"إلا الذين ءامنوا"
هذه القلة المستثناة من الكثرة الخاسرةولأنها قلة
متميزة جاء التعبيرالإلاهى وسلط عليها الضوءفلم
يقل فى كلمة واحدة:المؤمنون ,ولكن ذكراسم الموصول الذى لابد له من جملة الصلة فكان التعبير بكلمات ثلاث لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى.
فمن الذين آمنوا ؟
إنهم الذين أدركوا يقينا الحقيقة الكبرىوهى وجود الله تعالى فوقرت فى قلوبهم وقادتهم إلى
التصديق الكامل بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ,وهذا معناه أنهم استسلموا لله قلبا
وقالبا,لأن الإيمان بهذه الخمس إيمان بالغيب الذى لايدركه العقل ,وهذالايتحقق إلا إذاطغانبض
القلب على أطروحات العقل .
هناك أسئلة يطرحهاالعقل ولايمكنه الإجابة عنها
لأنها تقع خارج نطاقه ,ولكن القلب يحسهاوإن كان يعجز عن التعبير عنها لأن التعبير لغة العقل
ولهذا لايتوقف المؤمن كثيرا عند حدود العقل لأنه
-يعلم أن العقل محدود بتصوراته .
-ويعلم أن إحساس القلب الصادق ومضة من عالم الغيب .
-ولأنه يثق فى الله الذى يؤمن به ,وأن عنده وحده الحقيقة الكاملة .
فهو حين يستسلم لله يأوى إلى ركن شديدوحصن
حصين ,وهو -بيقينه الكامل-فى أمان تام .
فالمؤمن سيد عظيم,سيد نفسه,يحتويهاويقودها
وسيد الأشياء من حوله فهو الذى يعطيهاالمعنى
وهى بدونه مجرد أشياء معطلة .
والمؤمن استمد هذه السيادة من الله تعالى,لأن
(المؤمن )من أسماء الله الحسنى .
فهو المؤمن أى المصدق لرسله بالمعجزات ولكل
مؤمن بالتثبيت والنصر"ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون"الصافات 171-173
وهو المؤمن الذى يهب الأمان لأوليائه"الذين لم
يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون "الأنعام82
وبعد ....
فهل علمتم -رحمنى الله وإياكم -مصدر القوة التى
يتمتع بها المؤمن ؟
وهل رأيتم تلك المكانة العليا التى يتبوؤها ؟
ولكن الإيمان ليس إحساسا قلبيا مجردا لأن القلب
لاينبض فى فراغ وما سمى القلب قلبا إلا لأنه يحيا فى قالب ,ولابد لهذا اليقين القلبى أن يكون له حضورفى الخارج,ولاخير فى قلب يكبت نوره
ويكفكف إشعاعه ,بل هذا القلب البخيل لاوجودله.
فكيف ينبلج نور القلب المؤمن ؟
هذا ما سنجيب عنه فى حديثنا القادم إن شاءالله..
التعليقات (0)