كانت السنة الإيرانية التي مرّت صعبة على الحرس الثوري الإيراني من أصعب السنوات على الإطلاق . فقد عانت قيادة الحرس الثوري من عدة انتكاسات أهمها فقدان محمود أحمدي نجاد الذي كان رغم تمرّده ضد الحرس في نهاية حكومته إلا أنه كان أداة طيّعة في يد الحرس وقادته. لكن ما أعقب ذلك من تشتت في معسكر الأصوليين بعد نجاح التيار المعتدل الذي يتزعمه الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني قد انعكس في هيئة الحرس وتماسكه في مواجهة الحكومة وشقّ ذلك الحرس الى تيارين متشدد ضد الحكومة وتيار موافق لسياسة الحكومة.إنّ الظروف الإقتصادية المتردية التي مرّت على الحرس بسبب تجفيف مصادره الإقتصادية قد ساعدت على هذا الإنشقاق في خطاب الحرس الثوري الذي لم يظهر متماسكاً في وجه الحكومة التي يتزعمهما روحاني.
فقد وصل التشتت و التشرذم في الحرس الثوري الى حد التناحر و الصدام مع الحكومة من ناحية ومغازلتها من ناحية أخرى.لكن لم يخفي الحرس بين فينة وأخرى وذلك من خلال إعلامه الموجّه "وكالة فارس للأنباء" من مساعي الحكومة ثقافياً وسياسياً و إقتصادياً. وظلّ الحرس يقف بوجه الخطط الحكومية بدءاً من الخطة التموينية وصولاً الى المحادثات النووية وصولاً الى الخطة الثقافية التي تديرها الحكومة والتي تتسم بالإنفتاح النسبي الذي تنتهجها الحكومة بالمقارنة للحكومة السابقة
.
كانت السنة الإيرانية الفائتة حافلة بإعلام الحرس الثوري الذي انتقد الحكومة بسبب أداءها المرن بالنسبة للملف النووي محذرة الحكومة من أي تراجع فيما يخصّ تخصيب اليورانيوم فقد نصح مسعود جزائري وهو قائد رفيع في الحرس الثوري روحاني بعدم التراجع عن مواقف النظام حيال الملف النووي رغم أنّ الحصار الإقتصادي يضرّ بشريحة واسعة من الشعب الإيراني ودعا الشعب و الحكومة لمقاومة العقوبات وعدم التنازل محذراً من أي خطوة من شأنها أن تتنازل عن حق إيران النووي.في الوقت نفسه يحاول الحرس إغراء الحكومة عبر منحها امكانيات الحرس وقدراته الإقتصادية للحيلولة دون عقد صفقات بين الحكومة والدول الغربية سوف تحرم الحرس من الصفقات التي كان يعقدها مع الصين أو روسيا وينتفع من وراءها الحرس .
فقد وصف القائد ميداني في الحرس الثوري"يد الله جواني" سياسة روحاني بأنها سياسة" الإبتسامات" لا يمكنها مقاومة السياسة التي تحاك ضد بلاده مطالباً روحاني بانتهاج سياسة أكثرحزماً محذراً إياه من تراجعه أمام الغرب لأنه سوف يواجه شعباً بأكمله.لكن جاء خبر منع الحكومة مناورات الحرس الثوري الصاروخية لتوضح عمق الفجوة بين الحكومة والحرس الثوري.واستمرت الخلافات بين الحكومة والحرس في القضايا الإقتصادية وتطورت النقاشات وتهديدات الحرس لكن ظلّت الحكومة متمسكة بمواجهتها للحرس وضغوط رغم أنّ الحرس قد وصف في عدة مناسبات بأنها "عصابة ثروة وسلطة" مستهزئين بسياسة المرونة والإعتدال التي تنتهجها الحكومة بسبب الإعتقاد السائد لدى الحرس بأنّ أي حكومة إصلاحية لا تنتهج سياسة متشنجة قد تبعد هذه المؤسسة التي أسست على الحرب و منهج الخصومة مع الجيران والعالم قد تفقدها أنصارها التقليديين في الداخل والخارج وهذا ما يخشى منه ليس الحرس بل النظام الإيراني بأسره القائم على سياسة الخصام والتشنج و العداوة والحروب فلا استغراب في العداء بين روحاني و الحرس لو أدركنا مبادئ الثورة الإيرانية.
التعليقات (0)