مواضيع اليوم

عندما ننام ..يستيقظ

سامي عرب

2009-08-07 13:44:50

0


آتٍ مِنْ البعيد جِداً !
مُشتاقُّ لأسرتهِ الصغيرة ؛ آتٍ على قدمينِ عاريتين ! مُنتعلاً حُلمه الماضي أدارج الآمال حينَ تأتي ولا تعود !
حينُ تَكون أداة اصطدام بقلوبنا ! و أحلامُنا هيّ جزء مِنا يقتلنا يُمارسُ دورَ الجزار فينا !
من بعدِ رحلةٍ شاقة , وألامٍ مُتعبة و أحلامٍ مُتبخرة , أحس بنشوة التفاؤل الذي لم يُحسه منذُ الأربعين شهراً الماضية !
فها هيّ الشمسُ تشرقُ في عينيه بالفرح والسعادة تذكرهُ أن الحبَ زادُ حياتيه الشاقة !
يرى القرية يتجول هُنا و هُناك , يتذكرُ يومَ كان متسولاً في هذا الزقاق لا يرتدي إلاّ جسدهُ مِعطفاً , مِعطفه الحاجة و الألم يتذكرُ كم كان يسعد حينَ يحصل على قطعة نقود فضية لا تسوي في قيمتها شيء ! , وكيفَ كان يجاهد يوم بأكمله حتى يحصل على بقايا رغيفٍ في سلةِ المهملات ! , لم يكن يعرف أن يكتب ! , كانت تكتبهُ أحزانهُ تفضحهُ عيونه تقيم حملة تشهير كبرى به !
إنهُ متسول ! , هذا قدرهُ , هذه وظيفته في الحياة !

كان يفكر في كل شيء وبدأ يستعيد الذكريات ..يتذكر و يبتسم ..يتذكر ويبتسم ..
حتى وصل إلى مَنزلة فتح الباب فلم يجد أحد ..
أستقبله الغبار كما تستقبله العناكب والفأران , تذكر أنهُ نسي أن يتذكر أنهُ غادر بلا سابقِ إنذار ! , لم يكن الزادُ يكفي , لم يكن حتى الحُب الذي نمى في عائلته يكفي !
حيثُ كانوا يرتدون الملاءات ذات خُروج للبحث عن لقمة العيش !
في مكبٍ , في سرقة , في ارتداء ثوب الشقاء تارة ثوب الذل تارة ثوب التودد تارة أخرى !
و هو يتذكر !
قال له الغبار أن عائلته خلصت إلى انتهاء ! , لم تعد تسكن هذا العالم الذي جمعهم طيلة سنوات جافة من العيش , جافة من الخلاص !

لم يمت هوَ من الجوع كنتيجة طبيعية فالأموات لا يموتون أخرى إلا بعد الحياة !
ماتَ وخلف خلفهُ ذكريات ممتلئ من الشبع الحُزني والمأساوي الذي رسم خريطة وجهه
خريطة عيشه على اللا شيء ! , وبقدر ما تكون فارغاً تكون ممتلئ لأشياء تؤلمك تمزقك
تتقاسمك لتحيا !
يا لـ التعاسة وهي ترتدي قناع الحزن في حفلٍ لم يدعو له مسبقاً .. توقف الساعة توقف مترقبة لِمَ يحدثُ لأن الوقت دومًا يخون يخون حتى نفسه ! , ويفضحها في كلِ مرةٍ أكثر ..

إنه فانٍ الآن , يمارس دور السارق ليسرق العيش !
هو مؤمن بمبدأ كما سرقتني أيتها الحياة فأنا أسرقك اليوم , والمبدأ هو من صنعي أنا ليس من صنع
مؤسسة أخلاقية تصنع مبادئ تتوافق مع معطيات عيشها , أنهُ موقن أن استنساخ حياته !
لا وجود له ولو كذب عليه كل أولئك الذين يتعاطفون معه يرمقونه بعيونهم ! , ولا يفكر أحدهم أن يعينه على الخروج من محنته وفقره من كلِ شيء يجعله يسرق يجعله يكذب ..
عمل .. و عمل .. وعمل إلى أن خلص إلى ارتداء سترة الجنون ليسرق عيشه من حياته !
ليبقى أكثر ليأكل أكثر ليسرق من الآخرين كُل شيء
نظراتهم , ابتساماتهم , تعاطفهم
وَ يضحك كثيراً ويمعن في الضحك في داخله يسكن الرصيف لا يُلام !
تستقطبه العائلات حِينَ يحتضر الصيف ويستسلم لبردة الشتاء البيضاء !
أيامهُ لا تتغير , إنهُ يتنفس الأن كما تنفس بالأمس , إنه عارٍ الأن كما هوَ عارٍ بالأمس ! , إنه محبط الأن كما هو محبط بالأمس , إنه يلعق المأكولات على الزقاق كما يفعل في كلِ يوم , إنهُ يكذب كما يكذب في كلِ مرة يضبط فيها بعد السرقة لم يقوى على قول أنه جائع فقط ! ,كان يفكر في كلِ يومٍ يمر لم كل شيء يمر كما يمر , ولما تسير الحياة عليه ذليلاً !
فكر في أن يُغير من حياته ! , أقدم على اختطاف طفل يذكره بطفله الأول , لكنه صدم إذ هوَ يختطف ذات الطفل ذات الساعة في كل يوم , لم ييأس حاول أن يغير وبعد تفكير جهيد قرر
الانتحار شنقاً كان جاداً لقد أقدم فعلاً على الانتحار لقد غير من حياته
كما يفعل في كل يوم !!




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !