إيران وقُبيل دخولها جولة المفاوضات الحاسمة مع الدول خمسة زائد واحد في جنيف ترسل عدة إشارات الى العالم أكثرها متناقضة . فقد كان أخرها رسالة المرشد الإيراني المتطرّفة الى الأطراف المفاوضة حول ملفه النووي بعدم التنازل عن مشروعه النووي مهما حدث مستخدماً عبارة “الخطوط الحمراء” عدة مرات في خطابه الأخير الذي ألقاه بحضور مجموعة من قوات التعبئة التابعة للحرس الثوري وهي قوات عسكرية متطرفة ترفض التفاوض مع الغرب والتنازل عن المشروع النووي.
استخدام خامنئي خطابه التهديدي هذا و هجومه اللاذع ضد حلفاء الغرب في المنطقة يوحي بأنّ إيران تريد زيادة حصتها من أي توافق قد يحصل مع الدول الغربية ورسالة طمأنة يريد أن يرسلها خامنئي للجماعات المتطرفة في الداخل والحلفاء الإقليميين للنظام الإيراني في المنطقة مثل حزب الله و الجماعات العراقية الموالية و حركات فلسطينية متحالفة مع طهران بأنّ الإتفاق سوف لن يكون على حساب النهج الإستراتيجي المعهود لملالي طهران في الداخل والمنطقة.
رغم أنّ ملامح الإتفاق بشأن النووي الإيراني ما يزال غامضاً حيث لم تتمخّض لحد الآن أية نتائج ملموسة لكنّ استباق خامنئي لهذا الإتفاق جاء ليوضح صورة مهمة من التصدعات التي بدأت تظهر داخل النظام الإيراني بين الحرس القديم والمخضرمين من متطرفين ومعتدلين بسبب مسعى كل تيار داخل الدولة الإيراني أن يحصد النتائج لصالحه وهذا ما يعقّد الإتفاق والصفقة بين الغرب وطهران بسبب عدم وجود رؤية موحدة تجاه الموقف من الإتفاق النووي الإيراني مع الغرب.
فخطاب خامنئي المتشدد والحماسي أظهر للعلن مدى خشية طهران من أن يفضي الإتفاق من فقدان طهران لنفوذها في المنطقة أو تخليها عن مشروع نووي دون ضمانات غربية فإصرار خامنئي وتهديده للمفاوضين بعدم التنازل عن مبادئ الثورة و تعديله للمرونة البطولية التي أطلقها مبكراً ليوضح انها لا تعني التنازل كلها إشارات توحي بأنّ خامنئي يسعى لطمأنة حلفائه بأنها سوف لن تتخلى عن نهجها السابق حتى لو توصلت الى اتفاق بشأن النووي مع الدول الغربية.
التعليقات (0)