حكم الطواف بالقبور
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السادة الصوفية المتمسكين بالشريعة يعتقدون أن الطواف عبادة من العبادات التي شرعها الله لعباده حول الكعبة المشرفة،حيث قال الله تعالى ﴿وليطوفوا بالبيت العتيق﴾ والمسلم حين يطوف بالكعبة فلا يعني أنه يعبد الكعبة ، وإنما يعبد الله بالطواف الذي أمره الله به حول الكعبة ،وهذا الطواف ليس له علة قياسية بل علته تعبدية أي أن الله أمر بالطواف حولها فأطعناه وليس هناك علة لهذا الطواف إلا محض الطاعة لله تعالى فلا يوجد علة منصوص عليها ولا يوجد علة يمكن استنباطها ،ولذا فلا يصح القياس عليها.
فالطواف حول غير الكعبة غير مشروع ،بل هو بدعة بلا شك .وقد زعم بعض الغلاة أن الصوفية يجيزون الطواف بالقبور .! وهذا كذب بلا ريب .فالصوفية لا يجيزون ذلك .
وقد بالغ المتنطعون في الكذب بأن قاموا بتصوير عوام المسلمين وهم يزورون القبور في ترتيب منظم ثم أو هموا المشاهدين للتلفاز [انهم يريدون الطواف للقبر ،وهذا كذب بلا ريب .بل إن الناس إنما يسيرون في خط مرتب حتى يتمكن من الوقوف في مواجهة القبر ثم يسلم ويدعو وينصرف وليس هناك أي طواف أصلاً وإنما هو تهويل وتدليس من خصوم أهل السنةالصوفية لتنفير الناس عن زيارة القبور التي أمر الشرع الشريف بزيارتها في أحاديث كثيرة .
ولكن ماهو الحكم الشرعي فيمن يطوف بالقبور إذا وقع من بعض الطوائف؟
فجواب ذلك :
أنه اختلف العلماء في حكم الطواف بالقبر على قولين مشهورين في المذاهب السنية :
القول الأول :كراهة الطواف بها وهو وجه في مذهب الحنابلة قرره الإمام مرعي الكرمي في دليل الطالب والإمام الحجاوي صاحب كتاب الإقناع . قال الإمام مرعي الكرمي الحنبلي في دليل الطالب: (ويكره: تزويقه _ أي القبر _ وتجصيصه وتبخيره وتقبيله والطواف به). وقال الإمام الحجاوي في الإقناع: (وَيُكْرَهُ الْمَبِيتُ عِنْدَهُ وَتَجْصِيصُهُ وَتَزْوِيقُهُ، وَتَخْلِيقُهُ وَتَقْبِيلُهُ وَالطَّوَافُ بِهِ وَتَبْخِيرُهُ وَكِتَابَةُ الرِّقَاعِ إلَيْهِ، وَدَسِّهَا فِي الْأَنْقَابِ وَالِاسْتِشْفَاءُ بِالتُّرْبَةِ مِنْ الْأَسْقَامِ . انتهى فهو مكروه على هذا القول.في مذهب الحنابلة .
القول الثاني :أن ذلك محرم لا يجوز وهو مذهب جمهور العلماء من الشافعية والمالكية والحنفية ووجه للحنابلة. فالطواف حول القبور بدعة عملية محرمة.جاء في حاشية قليوبي وعميرة في المذهب الشافعي آخر كتاب الحج ما نصه:وليحذر من الطواف بالقبر والصلاة داخل الحجرة بقصد تعظيمه أو استقباله بالصلاة .انتهى وقال الإمام الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى في كتاب الجنائز : ((وَكَذَا) يَحْرُمُ (طَوَافٌ بِهَا) ، أَيْ : الْقُبُورِ ، (خِلَافًا لَهُ)، ـ أي ـ لِصَاحِبِ ” الْإِقْنَاعِ ” (هُنَا) حَيْثُ صَرَّحَ بِالْكَرَاهَةِ ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ صَرَّحَ بِالْحُرْمَةِ). انتهى
يقول بعض الكتاب في إحدى المنتديات العلمية الصوفية : نحن نقف على القبور و نسلم على أصحابها ونلتمس البركة فى من نظن كذلك وكيف يعبد صاحب القبر مادام هو مقبور والله لانعلم العبادة إلا للخالق جل فى علاه والله لقد وقفت على أكثر من 99 مشهد وضريح للصالحين ماوجدت أحداً يركع لهم أو يسجد لهم ، صحيح عدم الشيء لا ينفى وجوده و لكن هذا الغالب الأعم والله أعلم . انتهى كلامه .
غلط الشيعة في الطواف بالقبور ؟
قال بعض الشيعة :إن الطواف حول القبور لا شيء فيه، لأنه طواف لله تعالى وليس لصاحب القبر وذلك بالقياس على الطواف حول الكعبة ،فإن المعبود واحد وهو الله جل جلاله وحده لا شريك له وكذلك الطواف لله حول الضريح عبادة لله ، ثم إن الطواف حول الكعبة ما هو إلا لنيل البركة الموجودة في الكعبة كما قال تعالى ﴿إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مبارك﴾ الآية. فكان الطواف حول الكعبة للحصول على البركة ولتوجيه الله تعالى عباده إلى جهة أو إلى أي مكان ليعلم منها امتثال أمر المعبود بحق كما قال تعالى ﴿وليطوفوا بالبيت العتيق﴾ وحيث كان كذلك فحرمة العبد المؤمن الصالح أحسن وأفضل، كما جاء في الحديث (أشهد أن حرمتك عند الله عظيمة، ولكن حرمة المسلم عند الله أعظم منك) فلما كان الأنبياء والأولياء أعظم من الكعبة جاز الطواف حولها تقرباً إلى الله تعالى .!انتهى ذكر كلامهم .
الرد على ذلك:
لا شك أن البيت الحرام مبارك ،ولا شك أن الرسل عليهم السلام والأولياء أعظم بركة ،ولكن ذكر البركة لم يكن علة لحكم الطواف بل هو من الحكم الملتمسة للطواف والأصوليون يفرقون بين العلة والحكمة فالعلة هي ركن القياس الذي يمكن القياس عليه واما الحكمة فليست من أركان القياس كما هو معلوم لكل من درس الأصول الفقهية .
وعليه تعلم أن الطواف بالقبور بدعة عملية سواء قيل أنها بدعة مكروهة كما ذكر الحنابلة ،أو كان بدعة محرمة كما قال الجمهوروهو الصحيح وليس للشرك أي مدخل في المسألة .
والخلاصة :1_ أن الصوفية لا يجيزون الطواف بالقبور ولا يفعلون ذلك ولله الحمد بل هي محض أكاذيب وافتراءت .
2_ أن الطواف بالقبور محرم على قو الجمهور .
3_ أن من يطوف بالقبور كالشيعة وغيرهم لا يريدون عبادتها بل يتقربون لله وحده لا شريك له بهذا الطواف الذي هو في الحقيقة بدعة محرمة ولكن لا مدخل للشرك في ذلك كما يظن المتنطعون .
ونعوذ بالله من الشطط والظلم ،والله الموفق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
التعليقات (0)