة محفوظاً لمَن بادَر.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الموقف العسكريُّ من الحوثيِّين رفضناه؛ لأنـَّنا لا نعتقد -كمبدأ عامّ- باعتماد التدخـُّل العسكريِّ في شُؤُون الدول الأخرى، وهذا المبدأ العامّ طبَّقناه على العمليّة في اليمن. أمّا المُبادَرة المصريّة فما رفضناها، ولكن تحفـَّظنا على مُقدّماتها؛ لذا نتطلـَّع أن تأخذ حِصّة كافية من الحوار.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ما صار هناك تداول، فلا يُعقـَل أنَّ مشروعاً بهذا الحجم يُقال في جلسة، ونحن لم نقف على أوليّاته. هذا المشروع نسيج خُيُوطه الأوليّة يجب أن ترتبط بالجُيُوش العربيّة كافة، أي: إنَّ كلَّ الجُيُوش العربيّة تتحمَّل مسؤوليّته، فينبغي أن يأخذ حِصّة كافية من الحوار، وينضج الحوار، ثم يُقدَم عليه.
نحن بحاجة إليه فعلاً، فدول العالم سبقتنا في هذا المجال، أوروبا أسَّست النيتو عندما استطاعوا أن يُوحِّدوا صُفـُوفهم كأمن مُشترَك أخذوا وقتاً كافياً من الحوار، فجاء حلف النيتو، والسوق الأوروبيّة المُشترَكة، ثم أنجبت الاتحاد الأوروبيّ.
كلُّ دول أوروبا جلست مع بعضها، وتناقشت علماً أنَّ المسافات بينهم بعيدة جدّاً، وديانات مُتعدِّدة، وقوميّات مُتعدِّدة، وكان بينها حُرُوب دامية ومع ذلك توحَّد موقفهم. فلماذا لا يحصل هذا عند الدول العربيّة.
نحن على أتمِّ الاستعداد وأنا باركتُ الرئيس السيسي منذ انطلقت في الزيارة السابقة، ولكني قلتُ: يجب أن تـُشبَع بحثاً، ويتمَّ التداول بها حتى تـُولـَد مُستكِملة، ومُستوفية مُستلزَمات القوّة فيها.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: عرضنا وجهة النظر العراقيّة حيال الملفات المطروحة للبحث في أكثر من تعليقة في الجلسة المُغلـََقة، وفي الجلسة المفتوحة.
بالنسبة إلى العراق هو في الخط الأول من المُواجَهة، ويضع نفسه درعاً للدفاع عن نفسه، بل عن الدول العربيّة، بل عن كلِّ دول العالم. عناصر داعش من 62 دولة؛ إذن العراق لا يُقاتِل دفاعاً عن نفسه فقط، بل يُقاتِل عن كلِّ دول العالم وهو مرفوع الرأس؛ فمن الطبيعيِّ أن تقف هذه الدول إلى جانب العراق، وقد وقف الأقصى الجغرافيّ ومنهم بعض دول أوروبا، وأميركا، وكندا، وأستراليا إلى جانب العراق؛ فمن باب أولى أن يقفوا إلى جانب العراق خُصُوصاً أنَّ الخطر الداهم قد يزحف إلى دول أخرى مثلما زحف لنا من سورية.
دول الجوار مُرشَّحة لأن يزحف إليها -لا سمح الله- لذلك طالبناهم أن يقفوا إلى جانب العراق، ويُسنِدوه، وليس سِرّاً على أحد أنَّ العراق بلد غنيّ، ولا يحتاج أحداً في الظروف الاعتياديّة لكنـّه يمرُّ الآن بظرف استثنائيّ.
ألم يسمع هؤلاء جميعاً أنَّ مليونين وأربعمائة ألف مُواطِن عراقيٍّ نزحوا من الموصل إلى مناطق أخرى؛ ممّا يستدعي أن يُشمِّروا عن ساعد الجدّ، ويمدّوا أكفهم، ويُساعِدوا الشعب العراقيَّ وهو يمرُّ بظرف استثنائيّ، والشعب العراقيّ شعب وفيٌّ يُقدِّر مَن يقف إلى جانبه خصوصاً في ظروف المِحنة، إضافة إلى ذلك ينبغي أن يمدّوا يد المُساعَدة في المجالات الأمنيّة والعسكريّة. لا نريد جيشاً يُقاتِل بدلاً عن جيشنا، ولكننا -بكلِّ تأكيد- سنستقبل كلَّ المُساعَدات الأمنيّة والعسكريّة التي لا تـُخِلُّ، ولا تصدع بالمِصداقيّة الأمنيّة لنا.
نتوقـَّع من الدول العربيّة أن تـُساهِم خـُصُوصاً أنَّ حرب الإرهاب تحتاج إلى معلومات استخباريّة بالدرجة الأساس، وأجهزة رصد، وتدريب، وعلى كلِّ الصُعُد ينبغي أن يقفوا إلى جانب العراق مادام العراق يُدافِع عنهم جميعاً.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: فقرة أو مُفرَدة اليمن احتلت حجماً مُعيَّناً، ولكنهم كانوا يستمعون إلى الخطاب العراقيِّ، وبعضهم أشار إلى العراق، كما أشرنا نحن إلى ليبيا، وأشرنا إلى اليمن، وسورية، وفلسطين، ولم نترك ملفاً من الملفات الساخنة إلا أعطينا رأياً عراقيّاً مسؤولاً حوله، وتحدَّثنا عنه.
مادامت هذه قِمّة عربيّة فينبغي فعلاً أن تتناول القضايا المُهمّة التي ارتقت إلى مُستوى قِمّة الاهتمام، وقِمّة الخطورة، وذات قيمة سياسيّة بعيدة الأمد.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كانت هناك تمنـِّيات أن ينتهي داعش عام 2014. الحقيقة لا يستطيع الإنسان أن يُحدِّد، ويُلقِي الكلام جزافاً، ما نتمنـّاه شيء، وتداعيات وسير الأحداث شيء آخر.
أنا أحببتُ أن أذكر مَن يقول عام 2014 امتددتُ معهم أنه إلى 2014، 2015 نعمل، ونتمنى أن يكون 2016 عام الحسم، نعم.. هذا مبنيٌّ على قراءة، وتداعيات موجودة على الأرض، وسجالات الكرِّ والفرّ.
الحرب صفحات هُجُوم، ودفاع، وانسحاب، فمَن يقرأ الأحداث والسياقات في داخل العراق، وكنت أتوقـَّع سنتين، وأتمنـَّى أن لا تطول. رُبّما نـُحقـِّق ذلك في عام 2015، ولكن لا نـُحبَط. أنا أتوقـَّع أنَّ عام 2016 سيكون عام الحسم.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الذي يُدير دِفـّة الصراع والمُواجَهة، ويُحقـِّق الانتصار هو القوات المُسلـَّحة العراقيّة بكلِّ مُكوِّناتها: جيش، وقوات الحشد الشعبيّ، وقوات البيشمركة الكرديّة، والعشائر العراقيّة، والحرس الوطنيّ، ولا تـُوجَد أيّ قوة غير عراقيّة تتحكّم بموازين المُواجَهة ضدَّ داعش. وإنما يتدخَّل الدعم الدوليّ على مُستوى الغطاء الجوّيّ عند طلب القوات العسكريّة العراقيّة بالتنسيق مع القوات المُسلـَّحة العراقيّة؛ إذن القضيّة في العُمق إدارة عراقيّة تـُقرِّر هذا الشيء، ونحن لسنا في أزمة.
جُنُودنا مُضحُّون، وحوَّلوا صُدُورهم إلى دُرُوع؛ ليُدافِعوا عن العراق، والآن يتقاطرون على جبهات القتال، وحققوا انتصارات باهرة شهد لها القريب والبعيد بخاصة أنَّ الطرف الآخر لا يتمتع بالمُواجَهة إنما يُفكِّر كيف يُفجِّر. ليس سِرّاً على أحد أنهم يُحرِقون الإنسان حيّاً وما حصل مع معاذ الكساسبة -رحمة الله عليه- جنوا عليه وهم يدَّعون أنهم ينتمون إلى مذهب السُنـَّة. والسُنـَّة منهم براء؛ المعركة في العمق معركة إنسانية المُتضرِّر فيها خارج المذهب الواحد، بل خارج الدين الواحد، فلقد قتلوا أعداداً كبيرة من أبناء الديانات المُختلِفة في العراق من المسيحيِّين، والإيزديّة، والصابئة في العراق.
مَن يُدقــِّق بما يجري في العراق يستطيع أن يُحدِّد عمليّة الصراع الحقيقيِّ، وحقيقة أهداف الإرهاب. القضيّة تتجاوز الوطن، وتتجاوز المذهب والدين، وقد قلتُ ذلك في عام 2004: الإرهاب لا دين له، ولا مذهب له، ولا وطن له. وها هي اليوم المِصداقيّة تبدو واضحة، إذ قرع الإرهاب طبوله في كندا بلد الديمقراطيّة، وفي فرنسا، وفي السويد، وفي كثير من دول العالم، وفي أستراليا، ويُهدِّد دولاً أخرى في العالم.
التعليقات (0)