3 ـ من أجل طفل سأتزوج
لم أتخيل أنني بين ليلة وضحاها أتحول لفتاة لا يهمها الحب والعشق ، لفتاة تستهوها أفلام الحب والغرام .
صعدت للروف لنتحدث كعادتنا كل يوم فقالت سمر :
ــ جنة ما رأيك سنقوم برحلة للإسكندرية يوم الجمعة .
ــ صعدت ِ من سكونك لتخبرني بالرحلة .
فقالت منال :
ــ ولما لا .. منذ ساكن وسام بجوارك وأنتي مضطربة .. ربما فرصة جيدة لتعيد التخطيط لحياتك من جديد.
ــ في أخطط لحياتي من جديد .. مستحيل .
فقالت منال :
ــ الوقت ليس المهم .. المهم الذهن الخالي والحالة النفسية المستقرة .
فقالت روجينا :
ــ ما رأيك إذاً .. هيا أخبرينا .. ستكن رحلة شبابية .. ساكن العمارة وأصدقاءنا .
ــ حسنا موافقة .. ياليت أبي يوافق .
فقالت ليلي أخت منال :
ــ أظنه سيوافق .
ــ ولما أنتي متأكدة ؟! .
فقالت ليلي :
ــ والدك لا يضيع فرصة كهذه .. ربما يراك رجل أعمال ثري ويطلبك للزواج .
ــ برحلة يراني ويطلبني للزواج !!.
فقالت ليلي :
ــ والدك كسائر رجال الأعمال .. الحب عندهم ليس له أهمية .. المهم المال والطبقة الراقية المنتمي لها .
ــ أحيانا ً أتمني لو أبي حنون كعمي آدم .
فقالت سمر :
ــ أصنعي حياتك بنفسك ولا تنتظري والدك يخططك هو.
فقالت منال :
ــ ألم أخبركم ؟.
ــ بماذا ؟.
فقالت منال :
ــ لقد تقدم إلي رجل متدين ليتزوجني .
فقالت روجينا :
ــ ماذا ؟ .. أهو وسيم .. محترم .. هيا أخبرنا عنه .
فقالت منال :
ــ عمره خمس وأربعون عام .. محترم .. لن ينتظر كثير سنتزوج بعد شهر .. ويريدني أرتدي النقاب .
فقالت سمر :
ــ خمس وأربعون .. وترتدي النقاب .. مستحيل توافقي .
فقالت منال :
ــ لا مستحيل .. الفرق في العمر عشرة أعوام .. أم عن النقاب .. سترة من عند الله .. المشكلة أنه متزوج .
ــ ماذا !!.. متزوج .
فقالت روجينا :
ــ ولما جاء إذا ًليتزوجك ؟! .
فقالت منال :
ــ يريد أن يصبح أب .. وزوجته لم تنجب له .
ــ منذ متى متزوج ؟ .
فقالت منال :
ــ من خمسة وعشرين عاما.
فقالت ليلي :
ــ زوجته كانت تمنعه .
ــ ولما وافقت الآن ؟ .
فقالت منال :
ــ كان يبحث من ورائها .. وعندما رآني ووجدني مناسبة أخبرها .
ــ أرأيتها ؟.
فقالت منال :
ــ أجل .. امرأة عادية جدا ً وبسيطة .
فقالت روجينا :
ــ أهي متقبله زواجه ؟ .
فقالت منال :
ــ تحاول التظاهر .. لكن عيونها تكشف غيرتها .
فقالت روجينا :
ــ رأيك في هذا الزواج .. أهناك احتمال للنجاح .. أم الفشل مصيره من البداية ؟.
فقالت منال :
ــ أعجز عن التفكير في الأمر .. زواجي الأول ألحق بي عقدة لا تنسي أبدا ً .. بالنسبة لي الرجال كلها واحد .. أخافهم كثيرا ً .. لم أنسي إلي الآن ضربه لي المستمر والمعاملة السيئة .
ــ منال الوقت مازال باكر علي الوحدة .. لم تتجاوزي الخمسة وعشرين .. تريدي الجلوس هكذا .. تنظري لكل يبني حياته وأنت ِ مكانك .. لن يتركك والدك أبدا ً .
فقالت منال :
ــ اعتدت علي العيش هكذا .. عملي يتقدم كل مدي .. أتقابل معكم باستمرار .. أسفر .. فلما أضحي بهذا كله وأعود للتفكير في الزواج .. وأكون مسئولة عن رجل وبيت .
يا تري هذه المرة سيكون حنون ونعم الزوج .. أم سيكون كرجب .. نفرت من الرجال والزواج بسببه .
فقالت سمر :
ــ حاولي آلا تفكري في رجب .. ليس كل الرجال مثله .. هناك رجال رائعين .. حنونين .. دافئين يشعروا المرأة بالأمان .. يقدسون الحياة الزوجية .. تري النيران تتدفق من عيونهم .. نيران الحب طبعاً كوسام .. أليس كذلك جنة .
ــ صحيح .. عيونه يتدفق منها نار العشق والدفء .. قلبه مفعم بالحيوية والحنان .. الأمان هو التواجد بجانبه .. ولكني لا أعرف سبب انجذابي نحوه .. ربما لإعجابي بشخصيته القوية ورومانسيته .
أتعرفوا لقد وافق علي تصميمي دون أن يغيره ..أخيرا ً وجدت من يقدر مواهبي وأفكاري .
فقالت ليلي :
ــ أليس من النادر بأيامنا أن نجد شاب رومانسي وقوي الشخصية ؟!
فقالت منال :
ــ آلا تعرفي أن كان معجب بك ِ أم لا ؟ .
ــ لا أعرف .. ربما هناك إعجاب بيننا .. لكني أخاف الحب .
فقالت سمر :
ــ ولما تخافي منه .. الحب نبع الحياة .
ــ عندما أراه أشعر بجميع جسدي يهتز .. وضربات قلبي تزداد .. فالحب الذي حلمت به يفوق واقعنا .. أمن الممكن أن نقابل إنسان في عالم الخيال .. نحبه ونعشقه ثم نراه في عالمنا حقيقة .
أبعد سنوات الهروب أجده أمامي .. لا أعرف شعور الحب .. أهو فرح .. أم رغبة في رؤيته باستمرار .. أم الاستمتاع بنظر لعيناه .
كلما نظرت في عينه .. أشعر بأني طفلة ضعيفة تحتاجه بجانبها .. أحببت كلام عيونه .. عشقت رؤية المبتسم والضحكة تداعبه ..الأحزان لا أتصور وجودها وأنا برفقته .
فقالت روجينا :
ــ حينما يخفق القلب بالحب .. لا يري أمامه سوي السعادة .. ينسي أحزانه ويحلق في الأفق .
فقالت منال :
ــ الساعة الواحدة صباحا ً .. هيا يا فتيات للنوم .
في صباح يوم جديد ، فتحت الباب ونزلت لأجد وسام يتحدث مع أستاذ مهاب جارنا في الطابق الخامس فقلت :
ــ صباح الخير مهندس وسام .. صباح الخير أستاذ مهاب .
فقال أستاذ مهاب :
ــ ليس هناك أجمل من رؤيتك كل صباح .. أأنت ِِ بخير .. لما لم أراك هذا الصباح .
ــ لقد سهرنا بالأمس للواحدة فاستيقظت متأخرة .
فقال مهاب وهو يضحك :
ــ لهذه الدرجة النميمة كانت كثيرة .. أتستحق السهر .. الفتيات هم الفتيات .
فقال وسام :
ــ أسهروا في الخارج لهذا الوقت؟.
فقال مهاب :
ــ أي خارج .. هم سهروا في الروف .. قامت جنة بتصميمه .. جعلته رائع لمن يحب السهر والسمر بدلا ً من الخروج والبحث عن مكان كل مرة .. يصعد كل فرد حامل مشروبه أو طعامه .. وأحياناً نشاهد الأفلام أو نلعب .
فقال وسام :
ــ هذا رائع .. كل يوم اكتشف شيء جديد .
ــ أعتذر لدي موعد .
فقال وسام :
ــ مازال الوقت باكر علي العمل .. لما الاستعجال ؟ .
ــ لدي موعد مع السيد جواد .
فقال وسام :
ــ موعدك باكر جدا ً.. من وضع هذا الموعد ؟.
ــ جدول مواعيده مزدحم .. لم أجد سوي هذا الموعد .. أريد الانتهاء كي نبدأ في البناء بأسرع وقت .
فقال وسام :
ــ حسنا ً انهي الموعد علي راحتك .. وبمجرد وصوله لقرار أخبريني حين تصلي للشركة .
ــ حسنا ً إلي اللقاء .
فقال مهاب :
ــ حضري أغراضك الرحلة ستنطلق في السادسة صباحا ً .. ليس ضروري جلسة النميمة هذا المساء .. غدا ً لديكم المتسع لكل شيء .
ــ حسنا ً .
ذهبت للسيد جواد وعرضت عليه التصميم وبعدما انتهيت ذهبت للشركة :
ــ تولاي مهندس وسام ينتظرني .
ــ عندي علم .. تفضلي .
طرقت الباب ودخلت فقال وسام حينما رآني :
ــ أرجو يكون التصميم نال القبول .
ــ أجل .. الحمد لله وافق عليه بشرط السرية التامة .
ــ لما ؟ .
ــ يريد أن تكون هدية عيد زواجه لزوجته .
ــ أروع أن يحب الرجل زوجته .
ــ أصبح الأمر نادر .
ــ أوراءك مشوار بفترة الغذاء؟ .
ــ لا .. لما ؟ .
ــ ممكن نذهب معا ً لتناول الغذاء بأي مطعم .. وإذا رفضتي عرضي لن أغضب أو أفصلك .
ــ لما أرفض أنت جاري ومديري .
ــ لهذا السبب وافقتي ؟ .
ــ لا .. لم أجد سبب للرفض .. أنت إنسان مهذب وبالتأكيد لن يصدر منك تصرف غير لائق .
خرج كلاً منا بسيارته ، سبقني ولحقت به ، وأمام المطعم سألني :
ــ في البداية لم تروقني الفكرة .. ولكن عندك حق .. لا يعرف من بالشركة أنك جارتي .. وحتى لا تذهب عقولهم لبعيد .
ــ الألسنة تتكلم بلا توقف .. بالخير أو الشر .. كل ما في الأمر لدي موعد مهم بعد الغداء .
ــ إلي أين ؟ .
ــ لقد طلبت بعض البرامج من شركة الكمبيوتر وموعد استلامها اليوم .
ــ أكل وقتك عمل .. لا راحة غير النميمة ؟.
ــ هذه البرامج فيها للترفية وأخري للعمل .. أهوي الجرافيك .. لذا قررت تعلمه بإتقان .. وسأستخدمه لتوضيح تصميمي .
ــ طريقة مثالية لقضاء الوقت .. ماذا تطلبي ؟.
ــ سآخذ رستو فلتو .. وأرز .. وخضار سوتيه .. وعصير برتقال .. وأنت ؟
ــ كستليتة فرنسية .. وأرز .. وسلطة فرنسية وعصير برتقال .
ــ لم أتخيل أنك تحب الأكلات الفرنسية .. معظم الرجال تحب الأكلات الشرقية .
ــ الأكلات الشرقية لا يعلي عليها .. ولكن التغير مطلوب .. متى ستحضرين أغراضك للرحلة ؟.
ــ بمجرد عودتي للمنزل .. ألم يخبرك أحد عنها ؟.
ــ أخبرني مهاب .. لم أقرر بعد .. مهاب معتاد التكلم معك بهذه الطريقة ؟.
ــ أستاذ مهاب اعتبره أخي الأكبر .. أو بمعني أخر جزء من العمارة .
ــ أ يعيش بمفرده ؟ .
ــ أجل .
ــ أليس له أقارب ؟.
ــ بلا .. عائلته وزوجته بباريس .
ــ مهاب متزوج ! .. ولما يعيش بمفرده ؟ .
ــ منذ خمسة عشر عام سافرت عائلته لباريس.. لقد نقل عمله والده لهناك .. أكمل مهاب دراسته لفن التشكيلي .. تعرف علي زميلته نيكي وتزوجها . . شعر بالحنين وأراد الرجوع لكنها رفضت المجئ معه .. أصر علي قراره وعاد بمفرده .
ــ ولما لم يتزوج ويكمل حياته ؟.
ــ يحبها بجنون .. طيفها لا يفارقه .. يأمل رجوعها في أي لحظة .
ــ ما أغرب عالمنا ! .
ــ عفوا ً الوقت سرقنا .. اتسمحلي بالانصراف .. وشكراً الغذاء معك ممتع .
ــ الكلام معك لم يشعرني بالوقت .. لا داعي للرجوع للشركة .. انتهي مشروع السيد جواد .. وأنت ِ تحتاجي للراحة ولو لساعات قليلة .
ــ هذا كرم منك .
ــ ليس بيننا هذا .. إلي اللقاء .
ــ إلي اللقاء .
انتظروا الأحداث القادمة
التعليقات (0)