قُل تعالوْ إلى كَلِمةٍ سواء ...
عندما تتحكم المصالحُ وتُغيَّب المبادىء , وعندما يتفَّشى الجهلُ وتنعدم الحكمةُ والفهم , وعندما يقودُنا التعصبُ ويختفى من قاموسِنا كلماتٌ مثل التسامحِ والإخاءِ والتعايشِ وعندما يتصدى للمشهدِ العامةُ والدهماءُ ويختفى من المشهدِ أهلُ الخبرة والحكمةِ إمَّا خجلاً أو خوفاً أو كسلاً أو إنتظاراً لموقفٍ ما , فهنا نقول على الدنيا السلام ,و هذا هو حالُ مصرَ الآن , مصرُ الآن تأنُ وأبناؤها كلٌ فى وادٍ يهيمون..يتصارعون و يتقاتلون وما من مُجيب , وويجب علينا الآن أن نترك إنتمائنا لحزبٍ أو جماعة وأن ننتمى لمصرَ التى جاء ذكرها فى القرآن ... "بسم الله الرحمن الرحيم إدخلوا مصرَ إن شاء الله آمنين صدق الله العظيم" ,
فإذا كان الداخلون الى مصر آمنين أفلا نأمنُ ونحن فى مصر وننتمى الى مصر؟؟؟
يا سادة أولا وقبل كل شيىء يجب أن نتوقف من أن يتهم كل منا أخاه فكلنا مصريون وكلنا ننتمى الى مصر , ويجب أن نتوقف عن إتهام بعضنا البعض فهذا إخوانى وهذا سلفى وهذا ليبرالى وهذا عَلمانى وهذا كافر وهذا صوفى وهذا شيعى وهذا قبطى وهذا مسيحى وهذا متدين وهذا ملحد وهذا معى وهذا ضدى .......
ثانيا يجب أن نُقرَ ونتعرفَ أن هناك ثورةٌ قامت فى مصر نتيجة للظلم والفساد وأن نتاج هذه الثورة هو نظامٌ جديدٌ منتخبٌ بإنتخابات نزيهة وشريفة وكان الفائز فيها هو الرئيس محمد مرسى الذى ينتمى الى تيار الاخوان , و ذلك لا يعيبه ولا يعطيه أى تميز غير نتيجة الانتخابات , وأن الرئيس محمد مرسى بإنتخابه أصبحَ رئيساً لمصر وكل المصريين من كل الطوائف ويجب على الجميع طاعته وإحترامه , وكذلك يجب علينا أن نقول له أحسنت عندما يُحسن وأخطأت عندما نراه من وجهة نظرنا أخطأ وهذه هى الديمقراطية والشورى , ولا خير فينا إن لم نقُلها ولا خير فيه إن لم يسمعها , ولكن نقول لا أو نعم بالأصول وبالقانون وليس بالتخريب والتقاتل والتطاول على الرئيس .
ثالثا يجب علينا أن لا نتعصب إلى جماعتنا أو حزبنا أو رأينا وأن نتصيد الأخطاء أو نتجادل فى الحق وهو بيِّنٌ وواضح أو نتلاعب بالألفاظ تحويلا للحق وتغييبا للمنطق , وأن ترك الامر لأولى العلم والتخصص والثقة , ويجب على الرئيس محمد مرسى أن يتسع صدره للحميع وأن لا يُغلِبَ عشيرته أو مؤيديه أو أبناء جماعته مهما كان رأيهم أو موقفهم لأنه هنا هو رئيس للجميع فيسمع لهذا ولهذا ويلتزم برأى الاغلبية والصواب , وكذلك لا عيب ولا ضرر إذا غيرَّ الرئيس محمد مرسى موقفه نزولا على رأى الاغلبية أو أهل العلم والتخصص, فتغيير موقفه أو رأيه حفظاً لوحدة الامة يُعتبر من فقه الضروريات والأولويات , وهو موقف اذا أتاه سيحسَبُ له أن شاء الله.
رابعا وهو الاهم فالخلاف الدائر هذه الأيام بين الإعلان الدستورى المؤقت للرئيس محمد مرسى ثم الاستفتاء على الدستور الجديد , وكلا الامرين ( الاعلان الدستورى والاستفتاء على الدستور المقترح الجديد) لا إختلاف عليهما موضوعا ( وهو رأى الشخصى المتواضع) ولكن الإختلاف جاء من الطريقة والوقت , فطريقة الإعلان الدستورى جائت كما لو أن الرئيس محمد مرسى يريدأن يلتف على حكمٍ للمحكمة الدستورية بعدم شرعية الجمعية الدستورية وبالتالى سقوط الدستور وبعدم شرعية مجلس الشورى ومعنى ذلك أن الأغلبية الموجودة فى مجلس االشورى ستصبح هباءً مثل الأغلبية التى كانت موجودة فى مجلس الشعب المنحل وهو موقفٌ يؤلم تيار الاسلام السياسى بكل طوائفه ( إخوان وسلفيين وغيرهم) , وهنا وبعد أن أعلن الرئيس محمد مرسى الاعلان الدستورى ثار الجميع من المعارضين ووجدوه فرصةً لضرب تيار الاسلام السياسى , وقد كان المعارضون محقين فى معارضتهم ولكنهم لم يكونوا محقين فى نواياهم فالنوايا كانت تضمر أمرا آخرا وكما أن النوايا لا يعلمها إلا الله فلا نستطيع أن نحاسبهم عليها , ولكننا نستطيع أن نقول أن معارضتهم للاعلان الدستورى وللاستفتاء كانت حقا ويجب على الرئيس محمد مرسى أن يتخذ كل المواقف حماية للامة , فلا مانع من إلغاء الاعلان الدستورى المؤقت ويأتى بإعلان دستورى مؤقت آخر يتلافى أخطاء ما سبق , ثم بعد ذلك لا مانع من تأجيل الإستفتاء وانتظار أن يتوافق الجميع على نقاط الدستور ويُعطى مهلة للجميع شهرٌ أو شهرين ثم يُعلن الاستفتاء , وهنا لا ضرر ولا ضرار , ونستكمل المضى فى النهوض بالبلد وزيادة الانتاج .
خامسا وأخيرا فلا يجب على اتباع تيار الاسلام السياسى من إخوان وسلفيين أن يعتبروا أانفسهم هم المؤمنون وغيرهم هم الكفار فهذا تسطيحٌ للامر وإستحواز وإستقواء بالدين فى السياسة , ولا ينسى هؤلاء ( إخوان وسلفيين) أن بأسهم بينهم شديد فكلاهما يختلف عن الآخر موقفا وفهما للدين وأصوله , ولا اريد أن اكرر القول ولكن ليتذكر السلفيون أنهم كانوا يؤيدون حازم أبو اسماعيل على الرئيس محمد مرسى ويرون فى الشيخ حازم ابو اسماعيل أنه الاصلح لحكم مصر , ولولا خروجه من الترشيح للانتخابات لكان هو الفائز , وكذلك لا ينسى السلفيون انهم يعتبرون جماعة الاخوان المسلمين خارجين عن منهج السف فى كثير من الاراء والمواقف , وهنا فلا يجب ان نتكلم عن الكفر والايمان ونحن بيننا ما بيننا , واقول كذلك للمعارضين وهم أيضا بينهم ما بينهم ولا يكاد يجمعهم شيىء واحد إلا معارضة الاسلاميين , وهذا هو لُب القضية , فالخلاف ليس بين الاسلام وغير الاسلام ولكن الخلاف بين المصالح والمنافع والتعصب الأعمى والجهل بالدين , وهو داء عضال ندعو الله أن نشفى منه جميعاً .يا سادة رفقا ً بمصر وبشعب مصر ولنعلم أن الله خلق الخلق وشرع لهم الحق طريقا وترك لهم الخيار ولكننا سنحاسب جميعاً على أفعالنا وعلى نوايانا وليس فقط على ظاهر أعمالنا واقوالنا , اللهم إغفر لنا خطايانا ,يا أرحم الرحمين .
التعليقات (0)