الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هذه الأزمة ليس عراقيّة المنشأ، ولا عراقيّة الهُويّة، ولا عراقيّة المآل والنتيجة إنما بدأت قبل العراق، وما وقفت عند حُدُود العراق.
الأزمة الأمنيّة تسبّبت بها قوى الإرهاب قبل ميلاد داعش، وقبل جبهة النصرة بدأت بالقاعدة. الإرهاب المُعاصِر بدأ في مطلع القرن الحادي والعشرين في نيويورك وواشنطن. وهو تعبير عن حالة خـُرُوج عن الوضع الإنسانيِّ والبشريِّ تمظهر هنا وهناك -مع تحفـُّظاتنا على سياسات الدول التي استهدفت الإرهاب- وهذا لا يعني أننا نـُدافِع عنها، وعن حكوماتها، وعن سياساتها، لكنَّ هذه القضيّة موجودة منذ زمن، وأخذت تتسرَّب من أعالي المناطق الأمنيّة إلى مُنخفـَضات الوضع الأمنيِّ، فوصلت إلى منطقة الشرق الأوسط، وجنوب شرق آسيا وهكذا إلى أن حصل في أفغانستان، وفي الشام، ومن الشام انتقل إلى العراق.
إذن القضيّة -بالأساس- مُعولـَمة، وقد قلنا منذ زمن: إنَّ الإرهاب يتسع، وسينتشر في كلِّ منطقة من مناطق العالم من دون أن يستثني أحداً.
ما يُمكِن أن تفعله الخارجيّة العراقيّة هو الكثير، وقد فعلت، ولسنا الآن نتحدَّث بلغة المُستقبَل والحال، بل نتحدَّث بلغة الماضي منذ أن شرعنا في الشهر التاسع من العام الماضي إلى الآن شهدت الأروقة الدوليّة حُضُوراً عراقيّاً مُتميِّزاً حتى قبل تسلـُّم وزارة الخارجيّة بأنَّ خطر الإرهاب يدهم الجميع، ولقي تعاطفاً مُمتازاً من دول العالم.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أوّلاً: إنها تـُعلي بصوتها، وتـُعبِّر عن هُويّة الإرهاب، وأنه لا يمتُّ إلى الإسلام بصلة، وإن كان يُسمِّي نفسه (دولة إسلاميّة) من قبل كلّ الذين تحدَّثوا على المنابر.
يهمُّنا المبادئ، والدفاع عنها، والحفاظ عليها. حُرمة العراق عزيزة، وحرمة دماء العراقيِّين عزيزة، وكلُّ شيء عزيز. كلُّ دول العالم عبَّرت برسائل صريحة من على منبر الأمم المُتحِدة بأنَّ الذي يحصل في العراق تحت عنوان (الدولة الإسلاميّة) الإسلام منه براء.
ثانياً: استعدَّت لأن تقف، ووقفت في المجالات السياسيّة في الأمم المُتحِدة، والتضامُن الإسلاميّ، وجامعة الدول العربيّة، وفي لقاءات ثنائيّة، وأشادت، وفي الوقت نفسه أوصلت بعض المُساعَدات. وإن لم تكُن بالمُستوى المطلوب.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: يجب أن تعرف أنَّ العالم يدور في عجلة الإعلام، وما يحدث من فعل داعشيّ في العراق ساهَمَ به إعلام مُكثـَّف، وتجاوب مع إعلام من الخارج، وقلبَ الحقائق. أنا لا أنكر أنَّ هناك مُفارَقات، وانتهاكات، ولكن مُشكِلتنا أنَّ عندنا إعلام أزمة يُحاول أن يستفيد من هذه، ويُثير نعرات، ويحاول أن يُحوِّل الثنائيّات المُتعاطِفة، والمُتعايشة إلى ثنائيّات مُتقاتِلة، ويحاول أن يرتكب أبشع الجرائم، ووراءه إعلام يُحسِّن وجهه، أو يسكت عنه.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الوجود على الأرض وجود مُسلـَّح، ولكن يُوجَد دواعش إعلاميّون، ودواعش بالفقه، وسياسيّون. هذا المُركَّب الداعشيّ لا يُمكِن تفكيكه فالذي يسكت عنهم، والذي يُبرِّر، والذي يُشرعِن كلُّ هؤلاء مُتورِّطون، ويتحمَّلون مسؤوليّة ما يجري ليس فقط في العراق، بل في كلِّ منطقة من مناطق العالم ونحن نئنُّ لأنين كلِّ ضحايا الإرهاب في كلِّ منطقة من مناطق العالم، والذين لم يصلهم الإرهاب إلى الآن - لا أقول شامتاً، ولا مُتشفـِّياً اللهم اشهد- أنهم سيعضُّون أصابع الندم.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ما علاقتها بالسياسيِّين. هل سألتني عن السياسيِّين، أم عن داعش؟
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: فهمتَ فدعك أنت وفهمك، ولكن لا تحمله على أنـَّه فهمي.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هل هكذا تـُقاس القوّة عندك؟!
أنت تقول: لماذا لم يكُن قويّاً، ويمنع هذه القضيّة.
انظر إلى دول العالم العظمى في الأمس القريب ألم يكُن الاتحاد السوفيتيّ، والقطب النابض هو روسيا، وفي قلب موسكو كانت هناك عمليّة إرهابيّة، وأميركا أوَّل ما بدأ الإرهاب المُعاصِر في واشنطن العاصمة السياسيّة، وفي نيويورك العاصمة الاقتصاديّة، وكذا أيّة دول تتصوَّرها. المُنافِق اخترق ركب الأنبياء، اخترق ركب السيِّد المسيح مُنافِقون، واخترقوا ركب الصحابة أيضاً.
هل تستطيع أن تأتي لي بدولة في العالم كلـِّه ليس فيها اختراقات. هل هكذا تُقاس؟
السياسيّ العراقيّ قدَّم قطاراً من التضحيات في المُعارَضة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: السياسيّ في الحكم استطاع أن يُنشِئ منظومة سياسيّة تتوزَّع المسؤوليّة بالحكم، ويصطفُّ فيها كلُّ أبناء العراق من دون استثناء المسيحيّ، والمُسلِم السُنـّيّ والشيعيّ كلـُّهم موجودون الآن في المشهد. وأنت تعلم أني لا أقبل بالمُحاصَصة، ولكني أدافع عن واقع سياسيٍّ أنشأه العراقيّون، واستطاعوا أن يتعايشوا مع بعضهم. التنوُّع السياسيّ موجود في الخط الأوَّل من المسؤوليّة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا يُقال للسياسيِّ عندما يأتي بإفراز انتخابات أنه بما أنـّك اختارك التحالف الوطنيّ إذن أنت جئتَ من مُحاصَصة.
يُوجَد جغرافية في المُحاصَصة، ويُوجَد أداء للجغرافية لا أستطيع أن أبدلها.
عندما شكَّلتُ الحكومة الأولى والثانية في عام 2005 جلست الأطراف السياسيّة، ووزَّعوا الوزارات، وعندما وصلت عندي كرئيس وزراء قلتُ لهم: لا أقرُّ به، ولا أستطيع أن ألغي حِصَصكم، ولكن لا أقبل أن تأتي بواحد، وتقول لي: اقبل به، بل قدِّم لي ثلاثة، وأنا أختار واحداً منهم، وإذا رفضتُ هؤلاء الثلاثة قدِّموا لي شخصاً رابعاً، وقد عملتُ بها في وزارتين.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: قد أتحمَّل أن أكون ضحيّة المُحاصَصة عندما يُؤتى بي، أو تـُبعَد عني، ولكن لا أتحمَّل أن أكون صاحب نمطيّة سياسيّة في المُحاصَصة. أنا الآن في الخارجيّة، وهي مُشكَّلة منذ السُقوط إلى الآن حوالى 12 سنة، ولا أستطيع أن أمنعها من حيث التكوين، ولكني أقف أمامها بقوة من ناحية النمطيّة السياسيّة، ولا أنظر إلى السفراء على أنَّ هذا كرديّ، أو عربيّ، سني، أو شيعيّ، أو مسيحيّ، أو مُسلِم. أنا أنظر إليه هل هو وطنيّ أم غير وطنيّ، هل يُقدِّم الوطنيّة في أدائه أم لا، وقلتُ لهم كلهم في كلِّ البعثات التي زُرتها: يهمُّني أنكم مُتنوِّعون، فكلما زادت أنواعكم فأنتم مثل الباقة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن لسنا مُجبَرين. الذي يُريد أن يكون أميناً على المقعد الذي ائتمنه عليه الشعب يستطيع أن يُسجِّل إضافة نوعيّة بتغليب الوطنيّة العراقيّة.
أنا لا أقصد بالمُحاصَصة أنَّ سُنـّيّ، وهذا شيعيّ، وهذا كرديّ، وهذا عربيّ فهذا واقع عراقيّ ديمغرافيّ مثل الواقع الجغرافيّ إنما أقصد أنَّ الذي يشغل الموقع ينبغي أن يرتقي إلى مُستوى المسؤوليّة، ويتعامل مع المُواطِن على أنه عراقيّ.
لا نـُريد أن نختزل الخارجيّة بمذهب مُعيَّن، أو قوميّة مُعيَّنة، أو دين مُعيَّن، أو اتجاه سياسيّ مُعيّن، أمّا أن يكون فلان من خلفيّة سُنّيّة، أو شيعيّة فهذه ليست مُحاصَصة، ولا هي مُشكِلة إنما المُشكِلة حين يُوظـَّف الموقع لصالح جهة مُعيَّنة، أو قائمة سياسيّة مُعيَّنة، أو قوميّة مُعيَّنة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن الآن في حالة إعادة النظر ليس فقط في الخارجيّة. الذي ينسحب من موقع الخطأ ليرتحل إلى الصواب. هذه قوة وليست ضعفاً.
نحن لا نـُريد عراق بلا سُنـّة، أو بلا شيعة، ولكن نـُريد أن يُوصَل الأكفأ الوطنيّ إلى الموقع. فليكُن في الدفاع نـُريد الضابط الأكفأ، وإذا كان سُنـّيّاً، أو شيعيّاً فلا يأتِ بعنوان سُنيّ أو شيعيّ، ويتعامل بهذا العنوان، إنما يتعامل بعنوانه الأكفأ الوطنيّ.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أكفاء، وليس أكفـّاء؛ لأنَّ الأكفـَّاء العميان، ونحن نـُريد أصحاب كفاءات.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بدأت ثقافة جديدة الآن لدى كثير من السادة الوزراء نريد أن نأتي بالكفوء بحيث يتصدّى، ويترك آثاراً وبصمات على مرافق الدولة. إلى الأمس القريب كان الأسود في أميركا مُقصى لأنه أسوَد، وكانت المرأة مُقصاة في أميركا، وفي القرن العشرين استطاعت شيئاً فشيئاً أن تنشر ثقافة جديدة، واليوم المُلوَّن على رأس الدولة في أميركا، ودخل الدورة الثانية، وثلاث وزيرات واحدة بعد الأخرى؛ إذن استطاعوا أن يُبدِلوا بغضِّ النظر عمّا لدينا من تحفـُّظات، ومُلاحَظات على النظام الأميركيّ، وليس بِدَعاً من القول إنَّ مُجتمَعاتنا تنمو، وتنشأ، وتترعرع.
الثقافة أوَّل الأمر، وبعدها تنعكس على شكل نمطيّة سُلوك. أشعر أنّه يُوجَد ارتقاء في هذا الأمر. بالمُناسَبة.. نحن لسنا ضدَّ أن يكون المشهد مُتكامِلاً بحيث يكون فيه سُنـّيّ، وشيعيّ، وكرديّ، وعربيّ، ومُسلِم، ومسيحيّ، ويزيديّ، وصابئي. كلّ هؤلاء ينبغي أن يظهروا على المسرح، ولكن لا نـُريد أن ننطلق منهم، إنما نـُريد أن ننتهي إليهم، أعني: أن لا يأتي لأنه سُنـّيّ أو شيعيّ، إنما يأتي إلى موقع المسؤوليّة لأنه كفوء.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن كإعلاميِّين -وأنا إعلامي- ما الذي صنعناه في هذا الجوِّ، وما الذي ثقـَّفنا عليه، وما الذي روَّجناه من منابرنا؟
هل روَّجنا ثقافة التقاطع، والابتعاد، والتشكيك، أم غلـَّبنا ثقافة نشر القِيَم، والانتصار للوطنيّة العراقيّة؟
دول العالم عندما يُصيبها مكروه توظف كلَّ إمكانيّاتها الإعلاميّة، والسياسيّون يتناسون كلَّ خلافاتهم، ويُركـِّزون على تعميق الثقافة الوطنيّة. في أحداث نيويورك وواشنطن كان الجمهوريّون والديمقراطيّون إلى الأمس القريب يتقاتلون بأقبح الكلمات المُخجلة أستحي أن أقولها، ولكن عندما ضُرِبت نيويورك وواشنطن وقفوا معاً، وعندما أصيبت بريطانيا حين قـُتِل بازوفت ركَّز العمال والمحافظون كلـُّهم على الحفاظ على السيادة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هل سجَّلتم لي موقفاً بأني مُقاطِع طرفاً من الأطراف. أجبني: أنا الآن ضيفك. هل هاجمتُ طرفاً؛ لأنه سُنـّيّ، أو لأنه كرديّ، أو لأنه عربيّ، أو تركمانيّ؟
لماذا لا تبحثون عن الشخصيّات وما أكثرهم في العراق. أعطوا الشخصيّات الوطنيّة حجماً من الدعم والإعلام؛ حتى تتعرَّف الناس إلى ثقافته، وأدائه، وعاداته، ونمطيّاته.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أعطِهِ دوراً ليتكلم، وأعطِه حِصّة من الاهتمام تتناسب مع ملكاته.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: مَن قال لك هذا الكلام. هم لديهم وجهة نظر ناشئة من حُسن ظنّ، ولم يحسموا الموضوع معي. أنا قلتُ لهم: بالنسبة لي مُتفرِّغ للخارجيّة، وأتطلع أن يأتي أخ آخر، لكن -عادةً لا يُترَك الموقع، فمثلاً: رئيس الوزراء لا يترك موقعه إلا أن يتحدَّد رئيس وزراء خلف له، والسلف لا يذهب إلا أن يأتي الخلف بعده. رئيس التحالف الوطنيّ كذلك لا يجوز أن يترك فراغاً. تـُوجَد وجهة نظر بأن أجمع بين الخارجيّة وبين رئاسة التحالف، وأنـَّه لا يُوجَد تعارُض.
أنا -شخصيّاً- أجد أنَّ التخصُّص أفضل. هذا مبدئي. هذا يتخصَّص بالخارجيّة، وهذا يتخصَّص بالدفاع، وذاك يتخصَّص بالتحالف الوطنيِّ، ولكن هل تـُوجَد معركة وأنا لا أعلم بها، وهل يُوجَد قتال في التحالف الوطنيّ؟ لا يُوجَد، إذ إنهم كانوا جالسين عندي جميعاً البارحة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: البارحة كان عندي اجتماع، وقبلها بثلاثة أيام كان عندي اجتماع، وقبلها بقرابة أربعة أيّام، أو خمسة أيّام كان عندي اجتماع.
انظر إلى إعلامكم رغم أنك تعرف جيِّداً أني أنتقـَّل من دولة إلى أخرى إلا أني لم أهمل التحالف الوطنيّ. بالمُناسَبة.. لا تنظر إلى التحالف الوطنيِّ بالحجم التحالفيّ، بل انظر إليه بحجمه الوطنيّ.
أريد أن أعبِّر رسالة من خلال قناتكم: التحالف الوطنيّ ساهَمَ مُساهَمة فعَّالة في ولادة الرئاسات الثلاث على حدٍّ سواء. رئاسة البرلمان حُسِمت أوَّلاً، ثم رئاسة الجمهوريّة، ثم رئاسة الوزراء.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: اجتماع مُوسَّع، وآخر اجتماع بيني وبينه 24 ساعة، أو أقلَّ بحُضُور رئيس الوزراء.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أنت أخ لي، ومن ناحية المحبّة والحنان مثل ابني، وليس لديَّ شيء معك، ولا أنا من النوع -العياذ بالله- أن أتحامل على أحد، ولكن أقول لك: نحن نعاني من أنَّ الإعلام لم يرتقِ إلى مُستوى المسؤوليّة.
حتى يكون الإعلام وطنيّاً يجب أن يضع الأولويّة الوطنيّة في المُقدّمة، وأنا تهجَّيتها لك بدول سبقتنا بالتجربة عندما تشتدّ المعركة يتركون كلَّ شيء، ويجعلون المصلحة الوطنيّة في المُقدّمة، ويتناسون كلَّ شيء.
أنتم قنوات عراقيّة، وقنوات مُهتمّة بالشأن العراقيِّ كلكم وطنيّون عراقيّون، ومكسب لنا كونك في هذا الخندق الإعلاميّ، وأقول لك: كُن أميناً مع قناتك، ولكن يبقى العراق أكبر منها، وكذا السياسيّون من مُختلِف القوائم العراق أكبر منهم.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كلهم وطنيّون.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كلهم وطنيّون من حيث النيّة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أنت تتكلم على الوطنيّة، أم على الكفاءة؛ حتى لا نخلط المفاهيم.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: القناة الوطنيّة يجب أن تـُراعي الأولويّات الوطنيّة، ويجب أن تـُوجَّه جُهُودنا دائماً، ونقول للمُقصِّر: أنت مُقصِّر؛ حتى نـُقوِّمه، لا حتى نكسره.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: عندما يُوجَد ملفّ على وزير نقول له: هذه وثيقتك، وأجب عنها.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا يُمكِن أن نـُحارِب الفساد، ولا نـُحارب المُفسِد، لا يُمكِن أن نلعن الفساد في التاريخ، ولا نقبل أن نتكلم على الفساد المُعاصِر، ولكن تـُوجَد أخلاقيّة في المُحارَبة. فلا يُمكِن أن أسمع كلاماً على شخص ما، أو يسمع كلاماً ما عليَّ، ويهرع بسرعة إلى الإعلام. لابدَّ أن نبني على قاعدة: (المُتهَم بريء حتى تثبت إدانته) لابدَّ أن نتأنـَّى، وعندما تثبت فذاك الوقت يأخذ جزاءه.
دعنا نرجع إلى صلب موضوعاتنا. الإرهاب يُوظـَّف قدرات إقليميّة، ودوليّة، وإعلامنا ما رسالته، وأين يُريد أن يأخذنا.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: يُوجَد سياق قضائيّ يسأل أيَّ شخص في الدولة. لا أحد فوق الدستور.
الدولة التي تـُعفي أحداً من المُحاسَبة، والمُساءَلة تفقد السيادة.
الدستور فوق كلِّ شيء. أيّ شخص يُؤشَّر عليه يُستجوَب، ويُسأل. لا يُوجَد استثناء.
الإعلام العراقيّ الوطنيّ يبثُّ ثقافة الثقة، ثقافة المَحبّة بين الشعب، ثقافة رفع المعنويّات، والبحث عن أعداء العراق، ويُسلـِّط الضوء عليهم. أمّا عندما يُشعِل معارك جانبيّة فهذه تضرُّ العراق، وتـُؤذِينا كلـَّنا.
أمّا قضيّة سبايكر وغيرها فأنا مُتألـِّم، والأخ الذي تـُشير إليه مُتألـِّم، وليتَ القضاء يُحقـِّق بالأمر، ويكشف من تسبَّبوا، وما الذي حدث؛ فهذه أرواح بريئة أزهِقت، وأموال ذهبت، ومُراوَحة حدثت في العمليّة السياسيّة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نحن نمشي في طريق لا أحد يستطيع أن يصل إلى نهايته إلا الذي لا يتعب. هذه طبيعة الطريق. كلُّ أمم العالم، وكلُّ شُعُوب العالم مشت عليه.
نحن الآن نتكلم على موضوع مُهمّ وخطير البلد مُهدَّد هل هذا بسبب السياسيِّين المُتصدِّين؟ أعتقد أنَّ هذه قسوة، وشِدّة، وعدم موضوعيّة. أمّا أن تقول لي تـُوجَد مُلاحَظات على أدائهم، نعم.. تـُوجَد مُلاحَظات على أدائهم، ولكن يجب أن نعرف ماذا قدَّمنا بإعلامنا.. بسياسيّينا.. ببرلماننا.
يجب أن تتقدَّم الحالة الوطنيّة على كلِّ شيء، ونجعل أعداء الوطن هم الهدف، لا أن نفتح معركة مع هذا وذاك.
أنا أجد الإعلام يتجه باتجاه تسخين المشاعر، وتصعيد المشاعر بطرقة تخدم أعداءنا حتى إذا لم يكن يقصد.
يجب أن يكون إعلامنا باتجاه خطر داعش، وكلِّ ما يدخل من عوامل أخرى في إضعاف الحكومة نعتبره يخدم داعش؛ لأنَّ إضعاف الحكومة يُؤدِّي إلى تقوية داعش.
دعني أوجِّه رسالة من خلال قناتكم: ليس الوقت وقت فتح ملفات، وحسابات إلا ملفات الفاسدين؛ لأنَّ عدم فتح الملفِّ عليه يُؤجِّل عمليّة العلاج، ويُؤذي البلد، ويُدمِّره.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: تـُوجَد شبهات تـُثار على هذا العنصر وذاك، ولكن أرى الزملاء الذين ألتقيهم على مائدة مجلس الوزراء كلهم يُمثـِّلون الكلَّ العراقيَّ. أنا لا أستطيع أن أسحق على ضميري، وأقول: هؤلاء أناس فيهم خيانة سياسيّة؛ فأنا لا أستطيع أن أدخل في قلب كلِّ واحد منهم، لكن مثلما يجمعني معك الحالة الوطنيّة، وحُسن الظاهر يجمعني معهم الحالة الوطنيّة، وحُسن الظاهر.
عندما أنظر إلى مجلس الوزراء أرى حرقة في قلوبهم على البلد. وقد يظهر -لا سمح الله- شخص لديه شيء سواء أكان عضو مجلس نواب أم غيره أنا لا أستطيع أن أختزل هؤلاء كلهم بواحدة أو اثنين.
يجب أن نـُكرِّس وقتنا لدعم العمليّة الوطنيّة العراقيّة.
أمّا الإعلام فلا شيء أهمُّ منه، وقد لعب داعش كثيراً على حبل الإعلام؛ وهنا يأتي دور الإعلام المُضادّ، الإعلام الوقائيّ، الإعلام الذي يُحاول أن يأخذ زمام المُبادَرة، ويُسمِّي الأشياء بأسمائها؛ حتى لا يترك نقطة فراغ.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هذا النفاق، والاختراق موجود على طول التاريخ.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: علينا أن نـُعزِّز الصفَّ الوطنيَّ، وأن لا تنتقل من الأفراد، وتشعل معارك مع الكتل.
كم هو جميل أن نقول الإخوة في التحالف الوطنيّ مع الإخوة في التحالف الكردستانيّ مع الإخوة في التحالفات الأخرى، ونشيع ثقافة المُشترَك بينهم.
هذا من شأنه أن يخنق التخرُّصات المُنافِقة؛ لأنك لا تستيطع أن تعيش في هكذا أجواء.
هناك ظواهر خطرة، ومشاكل في البلد تحتاج لأن تضافر جُهُودنا.
نحن بصدد التعبئة الوطنيّة إعلاميِّين، وسياسيِّين، وأمنيِّين، واقتصاديِّين، وخدميِّين من داخل العراق وخارجه؛ حتى نصل إلى ما فيه خدمة للناس.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: المُستشار ليس قطعة عسكريّة موجودة على الأرض هذه أوّلاً، وثانياً هم يستغربون لوجود مُستشارين إيرانيِّين. لماذا الاستغراب؟ مثلما يُوجَد مُستشار أميركيّ يُوجَد مُستشار إيرانيّ، وفرنسيّ، وأستراليّ، وليس لدينا مُشكِلة وقلنا لهم: أنتم لا ترون الحالة ألا يُوجَد لديكم رصد بالأقمار الاصطناعيّة، والطائرات؛ هؤلاء يأتون من الخارج. أين قدراتكم العسكريّة؟
أنا أتكلم في الدائرة السياسيّة مُباشَرةً مع الأطراف والمفاصل الغربيّة وجهاً لوجه: أين أنتم؟ الناس تسأل: أين أثر هذا التواجُد، أين فعله؟
هم يقولون: نحن قدَّمنا، والقوات المُسلـَّحة العراقيّة تشهد أنهم أعطوا معلومات، وهناك دعم جوّيّ، وحتى الإخوة يقولون: نعم.. يُوجَد دعم جوّيّ، ولكنه ليس بالمُستوى المطلوب.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هذا لابدَّ منه، وأنا مع الحشد الدوليِّ، ولا أعتبره ارتقى إلى حجم مسؤوليّته.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: هناك دول مُستفيدة من وجود داعش حتى وإن كان بصورة غير مُباشِرة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: نعم.. مع كلِّ الدول بلا استثناء.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: كلمة (أنتم) يستخدمها غيري -مع احترامي لك- أنا لا أتكلم هكذا. أنا أحترم كلمتي، وعندما أرى شخصاً عمل شيئاً أقولها له وجهاً لوجه، ولا أتردَّد أبداً، ولكن عندما تأتي كلمات من هنا وهناك أسمعه، وأقول له: هناك كلمات عليك، وأنا سمعتها، وأعطيه مجالاً لأن يُدافِع عن نفسه. أنا لستُ قائد فرقة عسكريّة في المعركة، وبيني بينه سلاح مُقابل سلاح أنا في وزارة الخارجيّة عندي أداء، ونمطيّة مسؤول عنها، ولستُ مسؤولاً عن أن أكون عنتريّاً، وأغلق الأبواب على العراق كله، وأعيد العراق إلى مرحلة القطيعة، والانقطاع عن العالم. فلا تتوقع مني أن أقول: أنتم عملتم كذا، وقتلتم، وأشبعهم سبّاً.. هذه العنتريّات لا تـُؤدِّي إلى نتيجة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: العالم يستهوي، ويستقطب بقيّة الدول، والعراق يستهوي، ويستقطب الدول؛ لأسباب مُتعدِّدة. إذا تكلمنا من الناحية الاقتصاديّة فالعراق بلد مُتعدِّد الثروات، وفيه فرص للاستثمار، ومجال تستفيد منه دول العالم، وإذا تكلمنا من ناحية التجربة السياسيّة فالعراق تخلـَّص من الدكتاتوريّة، والآن يدخل النادي الديمقراطيَّ، ومارَسَ منذ عام 2003 إلى الآن سلسلة انتخابات على مُستوى التشريع، وعلى المُستوى التنفيذيِّ، وعلى مُستوى المركز، وعلى مُستوى المحافظات والإقليم، وإذا تكلمنا من ناحية البُنية الاجتماعيّة فهي مُتنوِّعة، ومُتعدِّدة، وكذلك الأديان، والمذاهب، والقوى السياسيّة، وإذا تكلمنا من ناحية التحدِّيات فالعراق يُواجه تحدِّيات شرسة، ومع ذلك يعمل جُلّ اهتمامه من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنيّة، وينأى بنفسه عن التمزُّق، والانحدار إلى مُستوى التحارُب الطائفيِّ، والقوميّ.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا.. كنتُ أقصد الحشد الدوليّ، وقد حصل سبق لفظيّ، وتكرَّر عندي الخطأ أكثر من مرّة. بالمُناسَبة.. وجدتُ أحد القادة العرب قالها، ووقع بالشيّ نفسه.
كلُّ ما حدث هو سبق لفظيّ لا أكثر.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أنا قلتُ: نحن لسنا حكومة ملائكة، ولا تـُوجَد ملائكة نزلت على الأرض، وشكَّلت الحكومة، وحتى لو كانت حكومة فيها صفة ملائكيّة أردتُ أن أمدح بأنَّ هذا الركب ملائكيّ هذه صفة حلوة ولطيفة، ولكن لسنا ملائكة؛ نحن أناس نخطئ، ونشتبه، ولا أحد يدَّعي العصمة لنفسه.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أنا خِرِّيج العراق، وباشرتُ العمل في العراق، وعندما ذهبتُ إلى لندن تفرَّغتُ للعمل السياسيِّ، والفكريِّ فقط وفقط.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا أتكلم الإنكليزيّة ليس لأني لا أعرفها؛ بل لأني أعتقد أنَّ على الآخر الذي يتكلم معي أن يستعين بمترجم، أو أن أستعين بمترجم. لغتي عربيّة، وأتكلم العربيّة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: أعرف اللغة الإنكليزيّة، ولا أتكلم إلا بالعربيّة، وأعرف الفارسيّة، ولا أتكلم إلا العربيّة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: الحكمة هي أنا رجل عراقيّ أتكلم بلغتي.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: وأنا غير مُنكِر للتفاهُم. يأتي مُترجم، ويتحمَّل مسؤوليّة الترجمة. قبل مُدّة تكلم فلسطينيّ، وقال: أنا أتكلم العربيّة فقط، وأنا احترمته، وأتذكَّر مرّة ألقيتُ خطاباً في كارديف في زمن المُعارَضة قام إليَّ اثنان امرأة ورجل، ومدحا، وتوقفا كثيراً عند هذه الصفة، بأنك تتكلم العربيّة، والمُترجم هو مَن يتحمَّل المسؤوليّة.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: بالنسبة لي أنا مُلتزم بجدول بين أن أسافر، وبين أن أستقبل شخصيّات سياسيّة، ولابدَّ أن أنفذه بسرعة لاختزال زمن استرجاع موقع العراق بالصدارة بين دول العالم، وما صار لم يُشبـِع طموحي إلى الآن، نعم.. نحن الآن لسنا في البداية، ولكنه بمُستوى طموحي.
أمّا نظرتي إلى الأخ أبي يُسر حيدر العباديّ، أو غيره فمن كرم أخلاقه كان يُقدِّمني عليه أكثر من مرّة في المحافل الدوليّة، وأنا تأذيتُ أن يُقدِّمني عليه بهذه العناوين، وقلتُ له: يا دكتور أرجوك هذه استحقاقات مواقع، وأنا لا أتضايق منها. هو أو أيُّ شخص آخر غداً وبعد غد يتسنـَّم موقعاً أنا عندي عقد دستوريّ مع الموقع. مَن يصبح رئيس جمهوريّة يُمثـِّل السيادة العراقيّة، ومَن يكون رئيس الوزراء يُمثـِّل الحكومة العراقيّة، ونقول له: دولة الرئيس، ومَن يصبح وزيراً نقول له: معالي الوزير.
هذه عُقـُود سياسيّة نصَّ عليها الدستور، ولا يُشرِّفني، بل أستحي، وأدير -والله- حين يمدحني.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: اخرج قليلاً من الجعفريّ؛ حتى أجيبك عن المفهوم، وأنت تـُطبِّقه أو لا تـُطبِّقه هذا شأنك.
يُوجَد شخص لديه واقع سياسيّ، ويُوجَد آخر لديه موقع وظيفيّ. الشرف الذي يأتي من الموقع الوظيفيّ ينتهي بانتهاء الموقع إذا غادَرَه، ويُوجَد إنسان لديه واقع سياسيّ يستمدُّ شرفه من شرف الواقع السياسيِّ معنويّاً كفكر، وقِيَم، وأخلاق. والناس تتعاطى معه.
لا نـُفكِّك نحن نسبح في هذه البركة من الواقع السياسيِّ المعنويِّ والمادّيّ. اليوم مثلاً: أرجع طبيباً لا تختلف عندي. شرفي من شرف قِيَمي، ومبادئي، والواقع الذي أتعاطى معه بيني وبين الناس. أمّا أن تقول لي وزارة الخارجيّة فلديَّ أصدقاء، وأناس مُخلِصون لديهم قراءات اشاروا عليَّ بتقبُّل وزارة الخارجيّة، وكانت لديهم مُبرِّرات، وقد أثبت الواقع أنهم كانوا على صواب عندما قالوا: ضروريّ أن تتصدَّى لوزارة الخارجيّة، وتصدَّيت، وإن شاء الله قد حقـَّقت طموحهم.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لا غير مُضطرّ، ولكنَّ البلد يحتاج لي أن أكون وزير خارجيّة، بل مُستعِدّ أن أكون مُوظفاً بالخارجيّة، وشرف أن أصير في الاستعلامات.
لابدَّ أن تتحوَّل الوظائف عندنا إلى قيمة أخلاقيّة نتعامل معها. بالنسبة لي لا أفهم الوظيفة إلا من خلال المُوظـَّف، وماذا يُعطي للوظيفة، وليس ما تـُعطي الوظيفة له.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: فيما يتعلق بالدعوة إلى فرنسا اتصل بي السيِّد فابيوس وزير خارجيّة فرنسا، وقد حصل لي عائق حالَ دون أن أسافر. أمّا السعودية فأنا في البداية كنتُ ناوياً الذهاب فعلاً، ولكني وجدتُ السيِّد رئيس الجمهوريّة ذهب، وذهب أكثر من شخص، فوجدتُ الكفاية بالإخوان. وهو تعبير عن أنَّ العراق حضر، أي: تحقـَّق الحُضُور العراقيُّ بغيري. وسعيد مَن اكتفى بغيره.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: لديَّ خمسة أولاد ولدان اثنان، وثلاث بنات كلهم خِرّيجو جامعات، وبعضهم دراسات عليا، ولا واحد منهم موظف. أمّا البقيّة فلا مانع من أن تأتي بقريب بشرط أن يكون كفوءاً، وأميناً، ومُضحِّياً، ولا آتي به لأنه من أقاربي.
الدكتور إبراهيم الجعفريّ: ليس لديَّ صهر، وسلـِّم لي على الذي قال لك، وتشكَّر منه.
النسيب باللغة العربيّة هو زوج ابنتك، أمّا أن تقول لي شخص ابني مُتزوِّج ابنته وهو حق الحكيم فهو رجل كفوء منذ كان في المُعارَضة، ويُساعِد الفقراء، ويعمل ليل ونهار، وجنديّ مجهول جئتُ به بإلحاح مني، وهو يُقدِّم خدمة مجّانيّة.
التعليقات (0)