مواضيع اليوم

زعيق ضائع في عصر بنفسجي..

جمال الهنداوي

2010-03-17 20:51:09

0

لن يصعب على المتابع لسلوك بعض القنوات الاعلامية المعادية للعملية السياسية في العراق.. ولحق الشعب العراقي الاصيل في فرز خياراته السياسية عن طريق الاقتراع الحر والمباشر..وخصوصا اثناء تغطيتها المغرضة المتشنجة العوراء لعرس الشعب العراقي الانتخابي الكبير.. ملاحظة الالتفافات المفاجئة والحرجة والمرتبكة في ممارساتها الاعلامية ..وسرعة تبديلها لارديتها واقنعتها كصدىً مسرف الخطل وسوء النية المبيتة للمواقف والتعرجات التي طرأت على مسيرة العملية الانتخابية..

فبعد ان استنفذت تلك الجهات جل طاقتها في تثبيط همة المواطن العراقي وتحريضه على مقاطعة العملية السياسية..وتصوير صندوق الاقتراع كاكبر تهديد يواجه مستقبل العراق وامنه ووحدة اراضيه..وبعد الجهد الجهيد –الذي يستحق الرثاء –في رسم الدوائر والخطوط التي تقسم العراق طائفيا وعرقيا وبناء هياكل وهمية سحابية من الاخطار التي تنتظر العراقيين ان لم ينصتوا لنصائح"الاشقاء"بنبذ الديمقراطية والعودة الى كلمة سواء خلف من ترضى عنه السماء ودول الجوار..تحولت تلك القنوات تحت وطأة الهجوم الانتخابي المضاد من قبل الشعب العراقي وقواه الوطنية الحية والفاعلة نحو الترويج المسعور لفكرة ان الدولة – وبقوة السلاح ومدافع الهاون -هي من تمنع المواطن من الذهاب الى صناديق الاقتراع مستهدفة قائمة معينة..ولاسباب مناطقية هذه المرة..رغم ان احدى هذه القنوات..وقبل يوم واحد فقط ..قد قامت "مشكورة "بعرض رسالة ابو عمر البغدادي وبصوته وبثها مقرونة بذكر انه الامير الموعود لدولة العراق الاسلامية..

وبدون أي فرصة لالتقاط الانفاس..تحول الجوق بكامل تشكيلته..وتحت القيادة المظفرة ل"كبيرتهم"..  لاعلان فوز احدى القوائم "الساحق"قبل ثلاث ساعات من غلق صناديق الاقتراع كنوع من التشكي الاستباقي من حيف مفترض سوف تتعرض له القائمة المنصورة..مما ساعد على ادامة زخم الاتهامات بالتزوير والتلاعب التي توزعت الجميع بوفرة واسراف قل نظيره.. لتتجاوز الحكومة والدولة الى الاحزاب المفترض تشاركها في الهم الوطني ..وتمتد الى الجهات المستقلة وحتى الى منظمات المجتمع المدني صعودا الى المنظمة الدولية وكل من لا يزأر بدعاوي التآمر والارتباطات المشبوهة..لنجد بعدها الصمت المطبق المشوب ببعض الاشادة المبطنة للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات عند ورود الانباء بتحصل طرف ما بعض التقدم الطفيف..

ان مثل هذه الممارسات الاقرب الى العمل الاستخباري منها الى المهنية ..لوكانت لها من فائدة ..فانها تتجلى في الفرصة النادرة التي اتاحتها لهواة الاحفوريات الاعلامية لاستعادة بعض اساليب الترويج المنقرضة والتي كانت سائدة في وقت النظام البائد وفي عصر القناة الواحدة لكل عشرين مليون مشاهد..

فليس من العبقرية بمكان ان يمارس الاعلامي التناقض والكذب البواح على الهواء مباشرة وتحت الاضواء الكاشفة لالاف القنوات الفضائية والتي تتسابق للفوز بانتباه المشاهد واثبات انها الاكثر مصداقية..والاقرب لواقع الحال..

وليس من المهنية ان يحاول الاعلامي تشويه الصورة الناصعة التي تركتها العملية الانتخابية على جبين الايام ..وتسفيه الملحمة الخالدة التي سجلها العراقي البطل بتحديه الشجاع لقوى التسلط والارهاب.. واعلانه الديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة الضامنة لسيادة القانون وحقوق الانسان كطريق اوحد لا تقلل وحشته الاقليمية من اصرار الشعب على اجتيازه حد النهاية.. وتصويرالامر كعمل منظم مدفوع باعتبارات الانتماء لايديولوجيات مستوردة قادمة من خلف الحدود-حاشا المناطق المشمولة برعاية قائمة معينة-.

وليس من الذكاء ان تختص دعاوي التزوير في المناطق التي لم تشهد فوز من ارتضته الشرقية اميرا..

وليس من الفطنة ..في عصر الكوكبية الاعلامية الراهنة..اتباع الميكيافيلية التقليدية –والتي عفت عليها العولمة-بالكذب ومن ثم الكذب فالمزيد من الكذب حتى تصدقك الجهات الممولة..

ان الجانب المؤلم في الامر هو ان لا تستفز كل هذه الدماء التي قدمها العراقيون بسخاء لانجاح تجربتهم الديمقراطية الرائدة ..بعض المحسوبين على ارض العراق وتدفعهم الى النأي بحرمة الدم الطهور عن المساجلات والتقاطعات السياسية الخائبة..ومن المؤسف ان يقوم البعض الذي يدعي انه ممن بقي على قيد الوطن بمحاولة تهيئة الارض نحو اسقاط اهم عنصر من عناصر  التعددية والديمقراطية والتدافع الاجتماعي السلمي الا وهو القبول الطوعي السلمي لما يترشح عن طريق صناديق الاقتراع..تمهيدا للانقضاض على التجربة السياسية العراقية وتفتيتها واجهاضها على اعتبار انها حمى عارضة اصابت جسد الديكتاتورية العربية العتيد..

ان المستهدف من كل هذا السعار الاعلامي ليس جهة سياسية بعينها وليس تحريضا على طرف ما بقدر استهدافها لجوهر العملية السياسية الباهظة الثمن عراقيا..من خلال تقزيم المنجز الحضاري العراقي وتثليب الصورة البهية التي رسمتها الحرية للشعب العراقي العظيم وارسلتها الى اقطار الارض وجهاتها الاربع نورا واشعاعا وسناءً ومنارا للشعوب المقهورة المتعطشة للتحرر والانعتاق..

من الانصاف ان نحسب للدكتور اياد علاوي كونه الزعيم العربي الاول-وربما الوحيد- الذي خسر انتخابات نظمتها حكومته وكان طرفا فيها..وتباين النتائج وتحركها المستمر تدل على انه لن يكون الاخير -عراقيا على الاقل-.. ويحسب ايضا للسيد المالكي نجاحه في ضمان حيادية المفوضية العليا..وان مثل هذه الممارسات البعيدة جدا عن الجدوى والنفع العام لن تقوى على التعتيم على حقيقة ان العملية الديمقراطية اصبحت واقعا معاشا في العراق.. وان العراقي يضع في المقام الاول نجاح الحراك الديمقراطي اكثر من هوية الشخص الفائز في الاقتراع..وان رهانات البعض الطائفية والمناطقية قد اسقطت بالبنفسج الذي عطر انامل العراقيين..ولن تجد لدى شعبنا سوى الرثاء الممزوج بالاسف والتحسر لمدى الدرك الذي ما زال البعض متوحلا فيه..فان الامانة والاصطفاف مع خيارات الشعب وارادته الحرة هو مما يمكث في الارض..والزيف والتزييغ والتهافت والنفخ في رماد الديكتاتورية هو من سيذهب جفاءً غير مأسوفا عليه مدانا برفض الشعب ولعنة التاريخ.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !