مواضيع اليوم

ظهورالسيدة العذراء من كنيسة الزيتون إلى عمرو دياب ..

محمد شحاتة

2009-12-19 10:11:32

0

خيمت أجواء الحزن والمرارة على ربوع الوطن العربي عامة ومصر خاصة إثر انتكاسة وهزيمة يونيو المريرة عام 1967 ..

إحساس رهيب بالصدمة والانهزام والانكسار سرى في أنحاء الجسد العربي لم يتغير ولم يتبدل ولم يتبدد ..

كما سرى يقين دفين بأن الحل للخروج من هذا الهوان لن يكون إلا بحجم "معجزة" معنوية ومادية تنتشل العرب من هذا الهوان ..

وفي الرابع من مايو 1968 تواتر العشرات ثم المئات ثم تدافع عشرات الآلاف مصر المصريين نحو كنيسة الزيتون بالقاهرة إثر مشاهدة بعض عمال مرآب سيارات طيفاً فوق قباب الكنيسة .. 

فقد سرى الخبر مسرى النار في الهشيم .. حيث جزم الناس والمتابعون للحدث أن هذا الطيف قد تشكل بهالة استضاءت على هيئة السيدة العذراء مريم "عليها السلام" ..

انقلبت مصر كلها وعلى أعلى مستوياتها حيث توجه رأس الدولة الرئيس جمال عبد الناصر وقياداتها إضافة إلى قيادات الكنيسة الأرثوذكسية وعلى رأسها البابا كيرلس إلى حيث كنيسة الزيتون لمتابعة مشهد ظهور طيف العذراء مريم وهي بإيماءة رأسها وتحريك ذراعها تحيي وتبارك المصريين الذين تدافعوا كالشلال الهادر وأصابتهم الرعشة و هيستيريا الصراخ والتهاليل والدعوات والصلوات .. وقد صدر بيان رسمي من رأس الكنيسة المصرية يؤكد ظهور العذراء مريم فوق قباب الكنيسة الأرثوذكسية بالزيتون..

وتناقلت عنه وكالات الأنباء وسط اهتمام عالمي بالحدث .. هذا الاهتمام لا يقل عنه بحال اهتمام جميع وسائل الإعلام المصرية من صحافة وإذاعة وتليفزيون بهذا الظهور.. حيث كان هو بمثابة الخبر والمانشيت الأول.. والموضوع الأهم في الصحف والإذاعة والتليفزيون والندوات لفترات طويلة تضاءلت بجانبه تداعيات هزيمة يونيو..

 وقد كان هذا الحدث بمثابة المعجزة "المعنوية" التي كانت مصر وبالذات قيادتها في أمس الحاجة إليها لتخفيف وطأة مرارة الهزيمة على الشعب ولإعطاء دفعة أو دفقة بالأمل في الخروج من عنق زجاجة الهزيمة الخانقة..

ثم تتالت وقائع أخبار ظهور السيدة العذراء على قباب الكنائس .. وعلى وجه البابا شنودة .. ثم ظهور طيف نوراني يجسد الصليب بكنائس أخرى في أسيوط وغيرها حيث يذخر اليوتيوب بنماذج لهذه المشاهد..

حتى كان الأسبوع الماضي حين سرت الأخبار بعودة ظهور العذراء البتول فوق قباب كنيسة الوراق والتي  رصدتها الجموع على هيئة حمامة أو بضع حمامات تطير فوق الكنيسة جيئة وذهاباً ..

وأخيراً ما تناقلته مواقع قبطية من "إشاعة" عن تنصر المغني الفنان عمرو دياب إثر ظهور العذراء مريم له أثناء صلاته "الإسلامية" مما حدا به- حسب قولها-  إلى أن يعلن تنصره مرفقاً به أغنية على هيئة ترنيمة تقول كلماتها:

( لما جيتي يا عذراء ليا تمسحي لي دموع عنيا..

لما جيتي زرتي بيتي حبك كان كتير عليا ..

إنتي فرحة للحزانى في الضيقات دايماً معانا..

اشفعي يا عذراء لينا والدموع ولا يوم تجينا..

الخطية في البداية نار في قلبي مش ناسيها..

الخطية رغم نارها كنت برضه بمشي فيها )..

هذا وقد نفى المغني عمرو دياب بتاتاً هذه الشائعة معتبراً إياها شائعة سخيفة حيث استغل "مغرضون " تقليد صوته بهذه الترنيمة ومن ثم إطلاق إشاعة تنصره ..

وما بين اليقين والوجدان المسيحي المتهيئ دائماً لتقبل الكرامات أو "المعجزات" كمثل ظهور طيف السيدة العذراء ..أو طيف الصليب.. أو القدرات "غير العادية" لرجال الدين والكهنوت على شفاء المرضى ..أو إخراج الجن والشياطين الملتبسة بأجساد الممسوسين.. أو غيرها من العلامات التي تلهب وجدانهم وتعزز عقيدتهم ..

فقد خرج تيار معارض في الكنيسة يرفض هذا الاتجاه مشككاً في قصص الظهور "المتكرر" لأطياف العذراء .. والصليب ..وغيرها معتبرين أن الكنيسة تروج لهذه الحوادث "المفتعلة" عن طريق توسيع دائرة الإيحاء لدى المسيحيين لبسط سيطرة وهيمنة الكهنوت الكنسي على الشعب المسيحي من خلال صكوك الغفران.. وفتح الطريق للشلال المتدفق من التبرعات والعطايا والتدفقات المالية من الشعب للكنيسة مع الولاء التام والخضوع الكامل للقيادات الكنسية ..

وسند هذا التيار في ذلك أن تكرار ظهور طيف السيدة العذراء عليها السلام ينفي عن الواقعة صفة الإعجاز ..

لأن المعجزة تحدث مرة واحدة فقط.. وتكرارها المستمر ينفي عنها تلك الصفة .. علاوة على أن هذا الظهور المتكرر " بفرض حدوثه" يجوز تأويله من قبل المتشككين خاصة في عصر التكنولوجيا والليزر والدخان بتأويلات كثيرة قد تنال من مصداقيته  ..

كما سبق وأن أوعز الكثيرون التبني الرسمي من (الدولة) لواقعة ظهور السيدة العذراء عام 1968 وتفعيله والترويج له ربما ليس إيماناً رسمياً بصحة الواقعة بقدر ما هي فرصة بمثابة معجزة لانتشال المسئولين عن هزيمة يونيو من لهيب الفوران الشعبي الذي أحدثته دوامة الهزيمة المريرة ودفع الناس إلى الاهتمام بشيء آخر غير محاسبة المسئولين عن الهزيمة ...
وعلى الصعيد الشعبي المصري المسلم فإن للسيدة العذراء مريم عليها السلام مكانة شديدة السمو المقرون بالثبات الذي لا يتبدل باعتبارها سيدة نساء العالمين التي اصطفاها الله .. وطهرها .. واصطفاها على نساء العالمين..

وباعتبارها أم المسيح عيسى بن مريم رسول الله عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ..

وباعتبارها مكرمة من الله بسورة قرآنية كاملة تقص سيرتها ومعجزاتها من قبل الله ..

بالرزق الذي يأتيها من عند الله  في غير أوانه .. وبحملها دون أن يمسسها بشر .. وبنطق وليدها المسيح وهو في المهد ليبرئها من ظنون قومها وسؤالهم إياها عن كيفية حملها وانجابها دون زواج ..

لذا لا تعتبر الذاكرة المصرية المسلمة نفسها في حاجة إلى ظهور طيف العذراء مريم.. 

 ولأن ما هو ثابت لها من معجزات وتكريمات ربانية وقرآنية وفي وجدان المسلمين تفوق كثيراً الانشغال بتوخي الحقيقة أو عدمها في شأن ظهور طيفها.. فصورة العذراء مجسدة في الخيال المسلم على هيئة صفات نحتتها آيات القرآن في صدور المسلمين ..

فهي من قبل ومن بعد ..

مريم .. العذراء.. البتول .. المصطفاة.. المطهرة..

وهي أم نبي الله عيسى عليه السلام ..

وهي سيدة نساء العالمين ..

عليها وعلى ابنها المسيح وعلى نبينا أفضل الصلوات وأزكى التسليم ...




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !