بسم الله الرحمن الرحيم
السيِّد الرئيس...
أصحاب المعالي...
السيِّدات، والسادة الحُضُور الكرام...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
اسمحوا لي في البداية أن أتقدَّم بالتهنئة إلى روسيا الاتحاديّة لتولـِّيها رئاسة مجلس الأمن هذا الشهر، ولِمَا بذلت من جُهُود كبيرة، وشفـَّافة في تنظيم عمل المجلس، كما أخصُّ بالشكر نيجيريا لجُهُودها الكبيرة المبذولة خلال رئاستها مجلسَ الأمن الشهر الماضي، وأودُّ الترحيب بإحاطة السيِّد بان كي مون الأمين العامِّ للأمم المُتحِدة حول الإرهاب.
لقد أكدنا مراراً في كلماتنا أمام مجلس الأمن المُوقـَّر على ضرورة مُحارَبة الإرهاب، وأهمّـيّة تعزيز التعاون بين جميع الدول في هذا المجال، وأنَّ أيَّ تلكـُّؤ سيُؤدِّي إلى تقوية وجود الجماعات والمُنظـَّمات الإرهابيّة، وتمدُّدها إلى دول ومناطق أخرى. ولعلَّ الأحداث الأخيرة المُؤسِفة في كلٍّ من الكويت، والسعوديّة، وتونس، ومصر، وسورية، وفرنسا، ودول أخرى إقليميّة وعالميّة خير دليل على ما أشرنا إليه سابقاً، وما يشهده بلدي العراق الذي يُقارِع أصالة عن نفسه، ونيابة عن العالم كلـِّه أعتى قوى الإرهاب والتطرُّف؛ وهو ما يدفعنا للتأكيد من جديد على ضرورة تعزيز التعاون الدوليِّ، وتحفيز الدول الأعضاء على تنفيذ التزاماتها بموجب قرارات مجلس الأمن 2170، و 2178، و 2199 التي تـُدين التطوُّع لصُفـُوف كيان داعش الإرهابيِّ، وتفرض التزامات على الدول لمنع تدفـُّق المُقاتِلين الإرهابيِّين الأجانب، وتحِدُّ من التمويل للتنظيمات الإرهابيّة كداعش، والجماعات المُسلـَّحة المُرتبـِطة به من واردات النفط، وتهريب الآثار، وغيرها من الأموال المسروقة، والأعمال غير المشروعة.
السيِّد الرئيس...
أدَّى هُجُوم كيان داعش الإرهابيِّ على المحافظات العراقـيّة، واجتياحها المُدُن والقرى إلى نـُزُوح جماعيٍّ لِمَا يزيد على مليوني ونصف المليون مُواطِن هَرَباً من بطش داعش. وتسعى الحكومة العراقـيّة جاهدةً إلى اتخاذ جميع الخطوات المُمكِنة لحماية المُتضرِّرين، والمُهجَّرين بمَن فيهم الأطفال، والنساء، والأقلـّيّات الدينيّة والعِرقـيّة، وتهيئة الظروف التي من شأنها أن تـُفضي إلى عودة النازحين، وتكفل لهم الأمان، وبما يحقق عودتهم إلى مناطقهم، كما اتخذت الحكومة تدابير تهدف إلى تلبية الاحتياجات العاجلة للأعداد المُتزايدة من النازحين داخلـيّاً على الرغم ممّا يُعاني العراق منه من عجز في المُوازَنة جراء الانخفاض الحادِّ في أسعار النفط الذي يُشكـِّل الرافد الأساس في المُوازَنة إلى جانب النفقات العسكريّة.
السيِّد الرئيس...
إنَّ العراق يُواجِه تحدِّيات كبيرة، وخطيرة؛ بسبب الهَجَمات الشرسة للإرهابيِّين التي تستهدف بصورة مُباشِرة التجمُّعات المَدَنيّة، والأسواق، والمدارس، والمستشفيات، وقتل، وإعاقة الآلاف من المَدَنيِّين الأبرياء، وارتكاب انتهاكات منهجيّة لحُقوق الإنسان ما يُمكِن أن تـُصنـَّف بوصفها جرائم حرب، أو جرائم ضدَّ الإنسانيّة، وتـُواصِل حكومة بلادي توفير الدعم على الصُعُد كافة للسلطات، والمُجتمَعات المحليّة لتضطلع بمسؤولـيّات أكبر في استعادة الأراضي الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابيِّ، وتوفير التدابير لتحقيق الاستقرار في المناطق التي استـُعِيدت من تنظيم داعش الإرهابيِّ، وإعادة بنائها، وتسعى حكومة بلادي لتعزيز جُهُود المُشارَكة الوطنيّة مُضافاً إلى المُصالـَحة من خلال عقد اجتماعات مُنتظـَمة بهدف التوصُّل إلى توافـُق في الآراء بشأن استراتيجيّة مُتماسِكة لترسيخ الوحدة الوطنيّة، وتعزيز السلام، والاستقرار؛ إيماناً منها بتعزيز روح الوحدة الوطنيّة كأحد أكثر السُبُل فعاليّة في مكافحة التطرُّف العنيف.
لقد مضى على احتلال مدينة الموصل خمسة عشر شهراً، فيما مضى على تشكيل التحالف الدوليِّ اثنا عشر شهراً، وتـُواصِل القوات المُسلـَّحة العراقـيّة مُواجَهتها البطوليّة على الأرض، وتتفانى من أجل تحقيق النصر على داعش الإرهابية تـُسنِدها القوات الجوّيّة الصديقة للتحالف الدوليِّ؛ مما تسبَّب بهزيمتها في مناطق حزام بغداد، وجرف الصخر، وحمرين، وبيجي، والإسحاقي، وصلاح الدين، والفلوجة، لكني أسترعي انتباهكم بأنَّ عدد الدول التي يتوافد منها الإرهابيّون كان العام الماضي وبمثل هذا الشهر 82 دولة أمّا الآن فتجاوز 100 دولة؛ ممّا يستدعي اتخاذ تدابير أكثر جدّيّة، وصرامة من قبلكم، كما أنَّ ساحة تواجُد الإرهاب اتسعت لتشمل دول الشرق الأوسط، وتجاوزته إلى أوروبا، وكندا، وأستراليا.
تشكر حُكـُومة بلادي جميع الدول المُشارِكة في التحالف الدوليِّ، وتـُؤكـِّد أنَّ انتهاك حُرمة المسجد الأقصى باعتبار أنَّ الإرهاب أصبح ظاهرة مُعولـَمة؛ ولذلك لا يُمكِن أن نتداول العراق بمعزل عن الدول العربيّة الأخرى.
إنَّ انتهاك حُرمة المسجد الأقصى تـُثير من الأسباب التي تـُستغـَلُّ في دفع وتيرة الإرهاب، ورفعها، وانتهاك المزيد من الحُرُمات. نـُؤكـِّد على ضرورة اعتماد الحُلـُول السياسيّة في كلٍّ من سورية، واليمن، وليبيا.
لا أنصْعَ من تجربة العراق في المُشارَكة السياسيّة بين أبناء المذاهب المُختلِفة سُنـّيّة وشيعيّة، ولا أروع من تجربته في التقريب بين أبناء الديانات المُختلِفة.
ختاماً.. تشكر حكومة بلادي جميع الدول المُشارِكة في التحالف الدوليِّ، ودول الاتحاد الأوروبيّ لتصدِّيها للإرهاب، ومُسانـَدتها اللوجستيّة، والعسكريّة حكومة ً، وجيشاً، وشعباً، ولجُهُودها في دعم جُهُود العراق في استعادة الأراضي التي احتلها هذا الكيان الإرهابيّ، والشكر موصول لمجلس الأمن لحثـِّه المُجتمَع الدوليَّ على دعم حكومة العراق في مُكافـَحتها تنظيم داعش الإرهابيّ، والجماعات المُسلـَّحة المُرتبـِطة به، وفي هذا الصدد ندعو المُجتمَع الدوليَّ، والشركاء الإقليميِّين إلى العمل بالمزيد من الحرص؛ لمنع التهديدات الإرهابيّة، وإضعافها، ونـُكرِّر أنـَّه لا يُمكِن دحر الإرهاب إلا باتباع نهج يتسم بالمُثابَرة، والشُمُول يقوم على مُشارَكة جميع الدول، والمُنظـَّمات الدوليّة، والإقليميّة، وتعاونها بفعاليّة في منع التهديدات الإرهابيّة.
وشكراً..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
التعليقات (0)