ما كشفه مصدر مطلع في وزارة التجارة عن دخول 4 الاف طن من حليب الأطفال (ديالاك) غير مطابق للمواصفات المسجلة وغير صالح للاستهلاك البشري ومن ثم تم توزيعه على عدد من المخازن التابعة للوزارة مع علمها المسبق بعدم صلاحيته، هو مؤشر خطير عن مدى فساد وزارة التجارة ومحاولات سرقة قوت الشعب، وهو لم يكن مجرد اتهام أو تساؤلا أو شكا أو تلميحا من بعيد صادرا عن مواطن بسيط ضاقت به سبل العيش فأفرغ صدره وهمومه نتيجة تأخر وصول المواد التموينية إليه بل انه قد صدر عن مسؤول من داخل الوزارة مما يعني وجود أدلة وبراهين تؤكد ما ذهبت إليه ظنون المواطنين في أكثر من مناسبة بحق الوزارة، اذ انه قد أصبح من المسلمات بها لدى جميع أبناء الشعب، وليس أمرا جديدا !.
التساؤلات التي يطرحها المواطن دائما ويوجهها الى رئاسة الوزراء والبرلمان كثيرة ومنطقية ومنها: إن كان الوزير _ وهو موظف عراقي حكومي _ من المفسدين، فلماذا لا تتم محاسبته ومساءلته أو إقالته على أقل تقدير؟! وإن كانت الوزارة المركزية عاجزة حتى اليوم عن توفير المواد التموينية فما الذي يستدعي وجودها في الأصل؟! ولماذا لا تحاول ان تجد خططا أخرى تمكنها من توفير هذه المواد (الصعبة!) كأن تدع للمحافظات وحكوماتها المحلية الفرصة لإثبات وجودها وتوفير حاجات مواطنيها من خلال التعاقدات مع الشركات العالمية والمحلية وتتحمل مسؤولية ذلك بدلا من توسيع صلاحيات الحكومة المركزية دون جدوى أو قدرة على أداء مهامها؟!.
نأمل ان لا تمر هذه القضية مرور الكرام أو يتم إخفاء الحقائق عن المواطن، وان يأخذ كل متجاوز وفاسد عقابه الذي يستحقه، وان يكون الكل متساوين أمام القانون، ليس فقط بالشعارات الزائفة، بل بالفعل والتطبيق، ما دامت نوايا الفساد والسرقة والتلاعب والتزوير كلها حاضرة وبدوافع مالية ومصالح ضيقة، وان يتم تفعيل الدور الرقابي لمجلس النواب بشكل جاد، وان لا يكون القانون بعيدا عن أيدي من تسنموا المناصب كونها تكليفا لخدمة الشعب وليس لسرقته ونهب ثرواته وحياته، ونأمل ان يكون الحليب فقط هو الفاسد ضمن حصتنا التموينية وليس بأجمعها، ونأمل أخيرا إننا لم نشرب ذلك الحليب قبل هذا التصريح بتسعة سنوات! .
مقالات للكاتب علي جاسم
التعليقات (0)