لافتات المرشحين . و مرشحى اللافتات .
, كل عام يحمل بصمة مميزة له . خاصة اذا كانت كارثية .
و كما كان الأقدمون يتخذون من الأحداث الهامة أعواما للتأريخ فيقال قبل الميلاد أو بعد الميلاد . وعام الفيل , وعام الرمادة ,
و فى العصر الحديث : قبل 11 سبتمبر وبعد 11 سبتمبر , و تذكر الناس اليوم و الشهر و بدأوا فى نسيان السنة التى وقع فيها الحدث .
عندنا نؤرخ بطريقة دراماتيكية .
فنقول عام الزلزال . و عام كارثة القطار ، و عام غرق العبارة .
و نقول أيضا سنة فوز المنتخب بكأس أمم أفريقيا .
و نكمل الدراما حين نقول قبل استقالة الوزير – وزير النقل – أو بعد استقالة الوزير .
و رجال المال و الأعمال يقولون سنة سقوط البورصة . و يقولون سنة رخص أسعار الحديد و سنة ارتفاع سعر الأسمنت .
المواطن العادى : يسمى سنة زواج نجله أو نجلته سنة بيضا . و ماعداها فسنة سوداء .
معظم الأجيال ( حوالى 60 % من الشعب ) لا تتفوه بكلمة أيام الرئيس السابق فهم لم يعايشوا سابق , و لا تؤرخ بأى حدث و تستعجب حينما نؤرخ بأيام خوالى و مجد تليد .
عام 2010 هو عام الانتخابات .
لأن الفترة بين حل المجلس التشريعى – انهاء دور الانعقاد – و دعوة المواطنين الى الترشح و من ثم انتخاب مرشحيهم – أربعون يوما –
و هى غير كافية على الاطلاق لتفجير طاقات المرشحين و عرض أنفسهم على الناخبين و لذا :
بدأوا مبكرا ، حتى تطول فترة الدعاية . و حتى يعلق الاسم و الصورة بذاكرة الناخب تمهيدا للتجول فى انحاء الدائرة . و مصافحة وتقبيل و مجالسة ( اللى يسوى و اللى ما يسواش )
استجداء لرضاهم و محاولة النفاذ الى قلوبهم و عقولهم .
و هى نفس الفترة التى يحاول فيها الناخب النفاذ الى جيوب المرشحين .
المرشح تكون له بطانة . من أخلص أقاربه و معارفه و من بعض محترفى الترويج و الانتخابات .
بين المرشح و الناخب و خلال فترة الدعاية ( التسويق ) نشأ بعض السماسرة و محترفى أصطياد المرشحين . من معتنقى فلسفة ( البلد كلها فى جيبى ) و ( عيلتى متقدرش تخرج عن طوعى ) و ( احنا برضه لينا كلمة فى البلد ) .
و أيضا من المطيباتية ( حط ف بطنك بطيخة صيفى ) – لا أدرى لماذا صيفى بالتحديد – و ( لا تحمل هم لهذه اللجنة احنا نقفلها بالسنج و المطاوى ) .
و نشأ على الهامش بعض محبى الظهور – يسمونهم كدابين الزفة – ونشأ أيضا من لهم أطماع فى الدورات الانتخابية القادمة , ولكن هذه الدورة فرصة للتعرف على أبناء الدائرة – ببلاش – حيث التجول فى سيارات المرشح الحالى بالمجان .
بعض المرشحين – آسف فى التعبير – نكرات و جهلاء بل بعضهم أغبياء .
استوقفتنى كثرة اللافتات وجودة صنعتها , حيث تطورت كثيرا, فمنذ فترة ليست بالبعيدة كانت اللافتات القماش ( الدمور و البفتة و البيكة ) بيضاء أو ملونة هى الغالبة .
الآن لافتات بلاستيكية جميلة و الكتابة بالألوان و الأرضيات مرسومة . تعلوها صور المرشحين برباط العنق و البزة الخطيرة – لا أدرى لماذا حجم رؤوس المرشحين كبير جدا مقارنة بسائر الجنس البشرى - .
اضافة الى اللوحات المضيئة و أيضا عليها اسم المرشح و صورته و موقعه الوظيفى – بالتأكيد السابق - , اضافة الى شعار اتخذه لنفسه , شعار مكرر و ممطوط و مبتذل على طريقة ( من أجلكم ) ، ( منكم ) ، ( لكم ) ، ( ابن الدايرة ) .
و رجل الصناعة ، و رجل القانون ، و رجل الأعمال .
و لم أر على لافتة أيا منهم دعوة لمحاربة الفساد – هل يعقل أن يحارب المرشح نفسه – أو محاربة الغلاء . أو القضاء على البطالة . اذا يبدو أنها أصبحت أمنيات . و أن الناخب الواعى لم تعد تجدى معه شعارات دغدغة المشاعر و اختار طريقة ( اللعب ع المكشوف ) .
تيار الاسلام السياسى لم يكشف عن مرشحيه . و لم ينزل الى حلبة الدعاية مبكرا و بعد أن صدر القانون بألا تحمل الدعاية أية توجهات دينية أظنهم يدرسون الآن شعارا بديلا لشعار ( الاسلام هو الحل ) و هذا حالهم ينزلون دائما فى اخر لحظة .
على ان لافتات النواب الحاليين و صورهم أكتسبت أيضا نوعا من حصانة أصحابها .
فها هى أجهزة الحكم المحلى بالتعاون مع الكهرباء تنزع اللافتات من على أعمدة الانارة و لكن اياك أن تقترب من صور و لافتات النواب الحاليين .
وصلت الدرجة أنه يتم توسعة طريق رئيسى يربط بين محافظتين . فقام صاحب الكافتيريا ( المزمع ازالة السور و جزء من حديقتها بغرض التوسعة ) قام بوضع صورة كبيرة للسيد رئيس الجمهورية و على جانبيها صورتان للنائبين و بالفعل لم تتم الازالة و تم توقف عمل التوسعة .
ناهيك عن الذى بنى منزلا مخالفا على أرض زراعية و سارع بوضع لافتة ضخمة عليها صورة عضو مجلس الشعب أمام المنزل المراد ازالته .
ان أى تحرك للبلدوزر سوف يصيب اللافتة و يطرحها أرضا و هذا فى حد ذاته أصعب على المجتمع المحلى من تصعيد ايران لتخصيب اليورانيوم ليكون 100 % بدلا من 20 % .
و تبقى الانتخابات فى النهاية . اما لافتات للمرشحين . أو مرشحين ليسوا سوى لافتات .
التعليقات (0)