لبنان و المصير المرهون.
في ظرف تاريخي حساس، احتضنت بيروت قمة ثلاثية جمعت الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز و الرئيس السوري بشار الأسد و مضيفهما اللبناني ميشال سليمان لتدارس الملف اللبناني في ظل المستجدات الداخلية و الإقليمية التي تنذر بتأزم الوضع من جديد.
لا يهمنا في هذا المقام ما ترتب عن هذا الإجتماع الثلاثي من نتائج لأن الإبتسامات و المصافحات و الهدايا المتبادلة أمام عدسات الكاميرا لن تغير الواقع اللبناني. و لئن رأى الكثيرون في هذه المبادرة محطة مهمة من أجل بلوغ الوفاق بين الفرقاء السياسيين في بلاد الأرز، فإن المشكلة اللبنانية أعمق من أن تحل بمجرد اجتماع من هذا المستوى.
ما يدركه الجميع هو أن خيوط اللعبة السياسية في لبنان ليست بأيدي اللبنانيين. إنها تنسج في الرياض و دمشق و طهران و واشنطن طبعا. غير أن مايهمنا هنا هو الدور العربي بالأساس لأن الدورين الأمريكي و الإيراني يرتبطان بالإنقسام العربي أساسا. حيث لا يمكن القفز على الحضورين السعودي و السوري على الساحة اللبنانية. و الولاء السياسي في لبنان منقسم بشكل عام بين تيارين تتحكم فيهما أجندتان متصارعتان تعودنا على نعتهما في الأدبيات الإعلامية بتيار الممانعة مقابل تيار الإعتدال. و هنا تقفز الرؤية الأمريكية إلى الواجهة، حيث معادلة الشر و الخير تفرض نفسها يالواضح و المرموز... و البرودة التي تسربت إلى جسد العلاقات السعودية السورية تندرج في هذا السياق، و لا يمكن اعتبار اللقاء الثلاثي، وقبله زيارة الملك السعودي لسوريا نهاية للجفاء بين دمشق و الرياض.
لقد أصبح لبنان، هذا البلد الجميل، حقلا للتجارب على غفلة من أبنائه الطيبين الذين يحلمون ببلد للجميع يمثل نموذجا رائدا لإمكانية التعايش و التعددية المفقودة في الثقافة العربية، لكن أحكام السياسة و مصالح القوى الخارجية و العقلية الطائفية حولت هذا الحلم اللبناني الجميل إلى كابوس حقيقي. وبات هذا البلد على فوهة بركان قابلة للانفجار في كل لحظة. و المستقبل القريب ينذر بمزيد من العواصف، وتقرير المحكمة الدولية بخصوص اغتيال " رفيق الحريري " قد يمثل نقطة اللاعودة في هذا الشأن. لذلك فإن الوفاق اللبناني القسري لن يستمر طويلا إذا ظل أبناء البلد " يتآمرون " على لبنان من أجل خدمة أجندات خارجية تجعل اللبنانيين يتقاتلون من أجل الآخرين.
إن حل المعضلة اللبنانية هو في أيدي أبناء لبنان. و الطريق إلى ذلك يمر من خلال تجاوز كل الوصايات و الولاءات الخارجية قبل أن يفوت الأوان. هذا إذا لم يكن قد فات فعلا. محمد مغوتي.31/07/2010.
التعليقات (0)