علي جبار عطية
الأربعاء 11-09-2013
حقاً ان العافية تاج على رؤوس الأصحاء .. يلمس ذلك كل من يقتحم جسمه فايروس لا يرى إلا بأدق المجاهر وتعجز كرياته البيض عن مواجهة العدو الغريب الذي يدخل بزي صديق - كعادة الكثير من الناس هذه الأيام - فترتفع الحمى ويقع المرء صريعاً في الفراش ويكون شرب قدح من الماء الصافي أمنية الأماني !
كنت في زيارة لأحد الأصدقاء فتكلم لي بأسى عن حالة ابن أخيه الشاب الذي لم يبلغ العشرين لكن كليتيه أعلنت توقفهما التام فاضطر إلى البحث عن متبرع يمنحه كلية واحدة يقضي بها ما تبقى من حياته فدله أبناء الحلال على ( دلال ) يتوسط في بيع الكلى فجاء له بثلاثة أشخاص قرويين من إحدى قرى الموصل لحسن الحظ لديهم ثقافة تقول ( من العار ان يعيش المرء بكليتين) !!
اتفق صاحبنا مع واحد منهم وكان الاتفاق يقضي بان يمنح المتبرع كليته مقابل سبعة ملايين دينار عراقي ويأخذ الدلال عمولة قدرها خمسة ملايين دينار اما كلفة إجراء العملية فتبلغ ثمانية عشر مليون دينار أي ان كلفة العملية تبلغ ثلاثين مليون دينار عراقي اي نحو ( 25 ) ألف دولار أمريكي حسب سعر الصرف هذه الأيام !
الشاب يتعافى حالياً والعملية نجحت إلا ان الذي استوقفني ليس ما كلفته العملية ولا العرف السائد عند أبناء القرية بشأن التبرع بالكلية وإنما دهشت للمبلغ الذي يتقاضاه الدلال او السمسار عند كل عملية فما هو الجهد الذي بذله في هذه الصفقة وما نوع وحجم التضحية التي قدمها وهل يقاس جهده بجهد الطبيب الذي أجرى العملية او الكادر الطبي الذي أسهم في اعطاء شيئا من الأمل في حياة إنسان ؟
ونعود إلى المتبرع وبغض النظر عن وعيه وادراكاته والفقر الذي اضطره إلى بيع عضو من أعضائه إلا ان المردود المادي الذي يحصل عليه لا يعني شيئاً حسب أسعار السوق والتضخم والقدرة الشرائية فهل يستطيع مثلا تأسيس مشروع يدر عليه ربحاً يغنيه عن الناس مثلاً ؟
وماذا يعني مبلغ سبعة ملايين دينار ؟ انه ليس إلا نصف راتب شهري من رواتب احد ممثلي الشعب من الذين يحصلون عليه من غير كد وإذا أراد المتبرع استثماره فربما يمكنه الحصول على سيارة نوع ( سايبا ) إيرانية الصنع إذا تجرأ وساقها في احد شوارع الموصل فربما تكون فيها نهايته بوصفها سيارة صفوية حسب وصف المتطرفين ! والأهم من ذلك أن المقابل الذي يحصل عليه المتبرع بكليته لايتناسب مع التضحية التي قدمها مقارنة مثلا بالثمن الذي يحصل عليه من تبرع بضميره ؟
التعليقات (1)
1 - المغرب .. المعذبون فى الأرض
محمد المغربى - 2013-10-14 11:51:57
في الطريق إلى منابع أم الربيع لا زال منظر أولئك الأطفال يطاردني .. أتذكر أنه وقتها حرمني النوم ، وكنت أظن أنني نسيت الموضوع ، لكن ما أن أطلق تجمع المدونين المغاربة حملته حول \"أطفال لا يخيمون \" ..حتى بدات كل مشاهد البؤس التي رأيتها ..وكل الأطفال المحرومين الذين صدفتهم في حياتي تلاحقني ، وتلح علي أن أكتبي عنا \"فنحن المعذبون في الأرض. أنه بالضبط صيف 2007 ، حين قررت أنا وأسرتي الصغيرة الأقامة خلال العطلة الصيفية بمدينة إيموزار (ايموزار، مدينة مغربية تقع على سفوح جبال الأطلس المتوسط على الطريق الوطني الرابط بين فاس و مراكش) وكل من يعرف المدينة الصغيرة والجميلة ، يعرفها أنها منتجع صيفي للتخييم بأمتياز ، ولا يمكنك التجول فيها دون أن تلتقي بأفواج الأطفال المخيمين ، من جميع الهيئات ، بلباسهم الموحد وصفوفهم المرصوصة وأناشيدهم العذبة ، أنهم يؤثثون مشهد المدينة ، شيء جميل …مفرح ..لكن لا يمكن أن تظل في المدينة الصغيرة طول الوقت ، فلا بد أن تزور الأماكن المحيطة بها ، عين فيتيل حيث الأطفال أيضا يبعثون فيك السعادة …إفران.. في أحد الايام قررنا أن نزور منابع أم الربيع وهناك ستنقلب الصورة الجميلة التي راقصت العيون وسنصادف على الطريق أطفال لا تظهر لملابسهم ألوان ولا تظهر على وجوههم ملامح . أستوقف الصغير السيارة ولكم أن تتوقعوا سنه فقامته بالكاد تصل لزجاج النافذة يحمل بيده سلة صغيرة من التين لا يعرف ألا لغته المحلية ، لم أستطع التواصل معه ... باقى المقال بالرابط التالى www.ouregypt.us لكني عرفت أنه يريد بيعنا التين تالمت من المشهد خصوصا وأن أبني الصغير الذي لا يكبره ألا بالقليل يطرح علي أسئلة محرجة ماذا يفعل الصغير ؟ ....