مواضيع اليوم

عندما يتحدث محامي الشيطان..

جمال الهنداوي

2009-10-31 11:13:54

0

 

في حوار جانبي تخلل احدى جلسات محاكمة رئيس النظام السابق صدام حسين..تكلم رئيس المحكمة السيد القاضي رؤوف عبد الرحمن مع المتهم الاول والاشهر ناصحا ومشفقا.. بعد ان اصابه الضجر والقرف من فاصل التهريج الدعائي المتهكم لجوقة محترفي التكسب والاشتهار الممرض ..تكلم القاضي حينها بما معناه: انه لو كان هذا الكلام هو كل ما في جعبة محاميك.. فانك في وضع صعب وشائك وميئوس منه فعلا..

فلقد كان من الواضح لكل من تابع المحكمة وجلساتها المتطاولة.. اولية الظهور والتموضع التلفزيوني لدى فريق الدفاع العجيب المتنافر والمشكل على غير اتفاق..وتقدمه كثيرا على  الاهتمام والحرص على ابعاد  -او تخفيف – الحكم عن موكلهم المسكين والذي بدا انه احس بهذا المأزق في بعض مراحل سير المحكمة..

وظهر هذا جليا –بعدها- في التلاهث المخجل لاستثمار هذا التمظهر كشهادة حسن سير وسلوك في دوائر الاعلام الرسمي العربي.. ومن خلال الاستعجال المفرط لتحويل ارصدتهم الفضائية المتحصلة بعرق الزعيق والهتاف الفارغ الى مكاسب فورية قابلة للتحويل المصرفي..دون نسيان تقمص دور المحامي جاك فيرجيس في تكرارهم الممل للوقائع الكبرى التي واقعوها اثناء سير المحكمة مجبرين المواطن العراقي على مكابدة تجربة معايشة محاولاتهم المثيرة للرثاء باثبات ان صدام ليس بذاك المجرم المهم ..وانه قد حقق كل ما يمكن شراؤه من بطولة بدفن نفسه في جحر ضيق و فشله في الحصول على اللجوء في أي دولة.. وان الشعب هو الملام بالبقاء على قيد الحياة والعيش من بعده..

ولا ننكر هنا النجاح الافت لللبعض في استثمار هذا الظهور بصورة احترافية اكثر من البعض الاخر..من خلال التسويق الذكي لصورة رجل القانون الزاهد المجاهد بردائه الاسود الفضفاض وشرائطه الملونة..او من خلال التواجد الدائم المسبق الدفع في البرامج الحوارية المخصصة للندب والعويل المأسوف على قمعه..او من خلال نشر تصريحات او مذكرات "شفوية" في ارقى دور النشر العالمية في السودان..

ولكن قد يكون من سوء حظ الاستاذ بديع عارف عزت انه تعرض للطرد من القاعة بصورة متكررة ..مما جعله اقل اعضاء الفريق ظهورا وتواجدا ومن ثم حظا في استخلاص بعض الفوائد والمنافع من الحالة.. مما قد كان يمكن ان يساعده على دفع فواتيره المتورمة في ايام الغربة السوداء الباردة..

فلم تكلل كل محاولات السيد المحامي في بث بعض الوهج حول صورته المتباهتة باضطراد ولا في تخليق شيئا –اي شئ- قد يثير بعض الهمس الخافت حول شخصه الكريم..وقد تعد محاولته الاعتراضية الفقيرة..والتي نشرها في بعض المواقع الالكترونية..والتي اراد ان يطل من خلالها تحت اضواء الاعلام العربي المشغول بصدور مذكرات الرئيس السابق اكثر هذه المحاولات خطلا وفشلا مؤلما..

فقد يكون من الصعوبة بمكان محاولة التشكيك في اجراءات محكمة ما–منقولة على الهواء - بعدم الشرعية وانت تدافع عن نظام عرف بصورية  الاجراءات القضائية الاقرب للكوميديا السوداء..واشتهر باستسهال اصدار احكام الاعدام بدون أية محاكمة عادلة كما هو معروف ومثبت لدى القاصي والداني. والسيد المحامي الذي يشكك في عدالة سير المحاكمات وعدم مطابقتها لمواصفاته القياسية ..لا اعتقد اننا سمعنا له صوتاً إزاء الجرائم البشعة التي ارتكبها نظام البعث ضد الإنسانية خلال 35 عاماً من حكمه الجائر.

 هذه المحاكمات التي ينتقدها السيد عزت جرت من قبل قضاة عراقيين معترف بهم –عكس قضاة محكمة الثورة الخاصة -ووفق القانون العراقي النافذ وبنزاهة وعلنية وشفافية –من الاكيد انك تعرف الشفافية سيدي المحامي -وأمام الرأي العام في العالم اجمع.. وكان للمتهمين ومحاموهم الحرية المطلقة بالدفاع والجدال ومناقشة الادلة والشهود..وعوملوا بمنتهى الصبر واللين من قبل القضاة..ولكنهم استثمروا هذا الحق المقدس –وبنصيحة غالية جدا من محاميهم الاكفاء- بتحويل الصراع نحو لبس العقال والتغيب ومن ثم الحضور بالملابس الداخلية ..إلى حد أنهم حوَّلوا بعض الجلسات إلى فواصل استعراضية من الهتاف والتسفه وإلقاء القصائد الحماسية ..

اما الاجترار الممل لموضوعة الطعن بعدالة المحاكمات لكون العراق محتل من قبل أمريكا،فيدحضه التماوت الذي ابداه فريق الدفاع لنقل المحكمة الى امريكا او اي بلد غربي اخر ليضمنوا عدم الفتك بهم من قبل الشعب..بل قد يكون الاحتلال هو من ساعد المتهمين على التمتع بمحاكمة عادلة من المؤكد انهم لن يتحصلوا عليها لوكان سقوطهم بيد الشعب العراقي المكلوم اولا..

لذلك فأننا نجد ان من الواجب الهمس في اذن السيد المحامي المحترم ان الاستمرار في الطعن بعدالة المحاكمات هو نوع من الهراء المؤسف المخالف للمنطق الطبيعي للاشياء .. مع تفهمنا الكامل لاهمية الترويج المستمر للذات من قبل البعض ..ولكن حقائق الحياة تفرض على الجميع التسليم بأن الظالم مهما تجبر وتكبر، فلا بد وأن ينال جزاءه العادل، ولا بد ان يكابد اليوم الذي يذهب فيه ذليلاً خائباً الى مزبلة التاريخ وبئس المستقر..وهذا هو حكم التاريخ الذي لا يرحم.

..........

رابط موضوع الاستاذ بديع عارف عزت:

http://pulpit.alwatanvoice.com/content-178427.html




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !