العرب فقدوا الثقة في أنفسهم وفي مستقبلهم , وهم كمريض السرطان في مراحله الأخيرة يصرف أمواله بلا تدبير ولا يهمه ما يجري حوله من مؤامرات حول مصيرثروته وأرضه . العرب لا يعرفون قوتهم في العالم فقد فقدوا الامل بعد هزيمتهم المهينة من طرف إسرائيل في معارك عسكرية لم يستعدوا لها وأنشطة دبلوماسية فاشلة غير مدروسة وحكموا على أنفسهم بالضعف والأنهيار . العرب اليوم قد لا يعرفون أن المال العربي هو أقوى قوة مالية في العالم يتحكم في إقتصاديات العالم الغربي بترولا وإحتياطات مالية وإستتمارات . ومع هذ نسمع نعيق الساسة وبعض الإقتصاديين العرب بان دخل العالم العربي يقل عن دخل دولة أوربية متوسطة مثل إسبانيا , ويقارنون بغير موضوعية بين دخول دول شعوبها تملك ثروات مترامكة نتيجة مدخرات طوال قرون وبين دخول دول شعوبها فقيرة ليس لديها ما تدخره منذ قرون عديدة كما أن الاقتصاد الغربي يمول استهلاك المواطنين الغربيين للحفاظ على دخلهم المرتفع. وتقوم الحكومات الغربية بطبع سندات حكومية تبيعها نقدا لأثرياء النفط من المستتمرين العرب حكومات وافرادا , وتوزيعها على البنوك والشركات الكبري التي تقوم بدورها بأعطائها كقروض عقارية وإستهلاكية وتسهيلات شرائية للمواطنين في الغرب وفترة إسترداد هذه القروض قد تستمر لفترة 50 عاما قابلة للتمديد والزيادة ومعضمها لا يسترد أصلا أي بمعنى أخر أنها ديون معدومة صورية ودخل غير مرئي مجاني للمواطنين الغربيين ممول من بترول العرب ومدخراتهم .أما الدول العربية فتضم شعوبا معظمها تحت حد الفقر بينما تستتمر الحكومات العربية في صرف أموال النفط وإستتمارها في السوق الغربية . والدول العربية الأن تملك مدخرات وإحتياطات وإستتمارات تزيد عن الدخل القومي لاي مجموعة إقتصادية مثل أمريكا والأتحاد الاوربي واليابان مع الفرق أن المدخرات وألاستتمارات والأحتياطات العربية تصرف وتستمر في دول الكتل الأقتصادية الكبرى بيما تصرف دخول الكتل الأقتصادية الغربية على شعوبها . ولنا في ذلك أمثلة لهذا الثقل المالي والأقتصادي للدول العربية . ففي سنة 1973 أستطاع العرب أن يوقفوا عجلة إقتصاديات الدول الغربية لأيام معدودة عاد العرب بعدها إلى فتح أنابيبهم ومصارفهم وأسواقهم ولهذا فشلوا في الحصول على أية ضمانات أو حلول سياسية للقضايا العربية لانعدام التخطيط بين الدول العربية . ورغم أن ليبيا تعرضت لضغوط إقتصادية دولية أثرت فيها بسب عدم تأييد العرب لها ومشاركتهم في المقاطعة الغربية ضدها إلا أن هذه المقاطعة أضرت بالدول الغربية الصناعية أيضا وأقنتعها بأن لا تقدم على مثل هذه المقاطعة لدولة نفطية عربية مرة أخرى بسبب خلافات سياسية . وأخيرا إستطاعت ليبيا أن تهدد إقتصاد أقوى دولة مالية في أوربا بمقاطعتها ماليا وتجاريا ودبلوماسيا لأسباب غير سياسية . وقد فرضت ليبيا مطالبها على الدول الصناعية الكبرى مثل بريطانيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا وباقي الدول بمجرد التلويح بالتهديد بقطع العلاقات التجارية والمالية ولا زال تستعمل هذا السلاح وقد تقاطرعلى ليبيا لرؤساء الأوربيين صاغرين ومنهم شراك رئس الجمهورية الفرنسية وبلير رئيس وزراء برسطانيا وبعض أعضاء العائلة المالكة البريطانية وبلرسكوني رئيس وزراء إيطاليا وشرودر المستشار الالماني وملك أسبانيا وملكته وغيرهم وأستقبلهم القذافي في خيمته في صحراء ليبيا مستعرضا معهم الجمال والأغنام لمزيد من الأهانة رغم أن عنده أعظم قصور العالم لأستقبال الضيوف . بل أجبر برلسكوني رئيس وزراء إيطاليا للأعتذار عن الأستعمار الأيطالي وتقبيل إبن عمر المختار الرجل البدوي البسيط أمام كاميرات العالم . وأجبر رئيس أتحاد سويسرا على الأعتذار والأعتراف بخطأ رجال الأمن السويسري في حق أبنه وأدلى بتصريحه هذا في طرابلس ورفض القذافي مقابلته . صحيح أن مقاطعة أية دولة عربية لأية دولة صناعية كبرى لن يدفع هذه الأخيرة إلى الفقر لكن من الأكيد أن إقتصادها وتجارتها ووضعها المالي لن يكون على ما هو عليه قبل مقاطعة الدولة العربية لها . وأريد من القارئ هنا أن يتصور معي لو أن الدول العربية مجتمعة قاطعت تجاريا وأقتصاديا وماليا دولة صناعية كبرى أو إحدى إلكتل الأقتصادية الكبرى ماذا ستكون النتيجة؟ الجواب من غير تردد ستضطر هذه الدولة او الكتلة الأقتصادية التي يقاطعها العرب تغيير سياستها نحو القضايا العربية بما يتمشى ومطالب العرب الشرعية وحصول الفلسطنيين على إستقلالهم بل وطرد حتى إسرائيل من فلسطين إذا أستدعي الأمر . أنا أعرف أن هذا الكلام كالنفخ في قربة مثقوبة لن يكون له قبول من طرف كثيرين من الحكام العرب ومستشاريهم الذين يرددون بدون وعي وتفكير ما ينصح به الأقتصاديون والساسة الغربيين ويردده الأعلام الغربي عن قصد والأعلام العربي عن جهل , بأن البترول ثروة زائلة ويمكن تعويضها بمصادر أخرى للطاقة وان دخل البترول تعتمد عليه الدول والحكومات العربية اكثر من أعتماد الغر ب عليه ولا يمكن إستخدامه كسلاح , ولهذا حرم على الدول العربية حتى مجرد التفكير في أستخدام قواهم المالية والتجارية والأقتصادية . لكن ماذ ا سيحصل للاقتصاد الغربي لو توقف النفط وجفت الأحتياطات والأستتمارات العربية . لا شك أن الجواب تعرفه الدول الصناعية جيدا وهو إنهيار الأقتصاد الغربي ولا خر العالم للعرب سجدا. المقاطعة التجارية والمالية أصحبت وسيلة سلمية حديثة على المستوى الشعبي والرسمي تستعمل حتى بين الدول الصديقة ضد بعضها البعض لحل خلافاتها وقد إستخدمت بين أوربا وامريكا وبين أوربا وأمريكا واليابان في علاقاتهم التجارية وقد حققت هدفها دون اللجوء إلى القوة .ونسمع اليوم بالتهديد بمقاطعة الأمريكيين لبضائع أستكلندا بسب أطلاق سراح سجين ليبي دون أن تتعرض العلاقات بين بريطانيا وأمريكا لأي تغيير . حلال عليهم حرام علينا ولكن الحق علينا وليس على الطليان.وأخيرا فإن الضغط الأقتصادي على الغرب والمقاطعة التجارية والمالية هي الوسيلة الوحيدة لحصول العرب على حقوقهم المشروعة في فلسطين والعراق وفي احترام سادتهم وحقوقهم ,وهو سلاح مشروع يستعمل بين الدول الصناعية نفسها ولن يعرض العالم العربي لاي خطر وهذا ما أمن به الملك فيصل رحمه الله وبدأ في تنفيذه قبل إغتياله المشبوه .
التعليقات (0)