ستظل الحروب بسبب النزاعات على الحدود أو الخلافات على المصالح أو الحفاظ على ما يعتقد الإنسان أنه يميزه عن الآخرين من دين أو جنس , ستظل قائمة حيث يبدو أن ذلك جزء من قدر هذا الكائن المسمى بالإنسان فى رحلة وجوده على هذه الأرض وصراعه من أجل البقاء , هذا البقاء الذى يتعدى بقاء الحياة ليشمل بقاء المكونات الأساسية للإنسان ومنها العقيدة . ولقد شهدت البشرية كثيرا من الحروب عبر تاريخها الطويل أريقت فيها الدماء وانتُهكت حقوق الإنسان وآدميته , ولكن بعد حربين عالميتين أدرك العالم حاجته إلى وحدة إنسانية تجنبه هذه المخاطر المأساوية فكانت الأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة , ولكن ذلك لم يمنع من قيام كثير من الحروب والنزاعات التى كانت تدور تحت أعين ومراقبة العالم الجديد ومنظمانتها المؤثرة بحيث لم يعد العالم غابة يفعل فيها القوى ما يشاء بالضعيف وهو فى مأمن حتى من مجرد الضغط الأدبى . إلى أن ظهرت على السطح فى نهاية القرن العشرين وبداية هذا القرن هذه المنظمات التى تنسب نفسها إلى الإسلام وتتنادى بالجهاد فى سبيل إقامة دو لة الخلافة واستعادة كل ممارساتها منذ خمسة عشر قرنا وكان من الطبيعى أن تظهر هذه المنظمات فى الوطن العربى مهبط الإسلام والناطق بلغته , وبالطبع فإن الدعوة إلى أى عقيدة أمر يحميه العالم الجديد ويحمى الكفاح فى سبيل نشر هذه العقيدة طالما أن ذلك يتم بالحجة والكلمة حتى ولو كانت كلمة قاسية ولكن الذى حدث أن الجماعات المسماه بالإسلامية بمختلف أطيافها ومنطلقاتها استخدمت ألوانا جديدة من الإرهاب الدموى بدأ بتفجير الإنسان لنفسه فى سبيل قتل الآخرين ثم تطور هذا التطور المأساوى الذى نشهده على أيدى ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق من ذبح للناس وتعليق رؤوسهم فى منظر نادر الحدوث حتى فى فى أشد عصور التاريخ وحشية وبشاعة , إن عرض هذه الصور ليراها سكان العالم هو بمثابة عار لنا نحن العرب جميعا هو فضيحة ليس للانتما ءالعربى فحسب لكن للانتماء الانسانى كله هو إظهار للإسلام كأنه دين القتل والذبح واستباحة الدماء وانتهاك آدمية المرأة , انا لا أدرى مدى صحة ما تم نشره عن إرغام العراقيات على جهاد المناكحة وما إذا كانت الصور التى تم نشرها عن ذلك صحيحة , ولكن تبقى الحقيقة صارخة تتردد صرخاتها ما بين ليبيا غربا والعراق شرقا راسمة صورة محزنة لنا كشعب عربى كان جديرا بآدابه وثقافاته أن يكون جزءا من حضارة العالم ولكن للأسف فإن مجموعة متهوسة من المنتسبين له جعلته فضيحة العصر وعار هذا الزمن الذى يجب أن يكون زمنا استثنائيا طارئا لا يمثل التاريخ العربى ولا يدلل على مكونات الشخصية العربية كما أنه يبتسر الدين الإسلامى فى كونه دين قتل وذبح وقطع للرؤوس وانتهاك لإنسانية المرأة وممارسة للدعارة تحت اسم جهاد المناكحة , مع أن العودة إلى النصوص الصريحة للقرآنية تظهر بكل جلاء أن الاسلام قائم على الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وعدم الإكراه فى الدين ولم يعرف فى تاريخه أى موقف للتمثيل بجثث قتلى الحروب , ولكن يبدو أن هؤلاء الذين جعلوا مرجعيتهم بعض كتب شيوخ التطرف البعيدين عن جوهر الإسلام يبدو أنهم من تنطبق عليه الآية ( وقالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم )
التعليقات (0)