خوف واستعداد لمواجهة انتفاضة الايرانيين
د . حسن طوالبه
بعد قرار مجلس صيانة الدستور المرتبط مباشرة بولي الفقيه علي خامينئي اقصاء كل من هاشمي رافسنجاني واسفنديارد مشائي , اللذين يمثلان التيارين الاصلاحي والليبرالي وفرز مجموعة من المرشحين المتمسكين بنظام ولاية الفقيه وعددهم ثمانية من اصل عدة مئات تقدموا للانتخابات الرئاسية , الا أن نظام الملالي لم يتحمل كلمات المرشحين في اول مناظرة تلفزيونية وصفها المراقبون بانها هزيلة ومسرحية لم تخرج عن مسار نظام الولي الفقيه . ومجمل ما تكلم به المرشحون هو نقد نظام محمود احمدي نجاد خلال الدرورتين الماضيتين . وخاصة نقد الاوضاع الاقتصادية في ظل العقوبات الدولية المفروضة على ايران بسبب تعنت النظام في مفاوضات الملف النووي الايراني المثير للجدل , وخاصة موضوع تخصيب اليورانيوم .وتزايد اعداد العاطلين عن العمل , وارتفاع الاسعار , وتدني قيمة صرف العملة الايرانية قبالة الدولار . اضف الى ذلك بعض النقد الشفاف لاعمال القمع الذي تمارسة الاجهزة الامنية ضد الشباب وطلبة الجامعات التواقين للحرية وخاصة حرية التعبير والانتماء , اضافة الى حالة واحدة سلطت نقد السيد ولايتي لبرنامج سعيد جليلي بشأن الملف النووي . ولم يخرج نهج السيد حسن روحاني الذي نصب نفسه ممثلا للتيار الاصلاحي عن خط الولي الفقيه , حيث وعد بالانفتاح على الغرب لتخفيف حدة العقوبات الاقتصادية على ايران . ولكن اركان نظام الملالي اكدوا ان نهج الخامينئي لن يتغير سواء في موضوع الملف النووي او العلاقة مع سوريه . وعليه فان خامينئي سوف يفرض سيطرته على الدولة باشد مما كان في السابق .
وفي السياق الاعلامي فقد منع المرشحون من الدعاية كيفما يشأؤون , واقتصرت دعايتهم في مراكزهم بصورة محددة , وذلك خوفا من شحن المواطنيين , حتى لا تتكرر انتفاضة عام 2009 . ومع ذلك فقد انقسمت وسائل الاعلام الايرانية بين المحافظين والاصلاحيين .
رغم الكلام الناعم الذي ردده المرشحون فان اتباع النظام وجهوا نقدهم وتحذيراتهم للمرشحين منذرين اياهم بالفشل اذا استمروا في نهجهم النقدي لنظام ولاية الفقيه . ومحذرين من مغبة قيام انتفاضة شعبية شبيهة بانتفاضة عام 2009 , التي ذهب ضحيتها عشرات القتلى والجرحى ومئات المعتقلين , ووضع عدد من رموز الملالي تحت الاقامة الجبرية , كما حدث لرفسنجاني وابنه وابنته .
ففي خطبته في صلاة الجمعة بطهران يوم 14 حزيران/ يونيو , أماط الملا احمد خاتمي عضو هيئة رئاسة خبراء الملالي اللثام عن خوف النظام من انتفاضة المواطنين . وقال : « اولئك المرشحين الذين لن ينتخبوا عليهم أن يرضخوا للقانون... واذا كان لديهم طعون فعليهم أن يتابعوا ذلك بشكل قانوني... لكي لا نبتلي بفتنة عام 2009. كون ذلك انبثق من عدم الرضوخ للقانون». واضاف : «قضية الفتنة وأصحاب الفتنة هي الجرح القديم الذي يعاني منه هذا الشعب وأصحاب الفتنة الذين حرقوا رأس مال هذا الشعب».
وحذر احمد خاتمي هؤلاء المرشحين من الكشف عن الواقع الكارثي الذي يمر به النظام حيث قال: اعطاء صورة ظلامية عن الوضع هو اجحاف... فالبلد ليس في حافة السقوط , وقول بعض المرشحين أن هناك أجواء أمنية سائدة في جامعاتنا وكذلك أجواء الفن والسينما ، وخاطبهم : قولوا بصراحة أن أجواء الكبت والتنكيل وأجواء الاستبداد هي السائدة... تتكلمون بشكل وكأنه لا يوجد في هذا البلد رياضة ولا سينما ولا فن ، وكأن هذا البلد بلد مدمر ومقضي عليه». وتوعد المرشحين الذين تربوا في احضان النظام بقوله «نتوقع منكم أن تعيدو النظر في اقوالكم على الأقل من الآن فصاعدا... لأنكم وبكلماتكم تخدمون العدو، فلا تقوموا بذلك... وضع البلد ليس مدمرا ولم يصل الى طريق مسدود».
وأذعن السيد محمد خاتمي الذي يدعم المرشح حسن روحاني والذي بات يمثل تيار الاصلاحيين بزيف الانتخابات وأن المرشح المفضل لدى خامنئي سيخرج في آخر المطاف من صناديق الاقتراع ، وخاطب المرشحين قائلا «لا تحاولوا كثيرا ، اذا كان في مصلحتكم فتكسبون أصواتا وان لم يكن فلا تكسبون أصواتا».
وكان خاتمي قد أكد قبل ذلك «ان رائحة نتنة تفوح من كلمات بعض المرشحين في اعطاء صورة ظلامية عن البلد. محذرا اياهم بقوله «لماذا تتدخلون من الآن في مجال ليس من صلاحيتكم... المقصود... أن هذه السياسات التي مضى عليها 34 عاما كانت خاطئة. لماذا تعطون الضوء الأخضر الكاذب وتدعون بحل المشاكل الاقتصادية أو اقامة علاقات مع الغرب، كلا لا يسمح لكم باقامة علاقات مع الغرب على حساب التراجع عن مبادئ النظام... بعض المرشحين عندما يتكلمون وكأنهم ينفسون عن حقدهم المكنون في قلوبهم منذ سنوات وانهم يعطون صورة ظلامية للبلد وكأن البلد خراب ومدمر وانهم هابطون من السماء لكي يصبحوا منقذي البلد» (موقع تابناك الحكومي – 5 حزيران/ يونيو2013).
وهدد عميد الحرس اسماعيل كوثري من قادة ميليشيات الباسيج (التعبئة) وعضو برلمان النظام هو الآخر المرشحين بقوله : على مرشحي الانتخابات الرئاسية أن يعوا بأن مجلس صيانة الدستور واللجنة المركزية التنفيذية للانتخابات هم حساسون جدا لكلمات خامنئي. واذا كان هناك مرشحون يريدون تجاهل كلمات خامنئي، على المرشحين أن يعلموا أن اعطاء صورة ظلامية فلا ينجحهم اطلاقا» (وكالة أنباء ايرنا الحكومية – 6 حزيران/ يونيو).
ومع ذلك فان اصطفاف رافسنجاني وخاتمي الى جانب حسن روحاني وهو المرشح الوحيد المحسوب على رجال الدين , وهو الشخصية المعتدلة الذي كان كبير المفاوضين النوويين، وشغل منصب رئيس مجلس الأمن القومي الأعلى خلال حكم خاتمي، والمقرب من هاشمي رفسنجاني، سوف يمنحه فرصة نيل عدد كبير من اصوات الناخبين , قد تؤهله للفوز من الجولة الاولى او خوض الجولة الثانية اذا تعادلت اصواته مع اصوات المرشح المحافظ المتوقع ان يحصد اصواتا كثيرة بفعل تأثير ولي الفقيه .ويتحدث كثيرون عن أنه اوفر حظا من محمد رضا عارف الذي شغل منصب نائب الرئيس السابق محمد خاتمي خلال دورته الرئاسية الثانية، وهو عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام،الذي أكد في تصريحات كثيرة عدم صحة الأنباء التي ترددت عن تنازله لصالح روحاني، مؤكداً أنهما سيخوضان السباق معاً.
وفي هذا الشأن قال مسؤول الحملة الانتخابية لروحاني، محمد رضا نعمت زاده، إن السياسيين المقربين من التيار الإصلاحي ، نقلوا رغبتهم بتشكيل ائتلاف بين عارف وروحاني، على أن ينسحب أحدهما في النهاية.
وأضاف للجزيرة نت أن كلا المرشحين تقبلا الفكرة مؤخراً، ولكن تطبيقها عملياً لم يحسم بعد "لاعتبارات كثيرة". ويعتمد فريقا هذين المرشحين على شعبيتهما كمعيار لاختيار أحدهما، ولكن استطلاعات الرأي لم تقدم نتيجة دقيقة بهذا الشأن حتى الآن.
ومن جانب اخر توقع محمد محدثين مسؤول لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية اندلاع انتفاضة شعبية تتجاوز الانتخابات الرئاسية الايرانية لتتوجه الى اقتلاع النظام بكل تياراته وفصائله. وقال في حوار مع صحيفة «السياسة» الكويتية ان قرار اقصاء رفسنجاني ومشائي هو عملية جراحية خطيرة , ودليل على ازمة النظام العميقة. مؤكدا ان الشارع بالمرصاد لهذه القرارات. واشار محدثين الى ان علي خامنئي يمضي على خطى الخميني في طرد واقصاء منافسيه الواحد تلو الاخر، طالبا المجتمع الدولي بان يوقف كل محادثاته ومراهناته على النظام في طهران.
واكد محدثين ان النظام الايراني اعتمد منذ ايامه الاولى لبسط نفوذه على سياسة القبضة الحديدية، وهو لم يتخل يوما واحدا عن القفاز الحديدي لانه يعرف اذا تخلى عن القبضة الحديدية ليوم واحد فانه سيسقط.
وقال محدثين ان محادثات المجتمع الدولي مع النظام الايراني كانت سببا في اراقة المزيد من الدماء في ايران وانها كانت السبب فيما يجري على حساب مصالح مختلف الدول العربية والاسلامية وجميع دول المنطقة. وحذر محدثين الدول العربية من مخططات نظام الملالي ضدها واضاف «ألا هل هناك دولة واحدة من الدول العربية والاسلامية خرجت سليمة من نار فتن هذا النظام.. ألم يقل خامنئي ومستشاره للامن بملء فمهما أن سوريا هي المحافظة رقم 35 لايران. أليست الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي تطبق ما يطبخه ملالي طهران، حسب ما قال الشيخ رافع الرفاعي مفتي الديار العراقية.
ان فوز أحد المرشحين المحافظين في الرئاسة الإيرانية علي أكبر ولايتي مستشار المرشد للشؤون الدولية أو رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف أو سعيد جليلي سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي لن يغير شيئاً في إدارة الأمور في إيران طالما هي في يد فريق الحرس الثوري والمرشد الأعلى علي خامنئي. ولاسيما في ضؤ تخاذل الغرب وخصوصاً تعاطي الرئيس باراك أوباما مع قضايا الشرق الاوسط بعامه . وهذه المواقف سوف تشجع الرئيس الإيراني الجديد لكي يستمر في تطويرالسلاح النووي ودعم النظام السوري .
التعليقات (0)