هى شهادة زور غير متعمدة , بل هى أقرب إلى الخطأ وسوء التقدير , وأعنى بذلك ما يتردد فى مصر من أن صعود الإسلاميين إنما يرجع لاضطهاد نظام مبارك لهم والزج بهم فى السجون مما أدى إلى تعاطف الجماهير معهم والتصويت لصالحهم فى الانتخابات , ومن الملفت للنظر أن هذه المقولة ترد على ألسنة الخصمين المتنافسين وهما التيار الدينى والتيار الليبرالى ! . أنا أرى أن الأمر عكس ذلك تماما , وأن نجاح الاسلاميين فى السيطرة على مراكز صنع القرار فى مصر واقتطاف أو اختطاف ثمرة الثورة إنما يرجع إلى تساهل نظام مبارك معهم , ودعمه لتوجهاتهم , قد يعجب البعض لهذا الطرح , ولكنى أشير إلى بعض الحقائق , منها أن إدخال بعض أفرادهم فى السجون لا يعنى أن النظام كان يحارب مشروعهم , ولكن كان الهدف من ذلك إرسال رسالة للخارج بأن النظام هو الذى يحمى مدنية الدولة والحريات الدينية فى مصر من المتربصين بها , بينما كان هؤلاء يقضون فترة سجنهم ثم يخرجون أبطالا فى نظر الرأى العام . ثانيا فى الوقت الذى حارب فيه النظام القوى العلمانية والتيارات الليبرالية حربا لا هوادة فيها فإنه ترك للتيار الاسلامى حرية الحركة والاجتماع والتنظيم وتلقى التمويل من الخارج , وكان لقب (المحظورة ) مجرد ذر للرماد فى العيون , فقد رأينا لهم مقرات مكتوبا عليها لا فتات بالخط العريض ( مقر الهيئة البرلمانية للإخوان المسلمين ) وكان هذا قبل قيام حزبهم ! فى ذات الوقت فقد جرت المؤامرات ضد الأحزاب الليبرالية ومحاولات ضربها واستهداف قادتها , وما حدث لحزب الغد ومؤسسه أيمن نور ليس ببعيد . ولا يغيب عن عقل أحد أن أسلمة المجتمع المصرى وانتشار النقاب واللحى واضطهاد الأقباط إنما كان أحد أهم معطيات النظام السابق , والذى لم يسقط بعد . ومن هنا حينما تعجل العسكر فى إجراء انتخابات هزلية كان المؤهلون لها هم أصحاب الطرح الإسلامى الذين هيأهم النظام ورعى فكرهم وأسهم فى ترويجه وسيطرته على عقول المواطنين , وربما كانت هذه الدلالة الوحيدة على بعد نظر هذا النظام الذى ضرب أمثلة فى الغباء وانعدام الرؤية , ذلك أنه يجنى ثمرة ما فعل الآن حيث صارت الثورة الآن فى قفص الاتهام , ,استطيع أن أؤكد أن أكثر من 80% من الشعب المصرى صاروا يتمنون عصر مبارك ويقولون سرا أو علنما - ليت الثورة ما قامت - وهؤلاء يتكونون من طيفين الأول هو الكتلة الشعبية التى كانت تكره الظلم الاجتماعى والتفاوت الطبقى فى عصر مبار ك فأصبحت تجد نفسها مخنوقة بالأزمات وطوابير الغاز والسولار فضلا عن الانفلات الأمنى , الطيف الثانى هو التيارات العلمانية وأهل الفن والفكر وجموع الأقباط الذين هزهم حلم التغيير والتوق إلى الحرية وهو ما بشرت به الثورة فى بداياتها , ولنهم أفاقوا من الحلم على كابوس مخيف يهدد أبسط حقوقهم فى الحرية والكرامة الإنسانية . إذن نظام مبارك يجنى ثمار ما زرع , أنا هنا أتحدث عن النظام الباقى لا عن الشخص الذاهب . نعم لقد خطف الإسلاميون الثورة لأنهم كانوا القوة الوحيدة التى ترك لها النظام حرية الحركة والفعل والقول لا لأنه اضطهدها هذه الأكذوبة التى يرددها الجميع بوعى أو بغير وعى
التعليقات (0)