في مقال يوحي بالتشنج والانفعال المفتعل ..و بأن السيد الكاتب قد تم -تكليفه- به في وقت متأخر.. وبتماهي تام مع تصريحات سمو الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية.. هاجم محرر جريدة الشرق الأوسط الشقشقة التي طال كبتها في صدر ووجدان العراقيين ..والكلمة التي كان يجب لها أن تقال منذ أمد بعيد..والتي أطلقها-زفرة بتحسر- السيد نوري المالكي عاتبا على السياسة السعودية تجاه العراق ..وليعلن بها نفض يده من سياسة تفتقد – بشدة مفرطة – إلى التعاطف والشعبية في الشارع العراقي..ألا وهي سياسة الإلحاح في ابداء الرغبة بالتقارب مع الدول العربية المجاورة رغم المجافاة والسلبية الشديدة والمناهضة العلنية للديمقراطية الوليدة في العراق..
فلقد رأى السيد طارق الحميد -مستغربا صدور هذه التصريحات- بأنه" لا يوجد في الأفق شيء يشي بتصلب سعودي تجاه العراق في أي قضية"معتبرا إنها نوع من"الاستجداء والتهديد"أو الهروب إلى الأمام..أو الهاء الرأي العام العراقي بأمور جانبية تشغلهم عن" وقوع حكومته-أي السيد المالكي- تحت مطرقة البرلمان العراقي في معارك الفساد."
واشار الى أن" علاقة الرياض ببغداد ليست إيجابية، لكن لا يمكن وصفها بالسلبية"وكتفسير لهذه الأحجية وكمحاولة استباقية لدحض المبالغات الإعلامية العراقية المحتملة..يصف لنا السيد الحميد الموقف السعودي بأنه لا يتعدى" تجاهل سعودي لشخص نوري المالكي"..وماذا في ذلك..ولقطع الطريق أمام المزايدات " أن رئيس الوزراء العراقي يعلم الأسباب الحقيقية جيدا، بحسب كثير من المسؤولين السعوديين. فقد سبق له أن زار الرياض، وسمع، واتفق على أشياء كثيرة، والسؤال الذي على المالكي الإجابة عليه هو: ما الذي نفذ من كل ما اتفق عليه؟ والإجابة: بالطبع لا شيء."
وتماشيا مع تصريح السيد وزير الداخلية السعودي الذي أشار إلى أن بلاده لا تريد إلا كل الخير والاستقرار لدولة العراق في كافة المجالات، ولكن -غامزا من قناة الحكومة العراقية المنتخبة- إذا كان هناك من يعمل في العراق بشكل يتنافى مع مصلحة العراق ويريد المملكة أن تقف معه فهذا لن يحدث" نرى السيد الكاتب يشير بصورة أوضح إلى أن" حكم الأغلبية هو مشروع من الممكن أن يكون جيدا لو جاء من أناس ليسوا طائفيين، ولا يستقوون بالإيرانيين على أبناء شعبهم، وحتى ضد أبناء طائفتهم،"
وكعادة الكتاب العرب الرسميين الذين يتمتعون بالقبول من قبل المسؤول الأعلى..تبسط السيد الحميد مع السيد رئيس وزراء جمهورية العراق وقدم له النصائح التي يرى إنها قد تساعده" في فهم السياسة جيدا، وفهم المنطقة من حوله، فجيران العراق، وتحديدا العرب الحريصون على الاعتدال والاستقرار، والذين عانوا طويلا من مراهقات النظام السابق، لن يرضخوا لصدام صغير، وجديد" فأين المالكي من صدام الكبير والعتيق...
وككاتب متواضع..ولست بالقامة الافتراضية للسيد طارق الحميد.. اهمس في أذن كاتبنا أن السيد المالكي رئيس وزراء منتخب ..وقد تكون تلك هي الخطيئة التي لا يقوى الأشقاء على غفرانها له..الانتخاب..أكيد انك تعرف الانتخاب سيدي ..أي أن بضعة ملايين من المواطنين نهضوا صباحا وارتدوا ملابس الأعياد وتقاطروا لوضع قصاصات ورق في صندوق بلاستيكي نصف شفاف وضمخوا أصابعهم بحناء البنفسج الزكي وليقولوا نعم للعراق..نعم للعراق..العراق الذي يمثله الآن السيد المالكي ..وقد يمثله غيره بعد أشهر..وهذا النظام هو الذي ما قد لا تستوعبه سيدي..وأي علاقة دبلوماسية تفترض شكل محدد للحكم لا يخضع لهذا الصندوق..ولا تحترم النتائج التي تنشأ عنه.. فهي مرفوضة حد القطيعة..وتدخل في نطاق التدخل في الشؤون الداخلية وفي الخيارات الشعبية الحرة والديمقراطية لبلد آخر لا يحتاج إلى وصاية نظام فقدان الوعي العربي..
والسيد المالكي في موقفه الأخير يمثل رأي الشارع العراقي الذي لم يخف تبرمه من استمرار "الأشقاء" العرب في تجاهل اليد الممدودة نحوهم..تبرم مشوب بالتساؤل عن جدوى هذه العلاقات أصلا..فما الذي فعله النظام الرسمي العربي لقضايانا المعتقة حتى يفعل للعراق ..وما الداعي للانضمام إلى نظام خيالي تجاوزه الوهم باعوام..
لقد ذهب العراق بعيدا في تقدمه تجاه دول الجوار العربي ..و آن له الآن أن يلتقط أنفاسه ويتلفت ذات اليمين وذات الشمال ليستوعب المسافات التي تفصله عن الأصدقاء والأعداء..و آن له أن يقيس علاقاته بميزان التعاون والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة..والدول العربية رغم كونها تمثل قيمة عاطفية عليا للشعب العراقي ومرحب دائماً بأي خطوة تأتينا من قبلها نحونا ..ولكن يبدو ان هذه الخطوة لن تأتي الا تحت سياقات تفكيك العملية السياسية برمتها ..وهذا ما لا حاجة ولا رغبة للعراق به ولا توجد ادنى امكانية لحدوثه..ونتمنى على "الاشقاء" استرجاع التاريخ المأساوي لعلاقاتهم مع النظام السابق الظريف والمحبب والذي تنطبق عليه المواصفات النموذجية للنظام العربي المثالي..
التعليقات (0)