دأبت حركة حماس طيلة شهور الثورة السورية على النأي بنفسها عن التدخل بالشأن السوري، على خلاف موقف كل من حسن نصر الله وإيران والمالكي والصدر، الذي جيشوا كل جهودهم وإمكانياتهم ورجالهم لمساعدة حليفهم الأسد في القضاء على الثورة المتأججة ضده في كل المدن والقرى السورية؛ وبما أن لحماس مكتباً في دمشق والأسد قد أعلنها إما معنا أو مع عدونا، فلم يشفع لهم موقفهم الصامت، وأبى عليهم الأسد إلا أن يقفوا معه كما وقف معه من ذكرناهم سابقاً، ولو بالكلام فقط.
ولرفض حركة حماس أن تخرج عن الصمت إزاء الشأن السوري فإن الأسد وأعوانه قاموا بتقويل مشعل ما لم يقله، بعد هجوم شديد شنه الشيخ القرضاوي على الأسد يوم الجمعة الأول من "نيسان" الماضي منتقداً قمعه للمتظاهرين المطالبين بالحرية، ومحذراً إياه من "أن من لا يتغير يداس بالأقدام" فجاء الرد هذه المرة على الشيخ القرضاوي تقولا على لسان خالد مشعل، وتم نشره في صحيفة الوطن السورية شبه الرسمية، وعدد من المواقع منها موقع "دي بريس" الذي عنون المقال بـ" مشعل يهاجم القرضاوي: سوريا الوحيدة التي وقفت مع حماس" جاء في مقدمته:" في تصريح استغرب كثيرون أن يتأخر إلى الآن أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس خالد مشعل المقيم في سوريا وبحمايتها، لزواره عن استيائه واستغرابه لصدور مواقف عن الشيخ القرضاوي يدعو فيها السنة السوريين إلى الثورة" وتابع التصريح نقلاً عن مشعل:" أقول للشيخ القرضاوي من منطلق المحب العاتب، اتق الله يا شيخ بفلسطين فسوريا هي البلد الوحيد الذي لم يتآمر علينا ويدعمنا وما تقوله عن وحدتها الدينية يصيب قلب كل فلسطيني بالحزن، ويخدم إسرائيل ولا أحد سوى إسرائيل".
وفي الرابع من "أيار" قامت حركة حماس بإصدار بيان تكذب فيه ما أوردته الصحف السورية من تهجم مشعل على الشيخ القرضاوي، جاء فيه:" تعقيباً على ما نشرته بعض المواقع الالكترونية، ووصل إلى بعض وسائل الإعلام، من مواقف منسوبة إلى رئيس المكتب السياسي للحركة بشان الأحداث في سوريا، وخاصة ما يتعلق بفضيلة الشيخ يوسف القرضاوي، فإن المكتب للحركة ينفي ذلك نفياً قطعياً" وتابع البيان بأن حركة حماس: " تعتبر ما يجري في الشأن الداخلي يخص الأخوة في سوريا" مشددة على:" وقوفها مع الشعب السوري وقيادته" وذلك وفقاً للبيان الذي نقله المركز الفلسطيني للإعلام التابع للحركة.
ورغم هذا النفي وتكذيب الأسد ونظامه الإجرامي، إلا أن حكومته حملت هذه الأكذوبة تلقي بها في كل ناد، بعد أن زعمت أن تصريح مشعل وحركة حماس قد تأخر، فدلسته تدليساً، تحاول أن تثبت به أنها دولة مقاومة ودولة صمود، حتى وإن كانت لم تقدم لقضية فلسطين إلا الأكاذيب، وحتى وإن باعت الجولان بثمن بخس، وسلمته لليهود دون أن تطلق رصاصة واحدة من قبل الطرفين، وحتى وإن وقف العالم إلى جانب الأسد لكي يمنع سقوطه، كما صرح بهذا "عاموس جلعاد" رئيس الأمن القومي في وزارة الدفاع الصهيونية: " من أن سقوط الأسد سقوط لدولتهم"، ولا عجب فإذا كانت تقوم بهذا الادعاء والأباطيل منذ استلامها الحكم وبيعها للجولان، وتمارس الإجرام مروراً بمجازرها في ثمانينات القرن الماضي، وانتهاء بمجازرها اليوم، حتى وصلت لمرحلة من الوقاحة لم يصل لها أحد من قبل، ومن هذا ما أوردته حكومة الأسد من أنها قامت بوضع المعلم تحت الإقامة الجبرية بعد حادثة الفلم المفبرك، ليعود المعلم للظهور من جديد وهو يزعم التأكيد على أن المشاهد صحيحة ولكن إخراج الفلم كان سيئاً، دون أي حياء أو خجل، والحقائق تقول أن هذا الفلم قد صور ونشر على النت في عام 2008م.
وهذا ما دفع حركة حماس من جديد بعد أن رأت كذب هذا النظام القاتل والكاذب الذي لا زال يعمل على نشر ما قولوه لمشعل في الكثير من المواقع والصحف دون أن تلتفت لما نفته الحركة لهذه الأكاذيب من قبل، والذي يعمل جاهداً الطلب من حركة "حماس" أن تقف معه ولو بالكذب الآن فقط، حتى وصل ان ينقل هذا الكذب على موقع هيئة الاذاعة والتلفزيون السوري؛ مما دفع الحركة للقول للأسد ونظامه من جديد بأنكم كذبة، في بيان جديد نشره المركز الفلسطيني للأعلام بتاريخ العشرين من هذا الشهر، جاء فيه:" إن ما تناقلته بعض وسائل الإعلام من تصريحات مزعومة ومنسوبة لرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الأستاذ خالد مشعل حول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي مختلفة تماماً ولا أساس لها من الصحة" وسط تسريبات بأن العلاقة بين حماس والأسد وصلت نقطة الانكسار، وقيام حركة حماس بالتجهز للرحيل من دمشق، ونقل مقاراتها إلى دول مجاورة.
وهذا موقف يسجل لحركة حماس والتي أبت أن تقف إلى جانب نظام مدلس وكاذب، بخلاف مواقف الآخرين الذين يزعمون الصمود والمقاومة، ودعم ثورات الشعوب الإسلامية، ونحييها على موقفها الشجاع، وهو موقف يعلنه الإخوة في حماس في تصريحاتهم الخاصة بعلمهم أن هذا النظام نظام معادي للإسلام ولا يعرف من المقاومة إلا التطبيل والعويل، ولكنهم مضطرون للتعامل معه لأنه لا مكان بديل غير دمشق، متمنين عليهم أن يتركوا دمشق وإصدار بيان أكثر قوة يعلنون فيه وقوفهم إلى جانب الشعب السوري البطل والتنديد بما يرتكبه الأسد من مجازر بحقه، لأن قيادة تقتل شعبها بكل وحشية واجرام ليست امينة ولا حريصة على تحرير الشعوب الاخرى، لعلها أن تسدي بعضاً من الجميل لشعب ما انفك يقف إلى جانب القضية الفلسطينية عبر مراحلها المختلفة من المجاهد عز الدين القسام، إلى الوقت الحالي، وفيه احتضن الشعب السوري إخوته في فلسطين وقدم التضحيات الكثيرة من أجل قضيتهم، وهذا اقل ما يمكن فعله.
احمد النعيمي
Ahmeeed_asd@hotmail.com
التعليقات (0)