مواضيع اليوم

كلمة الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزيـر الخارجيّة العراقيّة في " القِمّة العالميّة للأجندة الإنمائيّة لِمَا بعد عام 2015 "

بسم الله الرحمن الرحيم

السيِّدان الرئيسان المُتشارِكان..

أصحاب الجلالة، والفخامة رؤساء الحكومات، ورؤساء الوفود..

السيِّد الأمين العامّ..

 

      يطيب لي بالنيابة عن شعب وحكومة العراق أن أتقدَّم لرئيسَي الجلسة بخالص التهاني على ترأسهما هذه القِمّة العالميّة التي تحمل آمالاً، وطموحاتٍ كبيرة يُراد لها أن ترتقي إلى حجم التحدِّيات، والعقبات التي تقف في طريق الدول نحو تحقيق التنمية المُستدامَة بأبعادها الثلاثة، وعلى نحو مُتكامِل، ومُتوازِن.

وأودُّ، ابتداءً أن أتقدَّم بالشكر والتقدير للسيِّد بان كي مون الأمين العامِّ الذى قدَّم لنا تقريراً وافياً عن دور الأمم المُتحِدة في السنوات الخمس عشرة المُقبـِلة.

     إنـَّه لمن دواعي سُرُوري، وغِبطتي أن أمثـِّل بلدي العراق في هذا اليوم التاريخيِّ للحضارة البشريّة؛ لأنـَّنا اليوم سنـُقرِّر ما فيه مصلحة الأجيال الحاليّة، والأجيال اللاحقة.. تلك الأجيال التي سيعتمد نجاحها في المحافظة على الإرث البشريِّ، وإيصاله إلى الأجيال اللاحقة على ما نـُقدِّمه من تعهُّداتٍ بحماية كوكبنا، وتمويل لتحقيق العدالة بين الذين يملكون، والذين لا يملكون؛ ومن تصوُّر مبنيٍّ على العلم لما يجب أن يكون عليه المُستقـبَل، ومن مُعالـَجةٍ فعّالة لتحدِّيات الحياة، ولاسيَّما الإرهاب العالميّ، وتغيُّر المناخ.

     إنَّ عالم اليوم قد يكون مُختلِفاً عما كان عليه قبل سبعين سنة، ومع ذلك فإنَّ هناك العديد من التشابُه الكبير لايزال ماثلاً أمامنا، فانعدام المُساواة الحقيقـيّة بين الدول من الناحية الاقتصاديّة، والخدمات الأساسيّة، والرفاهيّة الاقتصاديّة لايزال موجوداً في الدول النامية، ولاسيَّما في الدول الأقلِّ نـُموّاً، ومن جانب آخر أنَّ العديد من الدول لم تستطع نتيجة تحدِّيات، ومُعوِّقات عِدّة أن تـُحقــِّق أهداف التنمية المنصوص عليها دولـيّاً بما فيها الأهداف الإنمائيّة للألفيّة.

السيِّد الرئيس..

     إنـَّه وعلى الرغم من الجُهُود التي بذلتها الدول الأعضاء في الأمم المُتحِدة طيلة السنوات الخمس عشرة الماضية، إلا أنـَّنا لانزال نـُعاني من تحدِّيات عالميّة تستلزم جُهُوداً عالميّة، وشراكة حقيقـيّة واضحة المعالم، ومدعومة بتمويل دوليٍّ، ووسائل تنفيذيّة خاضعة لآليّات مُراقبة، ومُتابَعة لمعرفة التقدُّم المُحرَز. ولعلَّ أهمَّ تلك التحدِّيات هو انعدام الأمن العالميِّ؛ بسبب الإرهاب، والتطرُّف، والحُرُوب التي حوَّلت المُجتمَعات الآمنة إلى مُجتمَعات يسودها الإحباط، والخوف، والبطالة، والأمراض، والفقر.

     إنَّ بلدي العراق يتعرَّض لهجمة إرهابيّة شرسة ذات طبيعة عابرة للحُدُود، وبقدرات تمويليّة غير مسبوقة تـُهدِّد السلم والأمن الداخليَّ في العراق والعالم، وتقضي على الإنجازات التي حقـَّقها العراق في مجال تحقيق الأهداف الإنمائيّة للألفيّة، والتكامُل بين الأبعاد البيئيّة، والاقتصاديّة، والاجتماعيّة للتنمية المُستدامَة، ولاسيَّما القضاء على الفقر المُدقِع، وإنَّ بلدي يُواجه هذه الهجمة البربريّة التكفيريّة التي يقودها كيان داعش الإرهابيّ، والمجاميع الإرهابيّة المُتعاونة معه نيابة عن المُجتمَع الدوليِّ الذي يتوجَّب عليه أن يأخذ بنظر الاعتبار الحالة الاستثنائيّة التي يمرُّ بها العراق؛ كونه من الدول التي تمرُّ بظروف خاصة تستلزم عناية المُجتمَع الدوليّ.

    ويُرحِّب وفد بلادي بما وَرَدَ في الإعلان من الاعتراف بأثر السلم والأمن على مُجمَل نشاطات، ومشاريع التنمية المُستدامَة في الدول، وإنـَّه يصعب تحقيق أهداف التنمية المُتفـَق عليها دولـيّاً، بما فيها أهداف التنمية المُستدامة من دون وجود الأمن والسلم، كما نـُثمِّن الإشارة إلى أوضاع المُهاجرين والمُهجَّرين داخليّـاً، والاستثمار في البُنى التحتـيّة.

      نعتقد أنَّ أهمّـيّة المُساعَدات الإنمائيّة الرسميّة تكمن في أنـَّها ذات أثر مُهـِمٍّ جدّاً في مجال مشاريع البُنى التحتيّة، ولاسيَّما في البلدان التي تـُعاني من آثار الحُرُوب التقليديّة، أو الحرب على الإرهاب العالميِّ الذي دمَّر البُنى التحتـيّة في المُدُن التي سيطر عليها، ونـُرحِّب بما تحقـَّق من جُهد، وتعهُّدات طموحة في مُؤتمَر أديس أبابا في تموز المنصرم الذي يُؤشِّر على فهم واضح لتحدِّيات التنمية المُستدامَة.

   يرى وفد بلدي ضرورة أن تـُنفـَّذ تعهُّدات هذا المُؤتمَر العالميِّ بشكل عاجل بالنسبة للبلدان التي تمرُّ بظروف خاصة ذات طبيعة أمنيّة، أو بيئيّة في مجال تمويل مشاريع البُنى التحتـيّة التي دُمِّرت بسبب الحُرُوب، والإرهاب، والكوارث الطبيعيّة، ومُواجَهة أزمة اللاجئين والنازحين داخلـيّاً.

      إنَّ تقوية أجهزة الأمم المُتحِدة، ووكالاتها المُتخصِّصة، ولاسيَّما منظومة الأمم المُتحِدة للتنمية يُعَدُّ أمراً ضروريّاً في مجال تنفيذ الأجندة الإنمائيّة لما بعد 2015، فنحن أمام تحدِّيات عابرة للحُدُود من حيث طبيعتها، وتطلعاتها، وطموحها، وهي جميعها تستلزم نظاماً عالميّـاً أكثر شفافـيّة، وانسجاماً، وتماسُكاً يكون محوره الإنسان، ويعمل على توفير الظروف المُمكِنة لتحقيق التنمية المُستدامة، كما أنَّ التحدِّيات العالميّة تحتاج حُلولاً عالميّة، ومُؤسَّساتٍ يتصف عملها بالانسجام، والتكامُل تعمل على تعبئة الجُهُود المُختلِفة الحكوميّة وغير الحكوميّة؛ من أجل مُواجَهتها بشكل بنـّاء، ومُستدام.

     إنَّ على الأمم المُتحِدة أن تكون مفتوحة في مجال تحشيد الموارد المالـيّة للتمويل، وأن تـُحافِظ في الوقت ذاته على الطبيعة الحكوميّة الدوليّة لها بوصفها مُنظـَّمة للدول الأعضاء، وتخضع لمُشارَكة مُنتظـَمة، وفعّالة من قِبَل الدول الأعضاء فيها.

      إنَّ الحقَّ بالتنمية يُواجه عقبات دوليّة، ووطنيّة على حدٍّ سواء؛ ومن أجل تطبيق الحقِّ المذكور لابُدَّ من إزالة تلك العقبات بطريقة مُتوازِنة مبنيّة على حقوق الإنسان، وأن يكون محور التنمية هو الإنسان، وهدفها رفاهيـّته.

       يرى وفد بلادي أنَّ التجارة والصناعة هما موردان أساسيّان يجب جعلهما مُحرِّكاً للنـُموِّ الاقتصاديِّ من خلال الاندماج في النظام التجاريِّ المُتعدِّد الأطراف، وتيسير انضمام الدول النامية ولاسيَّما أقلّ البلدان نـُموّاً إلى مُنظـَّمة التجارة العالميّة، إضافة إلى تعزيز القدرات الوطنيّة في مجال الصناعة المحليّة، والتصدير؛ من أجل تعزيز، وتنويع مصادر التمويل، وتنويع الاقتصاد الوطنيّ.

       إنَّ التعاون الدوليَّ في مجال نقل التكنولوجيا، ونشر، ونقل المعلومات من خلال شبكات التواصُل الاجتماعيِّ يُعَدُّ من أهمِّ الأدوات التي يُمكِن من خلالها تعزيز، وتيسير وُصُول المُواطِنين إلى المعلومات الصحيحة، والموثوقة من تحقيق التنمية المُستدامَة؛ ومن أجل مُحارَبة الإرهاب، والتطرُّف فكريّاً، وتعزيز المفاهيم المُعتدِلة دينيّـاً، والقضاء على الأفكار التكفيريّة التي عاثت في الأرض فساداً، وأخـَّرت العديد من الدول عن بُلـُوغ أهداف التنمية المُتفـَق عليها دوليّـاً.

     ونودُّ التأكيد على أهمّـيّة بناء القدرات الوطنيّة، ولاسيَّما في تعزيز، وتحديث الأنظمة الضريبيّة، والقضاء على ظاهرة التهرُّب الضريبيِّ، وتوسيع القاعدة الضريبيّة، وتجميع الموارد المحليّة اللازمة لتنفيذ أهداف التنمية المُستدامة.

     وترى بلادي أنَّ رصد الأموال لتمويل التنمية المُستدامَة، والتنفيذ الفعَّال لِمَا اتـُفِقَ عليه يستلزم وجود قاعدة معلوماتيّة مُحدَّثة، وموثوق بها؛ لتمكين صُنـَّاع القرار، والسياسات من اتخاذ القرار السليم؛ ومن هنا لابُدَّ من بناء قدرات الدول النامية في المجال الإحصائيِّ من خلال تعزيز قدرات الأجهزة الإحصائيّة الوطنيّة في تجميع، وتبويب المعلومات استناداً إلى مُختلِف المُؤشِّرات الإحصائيّة التي سيُتفـَقُ عليها لاحقاً في بداية السنة المُقبـِلة.

       إنَّ عمليّة وضع مُؤشِّرات إحصائيّة لأهداف، وغايات التنمية المُستدامة يجب أن تـُراعي الأهمّـيّة المُتساوية لجميع الأهداف، وأن تكون مُنسجـِمة مع بعضها البعض، وأن تتصف بالإيجاز لعدم القدرة الفنيّة على إنتاج مُؤشِّرات للقياس تتصف بالكثرة والتنوُّع، كما أنـَّها يجب أن لا تتناول أدوات وضع السياسات في الدول، وأن تعكس النتائج العامّة للتقدُّم المُحرَز.

      إنَّ العراق يُقدِّر عالياً التعهُّدات، والالتزامات الماليّة، والمعونة التي قـُدِّمت من قِبَل العديد من الدول الصديقة، والمانحين الدوليِّين، ووكالات الأمم المُتحِدة المُتخصِّصة في مجال مُعالـَجة الأزمات الإنسانيّة، ولاسيَّما أزمة النازحين الذين تجاوز عددهم المليونين، والناشئة من الهجمات الإرهابيّة لكيان داعش الإرهابيّ؛ ممّا هجَّر الناس من مُدُنِهم، وموارد رزقهم، وأثـَّر على تنمية المناطق التي يحتلها ذاك الكيان الإرهابيّ.

والسلام عليكم ورحمة  الله وبركاته.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !