مواضيع اليوم

ذكريات

 ذكريات


- كنا قديما نحمل كتبنا و نستذكر المواد النظرية و نحن نتجول بين المزارع و الحدائق و الحقول .
- جزء منه رياضه و صحة و لياقة فى عدد ساعات المشى و التريض .
- جزء منه تأمل و تفكر فى ملكوت الله . مع اشباع العينين بديمومة النظر الى الخضرة و الجمال – على مدد الشوف – الى آخر مرمى البصر .
- و ايضا اشباع الأنف بالروائح الذكية و ملء الرئتين بالهواء النقى بعيدا عن التلوث بعادم السيارات و مخلفات المصانع أو ما شابه .
- و كانت نسبة التركيز والاستيعاب عالية ، حيث لا ازعاج لا تلوث سمعى و لا بصرى  , و أحيانا كانت تحدث متعة التذوق من خيرات بلدنا . وكنا كثر فقد كانت  تقريبا عادة كل الجيل .


- الأسبوع الماضى ، كنت فى يوم أجازة من عملى . اتصلت بصديق و اتفقنا على الخروج للتريض فى مسارنا القديم .
- كل الأمور اختلفت ،
لم يعد هناك طلبة و لا تلاميذ يستذكرون دروسهم مترجلين بين المزارع .
فالدروس الخصوصية تلتهم كل الوقت .
- رائحة المبيدات تزكم الأنوف .
- ما هربنا منه من ازعاج . و جدناه أمامنا .
ماكينات الرى و رفع المياه على جانبى الخليج – قناة صغيرة جدا – فى ازعاج متناغم و كل ماكينة لها صوتها المميز لها .
كميات مخلفات المنازل – أكياس الزبالة – الرهيبة تسد مداخل كل الطرقات خصوصا القريبة من العمران .


- كنا  قديما نشاهد على رأس كل حقل حجرة صغيرة ( زريبة ) , بها بقرة أو جاموسة أو عجل أو حمار وأقله أغنام .
وجدتها كلها متهدمة . و يندر أن تشاهد أي من المواشي أو الدواب.
- حتى العاملون فى الحقول ، أجسادهم نحيلة ، و وصلتهم عدوى قلة الذوق المتفشية حاليا فى الحضر .
أذكر , رغم صغر سننا فى حينه ، كنا نلقى التحية و السلام على العاملين فى الحقول فنجدهم بصوت جهورى ، بعد أن يرد التحية يصيح ، اتفضل ، اتفضل ، و قد يرسل أبنه أو أحد العاملين ببعض انتاج الحقل كى نتذوقه
أما الان فهو يرد من طرف لسانه ، و بوده ألا يرد .


أكثر مالفت انتباهى ، أن أحدهم شغل ماكينة رفع المياه لرى الأرض . و بجوارها قام بتشغيل الساقية بواسطة دوران حمار .
على أيامنا كان يتم تعليق بقرة أو جاموسة , و لم يكن سائدا أن يقوم الحمار بعمل البقرة أو الجاموسة . و لكن يبدو أنه التطور الذى طال الحيوان أيضا . أو أننى أعتبرته جزء من جملة التنازلات التى يقدمها الحمير فى زمن العولمة و قبولهم بأعمال لم يكن من اللائق أن يقوموا بها من قبل .


الأكثر غرابة ،


هو دمج القديم بالحديث ، و تطويع التكنولوجيا ، فيما يعرف بالأخذ بالأساليب العصرية و الحديثة .
فقد قام أحدهم بربط الدراجة النارية ( الموتوسيكل ) مكان الحمار أو الجاموسة فى الساقية . و قام بتعشيق صندوق التروس على السرعة الأولى .
و المو توسيكل ينطلق فى سرعة ثابتة ، فى مدار ثابت ، ليؤدى وظيفة الجاموسة .
كنا نتندر ، عند بداية استخدام التليفونات المحمولة . و نضحك ملء أشداقنا على ( كاريكاتير ) رسمه الرسام ( مصطفى حسين )عن فلاح يركب الحمار و يتحدث فى الموبايل .
ماذا عنك الآن يا مصطفى حسين لو نزلت الريف و رأيت الحمير ذات نفسها و هى تتحدث فى الموبايلات ؟


وكنا نشاهد بعض ارباب المعاشات أو من أنهوا دراستهم أو صغار الموظفين وهم يمارسون هواية صيد السمك , ويجلسون متقابلين أو متجاورين على حافتى الترعة الصغيرة أو الكبيرة, وقد مارسوا هوايتهم – أظنها الوحيدة فى زمانهم - , وتريضوا وتسامروا , وفى ذات الوقت عادوا بما يكفل توفير وجبة أو وجبتين ,
حتى الأسماك كان طعمها جميلا فى حينه , وكانت سهلة الوقوع فى براثن الصنارة .
حتى الأسماك أيضا لم يكن قد طالها اللؤم والخبث والذكاء الذى عليه أسماك هذه الأيام .
على أن أكثر ما أزعجنى أن أرى القناة التى تحمل المياه لرى الأرض . و هى شبه جافة . و الفلاحون متكالبون على ما تبقى من مياه فى قعرها لرى أراضيهم , وأخبرنى صديقى بأن مشاكل الرى بينهم وصلت الى حد الأقتتال بل  وقوع ضحايا .

يا بلد النيل ........ هل فعلا توجد أزمة مياه ؟

 

eg_eisa@yahoo.com

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !