صورتان فقط دون سواهما، علقتا بمُخيلتي عن الغزو (الصليبي) لعراق الحضارة والتاريخ !.. صورة منهما، كانت عن (سراب الأمل) الذي إستطاع وزير الإعلام في عهد (صدّام حسين) المدعوا (الصّحّاف)، أن يوهم به الأمة العربية (الواهنة) عن صمودٍ مزعومٍ في وجه الأمبريالية الغربية الظالمة، وعن قوة العراق التي يحق للعرب أن يفتخروا بها (حينها)، ويُساندوها ويرفعوا لأجلها أيديهم إلى السماء مُبتهلين بالدعوات بالنصرة !..
الصّحاف إستطاع التأثير عليّ، شأني في ذلك شأن الملايين الذين يتندّرون الآن بعبارته الشهيرة (.. أيها العلوج) !.. واستطاع إقناعي بأن نظام صدّام حسين دحر قوّات التحالف (حينها)، فيما كانت هذه الأخيرة وصلت في تغلغلها داخل العراق إلى مطار صدّام حسين (سابقا) ؟!.. ولم يُخيّل إليّ أن صدّام حسين كان قد فرّ فيما لايزال الصّحّاف يتلوا بياناته على شعب العراق (العظيم) وإلى الأمة العربية المُبحلِقة في شاشات التلفزيون ؟!..
أما الصورة الأخرى، فكانت عن (واقع الخيبة) في قوة العرب الضاربة المزعومة، بعد أن عَرضت القنوات الإخبارية العالمية صور (النمر) ـ الذي كان رسوله يوصل رسائل التهديد والوعيد عبر نفس القنوات إلى (العُلوج) ـ وهو يُسحب من حفرة تحت الأرض أشعث أغبر، ويتم لطمه من طرف أحقر عملاء عراقيين موالين لقوات الإحتلال !..
الخيبة لم تكن في أن تتم معاملة النمر بتلك الطريقة ـ وهو القائل خلال سلسلة مُحاكماته بالقوانين التي وضعها هو قبل أسره وإهانته بذلك الشكل ـ :
بل هي الخيبة في إدّعاء القوة رغم الضعف الذي ترجمه هروب الجنود العراقيين، وتنصلهم من مسؤوليتهم في الدفاع عن وطنهم، ليس من أجل عيون صدّام، بل لأن وطنهم أكبر وأغلى من مليون صدّام .. فكان أن عاث الجنود الغرب في وطنهم فسادا لن تزول آثاره على المدى المنظور!..
ونفس الصورتان تتكرّران اليوم في ذهني عن نظام القذافي في ليبيا، مع إختلاف بسيط بين الماضي والحاضر !.. ففي الماضي كان الصّحاف رسول صدّام إلى وسائل الإعلام، فنال نصيبا وافرا من الأضواء، واشتهر بتشبيه أعداء نظام صدّام بفصيلة (العلوج) من الحيوانات، أما في الحاضر فالقذافي يقوم بنفسه بالدور الإعلامي، واشتهر بتشبيه أعداء نظامه بفصيلة (الجرذان) من الحيوانات، والمعروف عن الجرذان أنها تحفر لها جحورا وحُفرا تحت الأرض لتعيش فيها، وتختبئ فيها عن الأعين، والقذافي يشبهها الآن لأنه توارى عن الأنظار .. وبعدما كان مُطارِدا يُهدد ويتوعّد، أضحى هاربا ومُطارَدا ومُهدَّدا !..
فالقذّافي دمج الصّورتان، وأضاف إلى مُخيلتي صورة عن (المسيح الدّجّال) الذي تواترت أحاديثه، بأنه سيخرج آخر الزمان حاملا الهدايا والعطايا، ويطوف بالمعمورة يُغري البشر بها، ليُؤمنوا به وبدجله !.. القذافي أيضا ـ وبحسب الأصداء ـ يطوف الآن بالبقاع الجنوبية لما كان جماهيريته، حاملا معه (أموالا طائلة ؟!) ـ كان قد بخل بها على شعبه، واحتكرها واحتفظ بها لنفسه وأولاده ومُقرّبيه ـ يُوزعها لقاء الولاء لبقايا نظامه، ومُقابل (شبر) حصن يتحصّن به من نيران الثوار وحلف الناتو ؟!.. القذافي يبحث عن أمانٍ لدى الليبيين يشتريه منهم بأموالهم، وبعد رُعبٍ بثه في قلوبهم أزيد من أربعين سنة ؟!.. فهل هناك دجلُ أكبر من ذاك ؟!..
القذافي جمع في مخيلتي صورة مُدمجة عن صحّاف الماضي، وعن دجّال المُستقبل، فهل سيكون مصيره كما مصير صدّام الذي شُنق ؟.. أم كمصير الدّجال الذي سيقتله عيسى عليه السلام ؟!..
24 . 09 . 2011
التعليقات (0)