لم يكن يظهر ان الدكتور ( مكسيموس ) مُهِمّا لمن يراه وهو جالس بهدوء في دكانه الصغير لبيع ألأعشاب على طريق فرعية تحت مبنى كاتدرائية نوتردام في باريس . كان مظهره يدل على أنه رجل غير عادي فلو عاش قبل خمسماية سنة لأنشغل بالكيمياء وبتحويل النحاس إلى ذهب ولكنه اليوم في أواخر القرن التاسع عشر أجرى تحويلات أكثر مهارة فقد حوّل ألأحلام إلى واقع بشرط ان يدفع له ما يطلب من أجر مهما كان مبلغة . والرجل الذي دخل الدكان المضاءة بمصباح غازي في واحدة من أمسيات شهر تشرين أول من عام ( 1891 ) كان مستعدا للدفع . فقد وقف على باب الدكان يمسح وجهه بمنديل حريري على رغم برودة الطقس ويحمل تحت إبطه علبة على شكل قلب. انحنى له الطبيب رادا تحيته فقال للطبيب: عندي مشكلة وقيل لي انك تستطيع مساعدتي. فرد الطبيب: حقا ومن أخبرك بذلك ؟ تأمل الزائر الرفوف القاتمة والسلحفاة المتدلية من السقف وجسم التمساح المحنط ثم قال: كان عندنا ضيف على العشاء الليلة الماضية إنه دبلوماسي أجنبي أنه السكرتير الأول في سفارة.... رد الدكتور: عرفته فقد قدمت له خدمة بسيطة، قال الزائر أنه ليس صديقا لي ولكنه بعد ساعة من حديثي معه وتحدث بحرية مطلقة استنتجت من حديثه أنه لولا مساعدتك له لبقي مربوطا بزواجه التعس. نزع الدكتور مكسيموس نظارته ومسحها قائلا : اعتقد أن زوجته المسكينة ماتت على نحو مفاجئ . رد الزائر : وقد شرحت جثتها ولم يكتشف الطب الشرعي أي أمر مريب. بالطبع لا ، أكد الدكتور مكسيموس تعلو شفتيه ابتسامة لطيفة . تابع الزائر حديثه يظهر على وجهه الراحة والسرور : زوجتي في قمة الجمال ولها معجبون كثيرون وهي كانت لا تعيرهم انتباها ولكن في المدة ألأخيرة لاحظت أنها تهتم بأحد المعجبين ، ولا أعرف من هو ، وقد اثر عليها لدرجة أنها تطلب الطلاق مني . وأنا لا أريد لأني... هنا رفع الدكتور مكسيموس يده متمتما لا تهمني التفاصيل . بدا التأثر على وجه الزائر وقال : لست ممن يستهزأ بهم . رد الدكتور: حاشى فقد لاحظت ذلك . قال الزائر بحزن إنها مولعة بالشيكولاته , ثم فتح العلبة التي يحملها ووضعها على الطاولة وقال : أظنك تستطيع تغيير هذه الحلوى بالشكل الذي تراه مناسبا ثم ترسلها لها بالبريد ستسعد كثيرا بها ، وقد أحضرت بطاقة لترفقها بالعلبة ، واخرج بطاقة مستطيلة مكتوب عليها من ( معجب ) فأخذ الدكتور البطاقة وقال : أسعاري باهظة جدا ، فرد الزائر ، توقعت ذلك ودفع عددا من القطع الذهبية ثم مسح جبينه وقال : هل تستطيع إرسالها الليلة . رد الدكتور سنرى ولكن إلى أين أرسلها ؟ فأعطاه الزائر اسم السيدة وعنوانها . وبعدها كتب الدكتور مكسيموس ثلاثة أرقام على ورقة وسلمها للزائر قائلا : سيدي أنت الزبون رقم
( 322 ) فإذا واجهت أي صعوبات راجعني ولا أظنك ستضطر لذلك.
مسك الزائر مقيض الباب وتمتم: لن يكون ألأمر مؤلما أليس كذلك ؟ رد الدكتور: أطلاقا ثم حدق إلية برقة من خلف نظارته وقال تبدو قلقا هل أعطيك ما يساعدك على النوم. رد الزبون : لا شكرا عندي علاجي الخاص بالأرق شراب خاص من الأعشاب أشربه ساخنا قبل النوم . فوافقه الطبيب نعم أنها عادة مفيدة . فحياه الزبون وخرج .
انتقل الدكتور إلى الغرفة الصغيرة المجاورة للدكان يحمل علبة الشكولاتة بيد والبطاقة باليد ألأخرى وتناول كتابا أسود كبيرا عن الرف فوق أنابيب ألاختبار وفتحه وبحث عن سجل الوصفة السابقة ، هاهي لقد دونها بخطه ألعنكبوتي بعد ظهر هذا اليوم وفيها : الزبون رقم ( 321 ) الشكوى المعتادة : التخلص من الزوج . العلاج : ست نقاط من ألإكسير من القنينة المرفقة توضع في الشراب الساخن للزوج قبل النوم . تنهد الدكتور مكسيموس ، إنه رجل يحترم التزاماته . فتح علبة الشكولاتة وبدأ العمل وحدث نفسه : لا داعي للعجلة سيرسل العلبة في البريد صباحا .
التعليقات (0)