علي جبار عطية
الأربعاء 10-07-2013
لعل من اصعب الامتحانات البشرية الحيلولة بين المرء وشيء يرغبه ويطمع في امتلاكه مع امكانية ذلك فكيف اذا كان هذا الامتناع امتثالا لله عز وجل كما في الفريضة العظيمة الصيام فتتحول المباحات في نهار الصوم الى محرمات ويعيش الصائم نهارا عباديا كاملا مع انه في النهارات العادية الاخرى يمارس اعمالا حياتية يستوي فيها مع غيره من ابناء الحياة من البشر وغيرهم!
وعلى ذكر الممنوعات مرت في ذهني حكاية طريفة تفسر المثل الشهير (صارت فرهود) تقول الحكاية ان رجلا اعمى دعي الى وليمة فاصطحب صديقا له ليدله على اصناف الطعام الشهية مع وجود مثل اخر يقول (عند البطون تعمى العيون) او بنسخته المعاصرة (ما اضعف صوت الضمير عندما تصيح المعدة)!
وهكذا اتفق معه الصديق على ان يضع خيطا في يده فاذا مد يده نحو طعام واوغل فيه يجر الخيط مرة واحدة واذا كان الطعام شهيا كرر جر الخيط تحفيزاً له على المضي في الاكل اما اذا اطال الجلوس على المائدة وانفض الناس فقد اتفقا على اشارة خاصة مرتبطة بالخيط ايضا وابتدأ وضع السفرة على الارض ورصفت الاواني والصحون والاطباق الشهية وتهيأ صديق الاعمى للجلوس وجر الخيط ففهم الاعمى ان سباق الاكل قد بدأ فتناول الطبق الذي يليه والتهمه فأحس بجرة اخرى فازدادت شهيته ليلتهم طبقا اخر مع جرة ثالثة شديدة جعلته يسرع في الالتهام في حين ان صاحبنا ذو العينين يريد ان ينبهه الى الموقف المحرج الذي وضعهم فيه لكن الاعمى فهم خلاف ذلك واستمر في الاكل بشراهة وسط دهشة الحاضرين فكأنه لم يأكل منذ ايام ومع تكرار جر الخيط لعدد غير محدود من المرات اضطر الاعمى ان يترك لغة الاشارة والرمز ويقول بعلو صوته : (خوب كول صارت فرهود). !
ونحن نرجو الا يكون تعاطينا مع وجبة الافطار بعد غروب الشمس مثل تعاطي الاخ الاعمى مع المأدبة فنقع في فرهود عفت انفسنا عنه ونترك فرهوداً نفسيا يرتفع بانسانيتنا درجات الا وهو الترفع عن الدنايا!
التعليقات (0)