دلدار فلمز في معرضه الأخير...العودة إلى الأرض وسكون الشخوص...
رامان آل رشي
باتت الساحة التشكيلية السورية اليوم غنية بالفنانين الشباب الذين منحوها القوة والحيوية ولاسيما بابتكار كل واحد منهم أسلوبه الخاص الذي طُبع باسمه، والفنان دلدار فلمز يعد واحداً من هؤلاء الفنانين الشباب الذين استطاعوا أن يطبعوا لأنفسهم أسلوبهم الخاص وفي معرضه الذي أقامه في نينار كافيه لجأ دلدار إلى مكنوناته الخاصة ليعبر من خلال شخوصه عن هواجسه وأفكاره الخاصة.
فغالباً ما كان فلمز يعتمد في معظم أعماله الفنية على الدمج بين الإنسان والحيوان باعتبار أن هناك مجموعة من المشاعر الغريزية التي يشتركون بها كما يرى.. لكنه في معرضه هذا لجأ إلى شيء مختلف، فشخوصه اعتراها المزيد من الغموض وباتت مكبلة بقيود أكثر ولاسيما في لوحته التي اعتمد فيها على شخص واحد ضمن سواد معتم وقد أغلق عليه بإطارات مربعة مع إضفاء بعض الألوان عليها وفي لوحات أخرى قام فلمز برسم شخوص أخرى لكن بلا ملامح سوى الشكل الخارجي لها فقط والتي تثير التساؤل بحد ذاتها عن ماهية هذا الشخوص وتكوينها. ومن جهة أخرى قام أيضاً برسم بورتريهات لتلك الشخوص الغائبة الملامح مع إضافة بعض الخطوط أو الدوائر التي توحي لنا بوجه لطفل أو إنسان خرافي ولاسيما أنه وضع في خلفية اللوحة لوناً عسلياً مع بعض الخطوط البنية أو السوداء التي تثير الدهشة عند المتلقي عن قصد هذا الفنان من اللوحة، في حال كانت بصفة تزينية أو اعتبرها كواحدة من المفردات والرموز التشكيلة التي تلمح بخرافية كائناته، وخاصة أنه أضاف في لوحات أخرى بعض رموز حضارتنا القديمة كاليد والعين التي تحمي من الحسد كاللوحة التي رسم فيها كائناً ما وكأنه معلق على الجدار أو موضع ضمن إطار ما ومن ثم علق (عين الحرز) على هذا الجدار، وعلى الرغم من أن شخوصه باتت مقيدة أكثر في بعض لوحاته إلا أنها كانت مقيدة بماضي ذكرياته وحنينه إلى قريته في لوحات أخرى من خلال العودة إلى البيوت الطينية التي رسمها بالرمز وبأسلوب مختصر في بعض أعماله، كاللوحة التي رسم فيها بيتاً طينياً بسيطاً وأضاف فوقه مجموعة من الوجوه الصغيرة وكأنه يشير إلينا إلى هذا الماضي الذي ارتبطت فيه طفولته بهذا المنزل الريفي القديم مع عدد من الأشخاص الآخرين، وفي لوحاته بعض الإشارة إلى الطرف الآخر أو المرأة لكن بشكل غير مباشر فهو لم يشر إليها كما في معارضه السابقة وإنما لمح إليها فقط مثلها مثل أحد كائناته التي تركت بصمة وأثرا في حياته كاللوحة التي جعلها فيها مقيدة أيضاً ضمن هذه الإطارات المربعة التي تقيدت أيضاً بإطارات اللوحة.
يعتمد دلدار فلمز في لوحاته على الأسلوب التجريدي التعبيري فغالبا ما يقوم باختصار الأشكال واختزالها في بعض الأحيان وتكثيفها في أحيان أخرى، وغالبا أيضاً ما يقوم بتحميل لوحته الكثير من المشاعر والهواجس الإنسانية التي تعكس للمتلقي أهمية رؤيته الفنية، ولم يعتمد دلدار فقط على المادة اللونية وإنما أضاف إلى الأعمال الفنية تقنيات أخرى منحت اللوحة عدة طبقات وسماكات ومشحات متنوعة من خلال استخدام أدوات عديدة منحته هذا التميز.
ودلدار فلمز لا يعتبر فنانا تشكيليا فحسب وإنما له العديد من الكتابات في النقد التشكيلي والأدبي في الصحافة العربية والمحلية وله مجموعة شعرية بعنوان (عاش باكرا) 2003 وهو عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين وشارك في الكثير من المعارض الجماعية وأقام أيضاً العديد من المعارض الفردية.
جريدة الوطن – 13 /4 / 2009
التعليقات (0)