دعوة الحق العالمية
تؤكد دعوة الحق العالمية على :
أزلية كلمات الله و ثباتها و ديمومة صلاحها و فاعليتها لجميع البشر في أي زمان و أي مكان .. و كلمات الله التي أوحى الله بها إلى النبي محمد (صلى الله عليه و سلم) هي نفس الكلمات التي أوحى الله بها إلى كل أنبيائه عليهم السلام من قبل بعثة محمد (صلى الله عليه و سلم) ، كما نؤكد على نسبية أقوال الرسول محمد (صلى الله عليه و سلم) - بوصفه بشرا و ليس إلاها- و كل أحاديثه المنقولة إلينا عبر كتب الحديث و الفقه .. و محدوديتها زمانا و مكانا ، و كل أقوال الرسل من قبله هي أقوال نسبية و محدودة الفاعلية زمانا و مكانا .. و قد كانت هذه الأقوال و الخطابات صالحة لأتباع هؤلاء الرسل و حواريهم في أزمانهم و أمكنتهم لا غير.. و لم تعد صالحة لنا في عصرنا الحاضر و أمكنتنا المختلفة إلا ما ورد منها في كتاب الله المبين و المعجز، كقول القرآن الكريم على لسان الرسول (صلى الله عليه و سلم) : ( و قال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) سورة الفرقان الآية 30 ، لكن تبقى لنا سيرة هؤلاء الرسل عليهم السلام قدوة عملية في كيفية إتباعهم للوحي و استمساكهم بكل كلمات الله الأزلية / الثابتة و إنزالها إلى دنياهم و دنيا أتباعهم، و خاصة في ميدان العبادات، و ليس في ميدان المعاملات لأن المعاملات متغيرة و معيارها الوحيد (صحة و خطأ) يوجد في آيات الذكر الحكيم لا غير .
إن إتباع / إحياء المسلمين قديما و حديثا لأقوال الرسول محمد (صلى الله عليه و سلم) النسبية المحدودة الفاعلية زمانا و مكانا و هجرهم للقرآن / كلمات الله الأزلية الصالحة لكل زمان و مكان قد حولهم إلى دراويش يحيون خارج أزمنتهم و أمكنتهم بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه و سلم) بحوالي 30 سنة أي منذ استيلاء معاوية ابن أبي سفيان على الخلافة الإسلامية بالقوة و قيامه بتصفية أنصار علي بن أبي طالب، و منذ ذلك الحين بدأ المسلمون في التشتت و الإنقسام إلى ملل و نحل متفرقة متناحرة مما ولد ضعفهم و انهزامهم أمام التتار و المغول و الحملات الصليبية و الإستعمار قديما و حديثا.
شكل رجال الدين و الفقهاء في التاريخ الإسلامي – كما في التاريخ الأوربي - و لا يزالون أكبر عائق معرفي أمام التقدم المدني والإنساني ، كما شكلوا و لا يزالون يشكلون أكبر داعم للباطل و الظلم و حكم الطواغيت و المتألهين من بني آدم ، و إلباس الحق بالباطل، و تكريس الطبقية و الإستغلال و خدمة الإستبداد و المستبدين .. باسم الدين : فهم الذين قد شرعوا للطريقة العنيفة التي توخاها معاوية للإستيلاء على الحكم بالقوة و برروها شرعيا و فقهيا ( ومنذ ذلك الحين بدأت المدونات الفقهية في الظهور) .. و هم الذين شرعوا للمذاهب الفقهية المتناقضة في أحكامها و المتضاربة في اجتهاداتها في التاريخ الإسلامي قديما و حديثا و التي فرقت المسلمين و قسمتهم إلى ملل و نحل متنافرة متناحرة، و هم الذين شرعوا لمذاهب السنة و الشيعة و لمذاهب الإرهابيين / السلفيين الجهاديين، و هم الذين شرعوا للحركات الإسلامية المنادية بالديمقراطية الغربية والإعراض عن قوانين الله الأزلية المفصلة في القرآن العظيم و المحددة لكل أدوار المسلمين في الحياة نساء و رجالا / حكاما و محكومين، و هم الذين يشرعون للأنظمة العلمانية اللقيطة المستبدة التي تحكم العالم الإسلامي اليوم : لذلك وجب على دعاة دعوة الحق العالمية تذكير هؤلاء الغافلين بالعمل معا من أجل بعث دولة التوحيد = دولة قانون القرآنتشريعيا، و دولة الولايات الإسلامية المتحدة جغرافيا، في العالم الإسلامي حتى تعود للمسلمين هيبتهم عزتهم و رسالتهم في الحياة.
ينبذ دعاة الحق العنف و الإرهاب و التمييز العنصري و الجنسي بمختلف أشكاله و يجرمون مرتكبيه مهما كانت المبررات.. كما نعتقد أن القتال في سبيل الله لا يمكن أن يتم إلا تحت راية دولة التوحيد بعد قيامها ، دولة جميع المؤمنين الموحدين لمحاربة المعتدين و لنصرة المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان في الأرض مهما كانت ديانتهم ..!
أحكامنا و تقييماتنا لأعمال الأفراد و الجماعات و مختلف الحكومات و الهيئات و الأعراق و ومكتسباتهم هي تقييمات نسبية .. محدودة زمانا و مكانا.. لذلك فنحن لا نكفر أحدا من العالمين.. ! بل يعد فعل التكفير فعل إجرامي في حق الأفراد و الجماعات و تطاول على دين الله... ! نحن فقط ندين الأعمال الآثمة انطلاقا من معاييرنا القرآنية و ميزاننا الإسلامي ، و نمتدح ما وافق منها دعوتنا و مفاهيم القرآن و معاييره الإلاهية .
المرأة هي شريك لنا في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و السعي الجاد لإقامة دولة التوحيد على أرض الإسلام التي يحكمها فراعنة قطريون في العصر الحديث ، وهي ملتزمة التزاما إراديا بكل أوامر الله و نواهيه في حقها و لا تقوم إلا بالأعمال التي توافق فطرتها كأنثى في صلب مجتمع إسلامي متعاون .
يؤمن دعاة الحق إيمانا قطعيا أن قوانين الله و نواميسه العادلة هي التي تحكم هذا العالم منذ خلقه الله عز و جل ، و إلا لما أغرق فرعون و جنده لما هموا بقتل موسى و من معه ظلما و عدوانا ... و لما خسف بقارون و بداره الأرض ... و لما ضرب "تسونا مي" والزلازل عديد المدن الأمريكية في عهد بوش المجرم و حكومته ... و لمات" شارون" المجرم ميتة طبيعية ... و لمات عيسى عليه السلام مصلوبا ... و لاغتيل محمد صلى الله عليه و سلم من قبل مشركي قريش ... و لاندثر القرآن الكريم منذ زمن... !
كما نؤمن يقينا أن جميع البشر مهما علت مراتبهم العلمية و الإجتماعية و الإقتصادية و الدينية ... عاجزون لطبيعة خلقتهم عن استنباط المبادئ أو ابتكارها لأن المبادئ هي معايير تستوجب معرفة الغيب واطلاعا على المستقبل اطلاعا يقينيا وهو ما يفتقده كل البشر .. و بالتالي فقد تفرد الله وحده بخلق المبادئ و خلق القرآن /الفرقان للتفريق بين غث العمل البشري من سمينه.
المسلم الحق هو الذي يخضع خضوعا إراديا لكل أوامر الله و نواهيه المفصلة في القرآن ، في السر و العلن : فلا يزني الزاني وهو مؤمن ... و لا تتبرج المرأة تبرج الجاهلية الأولى لغير محارمها مهما كانت المبررات وهي مؤمنة، و لا يتحالف الحاكم المسلم مع أعداء الله و أعداء المؤمنين وهو مؤمن ... إن انسلاخ المسلم عن آية واحدة من آيات الله يعني انسلاخا عن الإيمان الحق .. و أن يبوء المرء و المجتمع المنسلخ عن شريعة الله المفصلة في القرآن بخزي الله دنيا و آخرة .
تسعى دعوة الحق العالمية إلى توحيد جميع المسلمين تحت راية القرآن: المصدر الوحيد للتشريع في الإسلام و من ثم إقامة: دولة التوحيد على أرض الإسلام و توحيد جميع المسلمين فيما يسمى بــــ:( الولايات الإسلامية المتحدة ).
إن خطابنا هذا موجه إلى كل الناس : يهودا و نصارى و مسلمين و كل من يؤمن بالله رب العالمين . كما نرجو من جميع العقلاء أن يعملوا على نشر الأسس الفكرية لبعث دولة التوحيد في العالم و يبشروا بها أنفسهم و أهاليهم و أقوامهم بكل السبل السلمية الممكنة حتى يخلصوا العالم من أزماته السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية والثقافية ... بسبب حكم الطواغيت و فراعنة العصر الحديث و قوانينهم الوضعية الظالمة، و دساتيرهم التي ما حبرها سحرتهم و كهنتهم إلا لنهب ثروات الشعوب و تكريس الظلم و استغلال المستضعفين من الرجال و الولدان و النساء.. و التحيز إلى مصالح هؤلاء السماسرة و الفراعنة المتألهين / المستبدين .
كما ندعو جميع الحكام و المتنفذين في بلاد الإسلام و كافة القوى الحية في العالم العربي و الإسلامي ... إلى تبني فكرة بعث دولة التوحيد – في العالم الإسلامي - و الإعتماد على قدراتنا و إمكانياتنا الذاتية و ثرواتنا لتشكيل مختلف الأجهزة التشريعية و التنفيذية المكونة لدولة الوحدة و التوحيد و التحرر من سياسات الغرب الإستعماري و اقتصادياته و التي ثبت فشلها و بان عوارها في أكثر من مناسبة .. لأن القوانين الوضعية المشكلة خارج ثوابت الرحمان و قوانينه الأزلية تبقى عاجزة عن حل مشاكل خلق الله و السير بهم نحو طريق الأمن و السلم و الإستقرار و السعادة و رحمة الله التي دعا إليها نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد عليهم السلام .. منذ أقدم العصور.
كما نذكر شعوبنا الإسلامية بأن كل ثروات بلاد الإسلام هي حق لجميع المسلمين في العالم و لا يحق لأي كان أن يهدر هذه الثروات أو ينفقها في غير صالح المسلمين و وحدتهم و أمنهم و رفاهيتهم و الشهادة على الناس لأن مالك هذه الثروات الحقيقي هو الله الواحد الأحد و ما دمنا جميعا عباده فنحن جميعا مستخلفون في كل ثروات بلداننا الإسلامية وهي ليست ملكا للفهود أو الديوك أو الرؤساء و الطغاة..!!
كل من سيقف ضد تحرير المسلمين من أغلال القوانين الوضعية الظالمة و المجرمة بطبعها ؟! و توحيدهم تحت راية دولة التوحيد سيبوء بالخسران المبين :(يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم و يحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله و لا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله واسع عليم . إنما وليكم الله و رسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون . و من يتول الله و رسوله و الذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ) سورة المائدة الآيات 54 و55 و 56.
دعوتنا دعوة مجانية و يحجر على دعاة الحق قبول أي أجر على دعوتهم .
سيدتي ، آنستي ، سيدي ، لقد عشنا زمنا عبيدا لأهوائنا و شهواتنا ، و جنودا لأبالسة الجن و الإنس و الفراعنة المتألهين من حكامنا و حكوماتنا اللائكية ، أفلا نحاول أن ننخرط في دعوة الحق العالمية اقتداء برسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم ، حتى نكون جنودا بحق لله رب العالمين خالقنا و رازقنا و نحرر أنفسنا و مجتمعاتنا من أغلال القوانين الوضعية الظالمة و التي أهوت بنا جميعا في مكان سحيق من التخلف و ضنك العيش و البطالة و خدمة رفاهية الغرب و مؤسساته ، و نخضع بملء إرادتنا لقوانين الفطرة التي فطرنا الله عليها رجالا و نساء ، فنفوز فوزا عظيما و نسعد و يسعد أهلنا دنيا و آخرة %
خطاب إلى الهاربين من ديارهم ؟!
هذا خطاب أردت أن أوجهه إلى إخواني " المغتربين" من النخبة المثقفة، والتي تملأ كتاباتها الصحف والمجلات التي تصدر هناك في ديار الغربة وعلى رأسها صحيفة "القدس العربي" و العرب العالمية " " و الحياة ".
ما يمكن ملاحظته بادئ ذي بدء أن هذه النخبة المحترمة تعالج في جلها قضايا نظرية لا تمت بكبير صلة إلى واقع المواطن العربي، ذاك المواطن المسحوق في بلده ، والذي يعاني من الذل ألوانا، ومن الإضطهاد أصنافا ، بل يقتل في اليوم الواحد ألف مرّة، فهل يعتقد هؤلاء "المغتربون" المساكين أنهم بتلك المقالات والكتابات المنددة بالسلطان في ديارهم التي هربوا منها، سيحلون مشكلات وطنهم ويخلصونه من الذل والمهانة والتخلف الحضاري والإستبداد الإجتماعي و السياسي؟! وهل يعتقدون حقا أنهم سيحررون أوطانهم بمقالات نارية متشنجة تتوهم الثورة والتغيير و الإنقلاب على أوضاع بلدانهم المزرية ؟! إن هؤلاء يعتبرون نكرة بالنسبة إلى أوطانهم و مواطنيهم ، فهل يحسبون الناس يتأثرون بنكرة تفتقد إلى رؤى واضحة في مجمل مشكلات أوطانهم !؟ وهل يعقل أن يقدر على التغيير من عجز عن تغيير نفسه ؟! إن البداهة تقول "فاقد الشيء لا يعطيه" ؟!
لقد فكر هؤلاء "المغتربون" في مصالحهم الخاصة لما هربوا من أوطانهم وتركوها لقمة سائغة في أياد غير أمينة تتعيش على بيع الأوطان وإذلال الإنسان وسحقه ، إذ لو صدق هؤلاء المغتربون الهاربون لبقوا في أوطانهم يجاهدون بأموالهم وأنفسهم وفكرهم في سبيل تحرير الإنسان العربي من الذل والعبودية ، وتقديم القدوة العملية في النضال والصمود ، ولتعاونوا مع أشراف هذه الأمة من مثقفين وحكام ومسئولين لرفعة وطنهم وتقدمه وازدهاره و تحرره . إن هروب هؤلاء يجعلهم عرضة للنقمة والكراهية من قبل أحرار هذه الأمة وكل الفئات المسحوقة والمحرومة في هذا الوطن العزيز، لأنهم فكروا في الخلاص الفردي ولم يفكروا حقيقة في خلاص أوطانهم وشعوبهم المضطهدة . ولعل المبكي المضحك في حالة هؤلاء الفارين التجاءهم إلى بلدان غربية كبريطانيا وأمريكا و فرنسا ساهمت ولا تزال تساهم – وهم يعلمون ذلك جيدا- في الإبقاء على الأنظمة اللقيطة التي يزعمون أنهم يحاربونها ويلقون عليها اللوم لتكريسها التخلف والإضطهاد و الإستبداد ! بل إن بريطانيا هي التي مكنت للصهيونية العالمية من احتلال فلسطين وتشريد أهلها... ؟! وأمريكا نفسها أصبحت متصهينة أكثر من الصهاينة أنفسهم بما تقدمه لهم من دعم مادي و عسكري و سياسي .. لإذلال العرب فاق كل التصورات .. !!؟ فهل يعقل بعد ذلك أن نصدق هؤلاء الفارين إلى بلاد الغرب أنهم يناضلون ضد الصهيونية وضد التخلف والإستبداد في أوطانهم و هم يقيمون في نزل خمسة نجوم ؟!
وختاما أنصح هؤلاء بالرجوع إلى أوطانهم فالموت في الوطن أكرم لهم من التسكع في شوارع الغرب وحاناته ، إن كانوا حقا يعتقدون في عدالة القضايا التي يحملون و عدالة قوانين الله التي يهيمن بها على تسيير عوالم الكون و الإنسان و الحياة . إذ لم نسمع بنبي انتصر للحق وهو يجاهد من وراء البحار لتغيير واقع الظلم و الباطل و الجبروت كما يفعل هؤلاء %
الأدب إبداع و ليس إتباع
إنه من الخطورة بمكان أن يقتنع بعض المبدعين في ديارنا الإسلامية بتفوق الثقافة الغربية على ثقافتنا الإسلامية فيلجئون تبعا لهذه القناعة إلى اتخاذ الغرب قدوة ومثالا، ويستبطنون مدارسه الإبداعية المختلفة، ومفاهيمه عن الحياة ، يقيسون بها إبداعاتنا ونتاجاتنا الفنية ، إن مثل هذا العمل يسقطهم أولا وأخرا في التقليد الذي يتنافى تماما مع العملية الإبداعية، لأن التقليد يمثل العدو الأول للإبداع، كما أن استحضار مفاهيم الغرب و معاييره في كل خطواتنا واعتباره سباقا في كل المجالات الحياتية يضعف من همتنا، ويميت تحفزنا للإبداع واختراق الآفاق، لأن المرء إذا ما أدرك أن هناك من سبقه إلى درب من دروب الحياة واعتقد بعدم إمكانية الإتيان بشيء جديد، يفتر عزمه، ويتلاشى حزمه في تقديم التضحيات الكافية لبلوغ ذلك الدرب المقصود، على عكس ما إذا كان سباقا لاكتشاف جواهر مطمورة، ولآلئ مكنوزة، وتحف لم تر العين مثلها من قبل، فان نفسه تكون في توق، وقلبه في شوق، لتقديم كل غال ونفيس ليفوز بقصب السبق في الإكتشاف الجديد وبلوغ الهدف المراد ونيل كل عجيب متسام، ولقد أدرك أجدادنا من المسلمين هذا السر في الإبداع فصنعوا المعجزات فكرا واكتشافات و إبداعات، وبهروا نفوسا كرعت من ينابيعهم الثرة وبحارهم العميقة المليئة بكل رائع وجميل ومؤثر عجيب، وانتقلت آدابهم إلى أوروبا عبر الدردنيل والأندلس وصقلية وغيرها ، وعلى ورثة هؤلاء الأفذاذ أن يواصلوا مسيرتهم في البناء والتشييد والإبداع : من ذلك أن (المعراج الإسلامي ) نجده يؤثر في القصص الأوربية ، كما تمثله " الكوميديا الإلاهية "لدانتي الأجيري " الإيطالي و التي كتبها في القرن الرابع عشر الميلادي .فقد صورت هذه القصيدة الحياة الأخرى بشقائها و نعيمها ، بحيث أسهم هذا التصور في ثقافة الناس في أوروبا لما بعد الموت حتى مطلع القرن الماضي ، و اعترف المستشرق الإسباني : "أسين بلاثيوس "سنة 1919 أن "دانني" متأثر بالمعراج الإسلامي تأثرا كبيرا ، يكشف عنه التماثل في دقة التفاصيل بين "الكوميديا الإلاهية " و (المعراج الإسلامي ) و ما يتصل به من قصص إسلامي كما ورد عند ابن مسرة و تلميذه ابن عربي الأندلسي في (الفتوحات المكية ) و في رسالة الغفران لأبي علاء المعري بالإضافة إلى تفسيرات علماء الإسلام للقصة و تعليقاتهم عليها . كما أثرت قصة "حي بن يقضان " للأديب الفيلسوف ابن طفيل الأندلسي في آداب الغرب ، إذ تعالج قصة ابن طفيل فكرة الإهتداء إلى الله و معرفته عن طريق العقل و التجربة معا خلال النظر في آيات الله و مخلوقاته ، و قد ترجمت هذه القصة إلى اللاتينية بعنوان : " الفيلسوف المعلم نفسه " في القرن السابع عشر الميلادي ، و من اللاتينية إلى الأنقليزية و تأثر بها الكاتب الإسباني "بلتاسار جراثيا " في قصة النقاد critiquons و قد قسمها صاحبها إلى ثلاثة أجزاء هي : في ربيع الطفولة ، ثم في خريف عهد الرجولة ثم في شتاء الشيخوخة : وهي نقد للعادات و التقاليد في عهد المؤلف .
و نجد " دانيال ديفو" في قصته " روبنسون كروز " يتأثر بقصة ابن طفيل لا سيما و قد انتهى بطلا القصتين إلى معرفة الله و الإهتداء إليه و إدراك هيمنته على الكون ، و قد ترجمت قصة حي بن يقضان إلى الفرنسية و الروسية في مطلع القرن الرابع عشر الميلادي .
كما نلاحظ تماثلا كبيرا بين قصة " زرقاء اليمامة " المعروفة و مسرحية " ماكبث " لشكسبير ، ففي "رنات المثالث و المثاني " رأت زرقاء اليمامة شجرا يسير ، و ما كان هذا الشجر سوى أعداء قومها ، و قد حمل كل بطل شجرة قدر طاقته ، ليتخفى وراءها أثناء التوجه لغزو قوم زرقاء اليمامة ، الذين لم يصدقوا ما رأته زرقاء اليمامة و ما أخبرتهم به ، حتى فوجئوا بالأعداء كما وصفت زرقاؤهم و حلت بهم الهزيمة ، و قد وردت فكرة الغابة المتحركة في مسرحية " ماكبث " لشكسبير ، إذ بينما كان القائد "ماكبث" متحصنا بقلعته إذ بأحد الحراس يسرع إليه ليخبره بأن غابة " برنام " تتحرك ، و في الحقيقة لم تكن الغابة سوى جيش:"مالكولم" الذي جاء متقدما نحو القلعة و متسترا بأغصان الأشجار مما بدا للحارس كأنه غابة " برنام " تسير ، و من هنا أخذ " ماكبث " على حين غرة .
هذه عينات من بحر أجدادنا الزاخر بكل جميل و طريف مما جعل أوروبا تغرف من هذا البحر الغني باللآلئ ، نقدمه في زمن الجدب والقحط و التقليد الأعمى لمنتجات المدنية الغربية المتوحشة ، لعله يصيبنا منه بعض الطل فتنهمر المطر و تروى أراضينا القاحلة .
النقد الأدبي ضرورة حضارية
يشكل النقد الأدبي ركيزة مركزية في عملية تحديد الخطوط الأساسية للفن المنشود، فهو بمثابة الميزان الذي يحدد به غث العمل الفني من سمينه ، و مدى التصاقه بمشكلات الأمة و التزامه بقضاياها . فالناقد إذن له وظيفة مقدسة تتمثل في تربية الذوق الفني الصحيح و السليم لدى أفراد الأمة و الناشئة ، و إشراكهم في المتعة النظيفة و الغذاء الفكري و الروحي الذي من شأنه أن يرتقي بهم إلى مراتب عليا من السمو و الشفافية ، لذلك فهو يساهم بقسط كبير في تشكيل أذواق الناس و وجدانهم و أفكارهم ، و هذا ما يجعله يتحمل رسالة خطيرة في الحفاظ على قيم المجتمع و مبادئه لا أن يساعد على هدم ما تبقى في قلبه و عقله من أصالة و صدق و إيثار و تمسك بالمبادئ الفاضلة و القيم النبيلة ، تلك التي تورث القوة و العزة و التميز الحضاري و الإبداعي حتى نتمكن من الإقلاع الحضاري المنشود : إذ الحضارة إبداع و ليست تقليدا أو تماهيا مع الآخر – العدو.
و كلما كان الناقد واعيا بدوره في توجيه الجمهور و تعليمه ، كلما سهل عليه النزول من برجه العاجي و أمكنه القيام برسالته الحقيقية في المجتمع ، و عرف أكثر أن حصر النقد بين الخاصة أو أروقة الجامعات و المدارس و المحافل الأدبية هو إهدار كبير للنقد و للجمهور معا . و هذا يقتضي أن يكون أسلوب النقد مفهوما مبسطا بعيدا عن التكلف و التعقيد ، و بلغة عربية فصيحة ،حتى تستسيغه جمهرة المثقفين و يصل أثره إلى الناس كافة في كل موقع .
إن الإقتراب من نفسية الجمهور و جعله يتفاعل مع ما ينشر من إبداعات فنية مختلفة ، يقتضي أن يتحرر الناقد من سيطرة المدارس النقدية الغربية و قيودها ، يستفيد منها و لا يتقيد بها ، يأخذ ما يصلح منها ، و لا يتبناها ، و يترك لنفسه مطلق الحرية و المسؤولية في اكتشاف الأطر المناسبة لأدبنا و مجتمعنا، و كل هذا يتطلب أن يكون الناقد العربي المسلم قد كرع من ينابيع أمتنا الإسلامية و عطاءاتها التي لا تنضب ، واطلع على أصول ثقافتنا المجتمعية و مميزاتها ، غير مكتف بما يعرفه عامة الناس من المدارس ، و تشبع من ثقافة العصر و مكوناتها، مواكبا لكل ما يجد على الساحة الثقافية حتى لا يتيه في دياجير الظلمة و الضبابية و الإنغلاق %
باقة ورد للمرأة التونسية بمناسبة عيدها الوطني ؟
كـــلــنـا خــائـنــون !؟
الأستاذ محمد سالم بن عمر مؤسس دعوة الحق العالمية يقول في أول تصريح له:
دعوتنا تهدف بالأساس إلى عقلنة المؤسسات و الهياكل الدينية و السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية في المجتمع المدني في بلاد الإسلام و تحريرها من جاهلية الغرب و حيوانيته .../
علمانيون و إسلاميون حولوا تراث الإسلام و الغرب إلى صنم يتعبدونه من دون الله و لا سبيل إلى نجاة أمتنا الإسلامية إلا بالتحرر من كل هؤلاء الخونة لله و لرسوله .
الإعلام العربي يروج للصنمية / الوثنية البشرية ( عبادة الملوك و الرؤساء و المرأة ...) و الإعلام الغربي يروج للصنمية الفكرية ( الديمقراطية ، الحرية ، حقوق الإنسان ... ) و كل هذه الوثنيات على اختلاف مشاربها تحجب العقل البشري عن رؤية الحق أو اتباعه ! ؟ مما جعل العالم يعيش في ظلمات بعضها فوق بعض ، و تنتابه مختلف أنواع الأمراض المزمنة و الكوارث و الأوبئة المستعصية ...!!؟
النخبة في الوطن العربي الإسلامي عاجزة تماما عن تغيير مجتمعاتها نحو الأفضل أو تثويرها ، لانبتاتها عن ثوابت الإسلام و قيم المجتمع و افتقادها لآليات التغيير الفكري و النفسي ، و تبنيها لظلامية الفكر الغربي المأزوم ...
القوانين الوضعية العمياء و الظالمة التي تنتظم بها حياتنا في بلاد الإسلام ما هي إلا أغلال لتكريس الصنمية البشرية – عبادة الأشخاص – و تكبيل المواطن العربي بأثقال تدفعه إلى مكان سحيق من التخلف الفكري و الإنحطاط الأخلاقي و توسيع قابليته للنهب و الإستغلال المحلي و الدولي برضى تام حتى غدا فيئا سهلا لمختلف الجراثيم الفتاكة و الأمراض المزمنة... إن القوانين الوضعية المجرمة و المتعارضة مع الفطرة الإلاهية، قد أفسدت حياة الناس شرقا و غربا و تسببت في نشر الأمراض المستعصية والمزمنة و العجز الجنسي ، و ارتفاع نسب الطلاق و الخصام بين ركني المجتمع – المرأة و الرجل – كما تتسبب الأرض غير المعبدة في إهلاك و تحطيم السيارات التي تنتهجها و إهلاك الحرث و النسل ! لقد حولت هذه القوانين الوضعية العمياء حياتنا إلى جحيم لا يطاق .. و ضنك في العيش لا يدانى .. لأنها قوانين تتعارض و فطرة الخلق التي خلقنا ربنا عليها( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)، فأفقدت رجالنا رجولتهم و نساءنا أنوثتهن .. فاستشرى العجز الجنسي و مرض السكري و ضغط الدم و شتى الأمراض المزمنة و البطالة المهلكة و الإنحراف المهين لكرامة الإنسان ، كما ارتفعت نسبة الطلاق بسبب التظالم الذي صار بين الرجل و المرأة العربية .. و ضاع أبناؤنا في متاهات الطريق..! (أربعون في المائة من التونسيين 40%– مثلا - يعانون عجزا جنسيا متفاوتا.. و أن الأمراض المزمنة تتزايد في تونس من عام إلى آخر حسب ما جاء في جريدة القدس العربي ليوم 28 فيفري 2008). كما جاء في جريدة الصباح 8 أوت 2009 : تحتل تونس المركز الأول عربيا و الرابع عالميا في نسبة الطلاق بعد أن بلغت حالات الطلاق أرقاما قياسية ... تتسبب المشاكل الإجتماعية بنسبة 48.3% بحالات الطلاق و التي تشمل المعاملة السيئة و العنف و عدم الشعور بالمسؤولية و الإختلاف في المستوى الثقافي و التعليمي... إن حالات الطلاق لسنة 2008 بلغت 9127 حالة مقابل 16 ألف زواج لنفس السنة ، و تعتبر نسبة الطلاق الأعلى في المنطقة العربية حسبما جاء في الدراسة، والملفت للإنتباه في الدراسة أن أكثر من 50% من رافعي قضايا الطلاق من النساء سنة 2008 بينما كانت سنة 1960 لا تتجاوز 6%) هذا ما فعلته القوانين الوضعية العمياء بقطر عربي لا يزال يقدم نفسه على أنه رمز الحداثة و التقدم و تحرر المرأة و لائكية القوانين التي تسير هياكله الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية ... !!!؟؟؟
فلسطين لن تتحرر إلا بما تحرر به بنو إسرائيل من ظلم فرعون و جنده على عهد موسى عليه السلام : الإيمان الصادق بالله و الصبر و الإيمان بالكتاب كله ، و التنكب عن " البعضية " : ( الإيمان ببعض الكتاب و الكفر بالبعض الآخر) ، لأن شرط وراثة الأرض / قانون وراثة الأرض و تحريرها من الفراعنة المجرمين و امتلاكها : هو الصلاح وتقوى الله و الإلتزام بمنهجه و قوانينه الأزلية و الفطرية و ليس الإستمساك بالديمقراطية الغربية التي أوصلت حماس إلى السلطة وهي التي ستفنيها عن بكرة أبيها إذا ما واصلت الإستمساك بها .
كلنا خائنون لله و لرسوله فلنتحمل السحق والقتل و التنكيل و الخزي دنيا و آخرة على يد قتلة الأنبياء و عبدة العجل و الملعونين على ألسنة أنبيائهم و على يد الفراعنة المحدثين، ورثة الإستعمار في ديار الإسلام .
لنتذكر جميعا شعار الغرب في تحرير نفسه : أشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس % و أنا أقول : أشنقوا آخر لائكي لا يؤمن بقوانين الله المفصلة في القرآن بأمعاء آخر رجل دين يحرف كلمات الله و يشرع للظلم و الباطل و مساندة الفراعنة المتألهين %
مفارقات عجيبة!! ؟
واعجبي من أمة أنزل عليها القرآن لإخراج الناس من الظلمات إلى النور وهي لا تزال تعيش في ليل حالك الظلمة منذ قرون و لا تدري!
واعجبي من حركات و حكومات " إسلامية " تنادي بالديمقراطية الغربية و تتبنى نظم وضعية لائكية ظالمة و لا تنادي بتطبيق قوانين الله ، قوانين الفطرة التي فطر الناس عليها المفصلة في الذكر الحكيم !! ؟
إن المرء ليعجب و إن النفس لتحنق من تلك الدول و الحكومات و الحركات الإسلامية التي تزعم أنها تنتهج منهجا ربانيا في كل تحركاتها و تعاملها مع الأحداث المختلفة ، و واقعها يشي بمخالفات جسيمة و تجاوزات رهيبة لكل مبادئ الإسلام و ثوابته و بصائره التي لا تخطئها العين أبدا :
إنها تنادي بالديمقراطية علنا و تعتمدها منهجا لحل المعضلات و تفخر بذلك و تزايد و تقدم التضحيات الجسام و" الشهداء الأبرار" لتعلن في النهاية أنها لا تزال تتمسك بمبادئ الديمقراطية و جبروتها و لن تتخلى عنها مهما أصابها من عنت لاعتقادها الجازم بأنها المخرج الوحيد و الطريق الأمثل لتحقيق طموحات المسلمين و تطبيق شريعة الإسلام !! ؟
و السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو : كيف يجمع هؤلاء الخونة لله و لرسوله ، بين متناقضات ، بين منهج رباني فطري قد فطر الناس عليه منذ خلقهم الأول ، منهج رباني يدرك إدراكا تاما و مطلقا حقيقة الإنسان و الكون و الحياة ، فأنزل من الثوابت ما يلاءم حياة الإنسان و يفي له بكل أشواقه الروحية و المادية و يلبي جميع حاجياته الظاهرة و الباطنة ، و بين منهج إنساني نسبي لا يزال يتخبط خبطا عشوائيا في ظلمات بعضها فوق بعض و يتسبب في مآسي إنسانية لا تحصى و لا تعد ، و قد عجز عجزا تاما و مزمنا حتى عن تلبية أشواق الإنسان الغربي الذي قد انحرف عن فطرة الله منذ أمد بعيد ، فما بالك بأشواق الإنسان المسلم الذي تفتحت عيناه على نور الله و هدايته !! ؟ لقد عجزت الديمقراطيات المختلفة عن إيجاد سلم بين أبناء الوطن الواحد وهي لا تزال تتسبب يوميا في سفك الدماء بغير حق، و انتهاك الحقوق و سحق الإنسان أينما كان، و تشريد الأطفال و النساء و المتاجرة بأعراضهن في أسواق النخاسة... فكيف تصبح هذه الديمقراطية العمياء بديلا عن منهج رباني يرى أن قتل نفس واحدة بغير حق كقتل الناس جميعا !! ؟ منهج يرفض رفضا قاطعا أن يكون أي فرد فيه عاطلا و غير مسئول في بلده و حمل الأمانة التي كلفه ربه بحملها ، لأن العطالة في مفهوم الإسلام تعني الموت ، يقول الرسول الأكرم : (كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته ) ، بينما أقصى ما تطمح إليه الديمقراطية الغربية أن تخلق صنفين من الناس : سادة و عبيد، سادة يتحكمون في مصائر الناس و يتولون مختلف المسئوليات و عبيد يصوتون لفائدة هذا أو ذاك ، ليحالوا بعد ذلك على التقاعد و العطالة التاريخية !! ؟ و هذه العطالة ليست بسبب نقص في مداركهم العقلية أو بسبب مرض في أبدانهم ، و لكنها بسبب نقص المال في جيوبهم !! ؟
إني لأعجب كل العجب من مسلمين يسمعون آيات الله تتلى عليم آناء الليل و أطراف النهار تأمرهم بالخضوع لشرع الله و الحكم فيما بينهم بما أنزل الله في القرآن ، و تكفر بألفاظ واضحة كل من لا يحتكم لشرع الله ، ثم لا يجدون غضاضة في الإنتماء لأحزاب و حكومات علمانية لائكية لا تعترف أصلا بالشريعة الإسلامية ، ثم يمنون النفس برضا الله عنهم يوم يقوم الناس لرب العالمين !! ؟
التعليقات (0)