التاريخ : 15/11/2009
عمان-الكوفية -كتب-صالح القلاب-في كل مرة، عندما يطرأ على المسار الفلسطيني المزيد من الاستعصاءات بسبب مواقفها التي تدل على عدم رغبتها في السلام، تلجأ إسرائيل مجدداً إلى تحريك لعبة سباق المسارات، وهي لعبة كانت لجأت إليها، أكثر من مرة، بعد مؤتمر مدريد مباشرة، وحقيقة أنها حققت بعض الإنجازات في ذلك الوقت المبكر، إذ ساد ذلك الشعار القائل: كلٌّ يقلِّع شوكه بنفسه وكل شاةٍ معلقة من عرقوبها.
بعد تصريحات شاؤول موفاز التي تحدث فيها، بعد أن اتخذ (أبومازن) الموقف الذي اتَّخذه احتجاجاً على تراجع الموقف الأميركي بالنسبة إلى مسألة ضرورة وَقْفِ الإسرائيليين كل أشكال وأنواع الاستيطان، عن إمكان التفاوض مع حركة حماس بقصد إثارة حركة فتح وإشعارها بأن بديلها متوفِّر وموجود، ها هو التحرك الفرنسي، حتى وإن كان حَسَن النيَّة، يعطي بنيامين نتنياهو الفرصة لإنعاش لعبة سباق المسارات مرة أخرى وبصورة أكثر خطورة.
عندما يبادر الرئيس ساركوزي، بينما المسار الفلسطيني يعاني كل هذا الاستعصاء بسبب التعنُّت الإسرائيلي، إلى تحريك المسار السوري بطرح اقتراحات مُغْرية للأشقاء السوريين فإنه في حقيقة الأمر، حتى وإن كانت نواياه حسنة، يعطي بنيامين نتنياهو فرصة ذهبية بالفعل لإعادة تلميع صورة إسرائيل، وإظهار أن الجانب الفلسطيني هو الذي يعوق استئناف مفاوضات العملية السلمية، وأنه يتمسك بشروط مسبقة، وأن محمود عباس هو الذي يتحمل المسؤولية.
ربما الرئيس الفرنسي لا يقصد هذا ولا يريده، لكن الحديث عن مؤتمر دولي جديد من دون الاتفاق المسبق على مرجعية عملية السلام، إن على المسار السوري وإن بالنسبة إلى القضية الفلسطينية، ومن دون إلزام إسرائيل بهذه المرجعية سيعطي بنيامين نتنياهو الوقت الكافي ليُناوِر ويتلاعب بعامل الوقت كما يشاء، وبالتالي ليتخلص من الضغط الدولي ومن ضغط الرأي العام، وليخرج من الزاوية الحرجة التي هو فيها، ويضع فيها السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير.
حتى التوصية التي رفعتها لجنة مبادرة السلام العربية إلى مجلس الجامعة العربية لإقرار طلب عقد جلسة لمجلس الأمن في الوقت الذي يقرره للاعتراف بالدولة الفلسطينية ذات السيادة، فإنها ستعطي الإسرائيليين المزيد من الفرص للتمييع والتلاعب بعامل الوقت، إن لم تكن هناك متابعة حقيقية وإن لم يتحرك العرب التحرك الجاد والمطلوب لحمل الولايات المتحدة، تحت ضغط ضرورة الحفاظ على مصالحها الحيوية في هذه المنطقة، على تبني هدف إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة مع تحديد جدول زمني لتحقيق هذا الهدف، واستناداً إلى مرجعية واضحة عنوانها حدود الرابع من يونيو عام 1967.
كان يجب ألا يُعطى بنيامين نتنياهو أي فرصة لتنفيس الضغط الذي يتعرض له، وكان يجب حشره في الزاوية الحرجة وعدم طرح أي اقتراح لا مؤتمر دوليا جديدا ولا إنعاش وضع المسار السوري من قبيل ما يسمى وَهْم الحركة إلا اقتراح ضرورة التزام إسرائيل المسبق وبصورة محددة وواضحة بمرجعية السلام، التي هي القرارات الدولية وخارطة الطريق ومبادرة السلام العربية، والتي عنوانها دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967، ومن ضمنها القدس الشرقية.
التعليقات (0)