يبقى الصراع قائماً بين الحضارة والبداوة ، فتقاليد القبائل البدوية من الصعب تطبيقها وفرضها على الحضري وفي المقابل فأن فرض القانون على اهل البادية هو ضرب من ضروب المستحيل .
الصحاري ليست مدن قائمة بحد ذاتها يمكن السيطرة عليها وغلق شوارعها متى شاءت السلطات ذلك ، الصحراء ارضاً شاسعة ممتدة الى حد البصر لا يمكن السيطرة عليها ، دول استعمارية بعظمتها وقوتها العسكرية لم تستطع فرض سيطرتها الكاملة على الصحاري وسكانها.
لاهل البادية تقاليد يتوارثونها اباً عن جد ، بالنسبة اليهم هي في غاية القدسية ولا يجوز المساس بها او الانتقاص من قيمتها ، يبذلون الغالي والنفيس للحفاظ عليها واستمرار ديمومتها .
في المقابل فأن اهل الحضر لا يتفقون مع تلك العادات والتقاليد ويعتبروها تقاليد بالية وغاية في القدم ولا تواكب عجلة التطور السريع ، التطور الذي شمل جميع الميادين الحياتية في المدن وما يزال .
ومع تمسك البدو بالتقاليد القبلية وصعوبة انسجامهم مع قوانين وتشريعات المدن ينشأ الصراع الدائم بينهم وبين الحضر وأستطيع القول ان هذا الجانب هو احدى الركائز الاساسية في صراع البداوة والحضارة.
يرى الكثير ان فرض القانون والتشريع على البدوي القادم من الصحراء من شأنه ان غير طباعه نحو الاحسن كما يرون ، الا ان هذا الرأي هو حلم من المستحيل تحقيقه ذلك لان البدوي يرى القانون سلعة تم صنعها والترويج لها في المدن ، ويرى ايضاً ان القانون اداة طيعة يعمل من خلالها الظالم على تحقيق مأربه في ظلم واستبعاد الناس وأول المستعبدين هو وافراد قبيلته وحتى لو رضخ في يوم ما لقوانين المدينة فانه لا يتغير بقانون او تشريع ، بل سيبقى من الداخل متمسكاً بطباعه وتقاليده القبلية ولا يوجد قانون على وجه البسيطة يغير من طباع الشخص بين ليلة وضحاها.
ان المشكلة في صراع البداوة والحضارة هي تركيز الطرفين على العادات والطبائع السئية للطرف الاخر وعدم الاخذ بالايجابيات.
الحضري يركز دائما على عادات وتقاليد البدوي وينتقدها كيفما شاء ، ضارباً ، الكرم والشجاعة والمروءة والصدق والامانة وتقدير الاخر وعزة النفس والنخوة وجميع الايجابيات التي يتمتع بها البدوي ، عرض الحائط ، وكذلك البدوي فهو يسارع الى التشهير بمساوىء أهل المدن وعدم الاشارة الى محاسنهم.
سيبقى الصراع قائما بين البدوي والحضري مادام كلاً منهما يركز على سلبيات الاخر .
التعليقات (0)