رصاصه الرحمه و الخليفه
منذ أن تولي الجنرال "كمال أتاتورك" زمام أطلال دوله الخلافه في الأستانه وأعاد بناء دوله جديده علي مبدأ الحداثه ودستورها العلمانيه وأدار ظهره الي أمصار الخلافه السابقه وتطلع الي الأمام وتركيا كما أسماها هو علي إسمه تخطو خطوات واسعه نحو الحداثه والتقدم ..
وظل حكام تركيا لعقود طويله يعيشون علي هذه المبادئ العلمانيه التي صاغها لهم كمال أتاتورك وتولي الجيش مهمه حمايه علمانيه الدوله من أي محاوله لتبديلها أو تعديلها ومن منطلق هذه الحمايه كان الجيش بين الحين والآخر يقوم بالإنقلاب علي الحكومات وإعاده المسار الي ما كان عليه ثم يعود الي ثكناته ..
ولكن اليوم الأمور إختلفت فهناك رجل يتولي رئاسه الحكومه التركيه يختلف عمن سبقوه هو "رجب طيب أردوجان" .. رجل يحمل علي عاتقه حلم قديم كما يحمله الكثير من الأتراك ألا وهو إحياء الخلافه العثمانيه وبعثها من مرقدها بسِمتها الإسلاميه ..
وفي سبيل ذلك وبعد الكثير من الإجراءات والمواقف السياسيه علي الساحه الإقليميه والدوليه نجح في أسلمه التوجه الخارجي التركي ثم إتجه الي الداخل في خطوات محسوبه وجريئه في نفس الوقت لأسلمه المجتمع التركي بدأت بتحرشات بالمؤسسه العسكريه والتي مرت بسلام وإزداد غرور الخليفه أردوجان وإستعان بالقضاء علي ضرب سلطه العسكر المدنيه .. وضع بها العسكر علي المحك أمام الشعب كله وتمكن من خلالها من القبض علي الكثير من قاده العسكر الحاليين والسابقين والزج بهم في السجون تمهيدا لمحاكمتهم بتهمه التآمر لقلب نظام الحكم في سابقه لم تحدث في تاريخ تركيا الحديثه ..
ونجحت أيضا هذه الضربه القاسمه ولم يستطع قاده العسكر الخروج علي شرعيه قرارات القضاء وتراجعو عن المواجهه هذه المره عندما إستشعرو بوجود دعم أمريكي قوي لأردوجان تمثل بالأساس في معلومات إستخبراتيه أمريكيه تسببت في كشف الحدث “القديم الحديث” ..
وهذا الدعم الأمريكي ليس لوجه الله ورسوله ولكن لأجنده إستراتيجيه أمريكيه ..
كل خطوه يخطوها الخليفه أردوجان يكتسب بها أرض جديده تدفعه دفعا ليخطو خطوه جديده متبعا مبدأ طرق الحديد وهو ساخن .. فوجه القضاء من جديد لتوجيه إتهامات بالمؤامره لإثنين من كبار قاده قوات الأمن الشبه العسكريه ليطمئن تماما أن كل الرؤوس الكبيره التي يخشي جانبها قد تم قطافها ولم يعد هناك ما يخشي جانبه من العسكر حاليا ..
وهنا بدأ أولي خطوات المرحله التاليه من خطه أسلمه تركيا ليتبوء هو الخلافه في القرن الحادي والعشرين ..
وأيضا علي مبدأ طرق الحديد وهو ساخن لم يتوقف أردوجان عن توجيه الضربات القويه المتتاليه في الرأس الي العسكر ليترنح الجسد التركي بكامله مزهولا من هول وسرعه تتابع الأحداث ويستغل أردوجان الفرصه ويبدأ الضرب تحت الحزام ..
ليعلن أردوجان أنه سيعرض في هذا الشهر تعديلات علي "الدستور" والذي ظل لعقود طويله قدس الأقداس لايجوز الإقتراب منه بأي حال من الأحوال سوي بتعديلات بسيطه ليتوافق مع معايير الإتحاد الأوروبي .. وهذه التعديلات الجديده التي سيقدمها أردوجان تشمل الحجاب والقضاء رغم عدم وجود أي إرتباط بينهما ..
فالحجاب .. يدغدغ به مشاعر الإسلاميين الجدد ليتحدو خلفه ويدعموه بكل قوه ..
أما القضاء .. فالدستور يعطي الحق للمحكمه الدستوريه الحق في حظر الأحزاب التي تهدد الهويه العلمانيه وهو ما حدث مع حزبه بإسمه القديم .. وبالتالي سيضع أردوجان أعضاء برلمانيين "حزبيين" داخل مؤسسه القضاء وخاصه الدستوري منه مما يتيح له فرصه عرقله أي قرارات تصدر عنها تخالف توجهه بل وتوجيه قراراتها لصالحه ..
ولكن أردوجان لا يملك الأغلبيه البرلمانيه اللازمه لإجراء هذا التعديل الدستوري وفي نفس الوقت إستشعرت أحزاب المعارضه بالحدث الجلل القادم علي يد أردوجان والذي سيطيح بكل رؤوسها حال توليه الخلافه فسارعت لتعلن معارضتها في سابقه هي الأولي التي يصدر فيها أصوات كانت خافته للمعارضه ..
وهنا جاء صوت أردوجان المنتشي بالنصر علي العسكر ليعلن أنه ربما يلجأ للإستفتاء الشعبي متخطيا كل قوي البرلمان فيما يريد من تعديلات ..
وهنا أصبحت العلمانيه بمفردها في مواجهه أردوجان الذي حاصرها في ركن الأحداث وأكال لها الضربات الموجعه ..
وهنا أيضا المعارضه والعسكر يجمعهم حائط واحد وجههم اليه أردوجان وأياديهم مرفوعه الي أعلي وأردوجان يحمل الخيرزانه ويضربهم علي مؤخراتهم ويتمم تجهيزاته ليتنصب خليفه للأتراك أولا ثم لعموم المسلمين فيما بعد بدعم أمريكي قوي ..
وهنا بقيت خطوه واحده وهي رصاصه الرحمه التي ستطلق إما علي رأس المعارضه والعسكر معا لينتهي كل شيئ ويتبقي أردوجان وحده في الساحه بمفرده .. وإما رصاصه الرحمه تخرج من العسكر علي رأس أردوغان بمباركه المعارضه وتعود الأحداث الي المربع الأول وتعود تركيا الي ما كانت عليه منذ عقد من الزمان ..
مجدي المصري
التعليقات (0)