عندما ذهب الرئيس مرسي إلى إيران وألقى كلمته في مؤتمر دول الانحياز الذي انعقد في العاصمة طهران نهاية السنة الماضي، وترضى من هناك على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج كثير من المقدسين للحكام الجدد، وهم أنفسهم أول من انتقد من سبقهم من تقديس للفراعنة؛ يزينون لمرسي جريمته، فمنهم من وصف مرسي ببطل السنة الأسد الذي تحدى إيران في عقر دارها وترضى على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم من وصف خطابه بالتاريخي، وقليل منهم من وصف مرسي بمن يرقص للقرد في دولته، ونسي هؤلاء الكثير أن مرسي المترضي على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في عقر دار نجاد، هو نفسه من أخذ على نفسه موثقاً من الله من قبل أن يصل إلى الحكم في مصر، ومن قبل أن يفرط في دماء الشعب السوري، ويبيعها بثمن بخس دراهم معدودة، بأن لا يقابل أحداً من إيران ولا يلتقي بالمسؤول عن السفارة الإيرانية في القاهرة حتى تعلن إيران موقفاً واضحاً من الثورة السورية، وتوقف دعمها للأسد،ونسي هؤلاء أن حال مرسي الناكث بالمواعيد والمخل بالمواثيق، كحال من يكفر ببعض الكتاب ويؤمن ببعض، من الذين وصفهم الله بقوله:" ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" البقرة 85.
ثم واصل – أسد السنة – تنكره لدماء الشعب السوري، وأصر على الاستمرار في نظريته "أنت الخصم والحكم"، رغم عدم استجابة إيران إلى أي انتقاد من قبل مرسي لنجاد أثناء زيارته إلى طهران، وخلال زيارة نجاد لمصر، وذلك في آخر مقابلة للرئيس مرسي مع الجزيرة الأسبوع المنصرم، فلم تغير إيران موقفها من دعم الأسد، وإنما زادت أن أدخلت حزب الله وبشكل مباشر في الإبادة الدائرة بسوريا، وتصريح واضح لا لبس فيه من نصر الله بأنه يشارك الأسد معاركه ضد الشعب السوري، وأنه وحلفه الإيراني لن يسمحا بسقوط الأسد.
ولم تمر أيام على تصريح الرئيس مرسي للجزيرة كونه مقتنعٌ أن إيران يجب أن تكون جزءاً من الحل باعتبارها جزءاً من المشكلة؛ حتى خرجت تسريبات إن الرئيس مرسي سيعيد سفيره إلى دمشق، وبالفعل وإذ بالسفير المصري يعود إلى دمشق عن طريق بيروت يوم الجمعة الرابع من حزيران، معززاً مكرماً، ويسجن لأجل عيونه عشرات من الشباب الذين هاجموا مقر السفارة السورية في القاهرة، وهذا ما لم تفعله دول الخليج ولا حتى بعض الدول الغربية، وإنما فعلته كل من تونس التي صرحت حكومتها أنها ملتزمة بالقرارات الدولية ولن يتم طرد السفير الأسدي من تونس، وفعله كذلك الرئيس مرسي الرئيس المنتخب من الشعب المصري، وهو ما يفسر موافقة وزير خارجية تونس والرئيس مرسي للموقف الروسي في التعاطي مع الأزمة السورية، فما فائدة قرار الجامعة العربية، وقد قلت أنها قرار كاذب آثم لأنها لم تخرج بقرار يلزم كل أعضائها بطرد سفراء الأسد، وهو ما أغضب الإبراهيمي ودفعه إلى تقديم استقالته، لأنه سخط من قرار الجامعة الشكلي بإعطاء مقعد سوريا للائتلاف الوطني، وهو خطأ أكد عليه الرئيس مرسي بإعادة سفيره إلى دمشق، ولسان حال تونس ومصر والإبراهيمي يقول: أنه يجب إن يتم إعادة تصحيح الخطأ وعودة المقعد للسفير الأسدي، وإلا فلا نامت أعين الجبناء.
وأما قصة عودة السفير المصري فهو ضغط إيراني على الرئيس مرسي وحركة حماس، حسبما نقلت صحيفة الجريدة الكويتية عن مصادر مصرية رفيعة المستوى، هددت فيها طهران بشكل صريح الرئيس مرسي بتسريب شريط يثبت تورط حماس في أحداث الثورة المصرية، إذا لم تتراجع مصر عن موقفها من الأسد، وهذا ما يبرر تغيير الرئيس مرسي لمواقفه وتعهداته السابقة، ليعلم هو ومن يقف خلفه أن إيران لا تدعم أحداً حتى يكون لعبة بيدها، أو فإنها ستعمل على فضحه بما تسجله عليه من فضائح، كما هددت سوزان مبارك من قبلها مسؤولي العرب وحكامهم بالكشف عن فضائحهم الجنسية وبالفيديو، في حال وصل مبارك المخلوع إلى دكة الإعدام.
وهذا ما ألم الشعب السوري كله، الذي يتعرض لحملة تطهير عرقية في كل المدن السورية المحاصرة، وجرحه وحز في قلبه، وأسقط في يديه، من تخاذل من ظن يوماً أنهم سيعملون على نصرة قضيته العادلة المحقة، لا أن يكونوا عوناً لإيران وعبدها الأسد؛ ما دفع أحد أبطال سوريا إلى رفع لافتة، تغني عن مئات الصفحات، وعشرات المقالات، تقول:"دم شهدائنا في رقبة حماس والإخوان"، وتلك هي القصة باختصار.
احمد النعيمي
http://www.elaphblog.com/ahmeedasd
http://www.facebook.com/AlkatbWalmdwnAlswryAhmdAlnymy
التعليقات (0)