اجتمع خالد مشعل رئيس المجلس السياسي لحركة حماس مع رئيس السلطة الفلسطينية في رام الله، تحت سقف واحد في قاهرة جديدة، غير قاهرة مبارك الذي رعت حكومته حوارا ماراطونيا بين الفريقين دون أن يتحقق السلم الفلسطيني- الفلسطيني في زمنه. ولكأن نظام مبارك كان جزءا من المشكلة بين الحركتين (فتح وحماس) لا جزءا من الحل، في قضية كثيرا ما أثّر العوامل الخارجية فيها على الداخلية.
تغلب إرادة الصلح على غيرها من الإرادات، وتم رسميا المضاء على الاتفاق برعاية سلطة مصرية جديدة، بدا أنها أرادت بالفعل أن تكون عنصرا هاما من الحل الذي تم بالفعل. إنها السلطة الجديدة التي جاءت ثمرة لثورة 25 يناير التي أطاحت بمبارك وحكمه والفريق الذي كان يحاور ويحاول الجمع بين الفريقين الفلسطينيين المتخاصمين.
إنها السلطة المنبثقة عن الثورة الشعبية المصرية، والتي جاءت في سياق الثورات العربية المتتالية التي اعقبت إشعال المواطن التونسي محمد البوعزيزي للنار في جسده، فأشعل نار الثورة في مختلف أنحاء العالم العربي، ووصلت رياحه إلى فلسطين أولا عندما قام شباب من على صفحات المواقع الالكترونية الاجتماعية بالدعوة إلى ثورة ضد الانقسام، ولم يجد الفرقاء من وسيلة إلا الاستجابة إلى النداء (حتى ولو كانوا مكرهين) والخارطة السياسية تغيرت بشكل كامل ولم تعد لأي طرف الاوراق السياسية الخارجية التي كانت في صالحه. وكانت سلطة رام الله تعتمد على حليف /كبير/ هو سلطة مبارك التي كانت تحكم سيطرتها على الحدود مع قطاع غزة ولا تفتح معبر رفح إلا في الوقت الذي تشاء وبالشروط التي تشاء، ثم الاعتماد على /معسكر الاعتدال/ الذي بدأ في الانهيار مع انهيار أحد أقطابه وهو نظام مبارك. بينما كانت سلطة غزة الحمساوية التي اعتمدت في خطابها المعلن على ورقة الشرعية الشعبية وكانت الفائز في آخر تشريعيات فلسطينية قبل فصل القطاع عن الضفة الغربية، لكنها عمليا كانت تعتمد على /معسكر الممانعة/ بقيادة نظام الأسد السوري المتحالف مع إيران وحزب الله في لبنان، وهو المعسكر نفسه الذي بدأ في الانهيار مع اندلاع الثورة الشعبية في سوريا التي أصبح من خلالها المعارضون ينادون بإسقاط النظام، رغم أن النظام مازال يقول بأنه يتعرض لما يسميها /مؤامرة خارجية/.
إنه الوهن الذي أصاب معسكر الممانعة ومعسكر الاعتدال على حد سواء، بعد أن فعلت رياح البوعزيزي فعلتها في العالم العربي، ولم يجد فريقا الصراع الفلسطيني في النهاية إلا الاستجابة إلى نداء المصالحة لمصر الجديدة، والفريقان يدركان ألا ناقة ولا جمل للنظام الجديد في القاهرة إلا تحقيق نصر ديبلوماسي يعيد للقاهرة دورها الذي فقدته بمرور السنين، وكان لا بد من أن يجتمع عباس ومشعل في القاهرة بدل شرم الشيخ التي كان يفضها مبارك، وتتحقق أخيرا أرادة الشارع الفلسطيني الذي ردد يقول: /الشعب يريد أنهاء الانقسام/ المقتبسة من مقولة /الشعب يريد إسقاط النظام/ التي انطلقت من تونس البوعزيزي.
التعليقات (0)