علي جبار عطية
الأربعاء 26-09-2012
استوقفتني الاسبوع الماضي قصة اخبارية نشرتها جريدة الشرق الاوسط يوم الثلاثاء 18-9-2012 تحكي بعضا من معاناة نحات شواهد قبور في حلب توقف عمله بعد الاحداث الدموية اليومية في سوريا الرجل يدعى ابو عبدو كان يعيش على بيع الشواهد مقابل ثلاثة الاف ليرة سورية (45 دولاراً) لكل شاهدة لكن بعد اندلاع الحرب توقف عمله .. ليس هذا فحسب بل دمر منزله في تموز بما فيه وبمن فيه ، زوجته واولاده الاربعة ولم يبق لديه سوى عصافير يطعمها وعلبة دواء الضغط! المؤلم في هذه الحكاية ان ابا عبدو يقول : في جميع الاحوال بات خطيراً التجمع في جنازة يمكن استهدافها ويتم دفن القتلى بسرعة بعد مرور ساعات على وفاتهم ،احياناً ليلاً او فجراً لا مراسم عزاء ولا شيء ، حفرة في تربة المقبرة..
ويضيف: لم نعد نحصي اعمال الدفن لكن سكان حلب لم يعودوا قادرين على تسديد تكاليف الجنازة .. الخيار بين اطعام الاطفال او شراء شاهدة خيار سهل لم ابع شيئاً منذ بدء الحرب هنا في اول ايام رمضان .
اذن كيف يعيش ابو عبدو؟ انه يعيش على مدخراته فلديه نحو ثمانين الف ليرة (1200 دولار) جمعها قبل احداث العنف اما مبيته فعند اخيه ومع هذا فهو لم يفقد الامل يقول: كانت لدي حياة سعيدة سابقاً فقدت كل شيء ، زوجتي ، اولادي ، منزلي، انا هنا بين يدي الله.
حقاً انها حكاية محزنة وهي شبيهة بحكايات الكثير من العراقيين ويبدو ان هذه هي ثمرات الحروب وبالاخص الداخلية فهي توقع اكبر الخسائر واكثر الفقدانات وتخلف ابشع الصور المأساوية فاذا ضمت الحرب اليها الارهاب الاعمى فان حفلة الدم ستكتمل وتتلطخ صفحات التاريخ بأحط انواع الخساسات اللابشرية الامر الذي يدعو علماء النفس والاجتماع والفلاسفة الى اعادة النظر بفهمهم للانسان وهل هو حقاً حيوان ناطق؟
في هذه القصة كما في مثيلاتها من القصص يسقط شطر بيت شعري قديم كنا نظنه حكمة يقول: (مصائب قوم عند قوم فوائد) فيصير مصائب قوم عند قوم مصائب وفواجع ودمار ليس بعده دمار وتفتح نوافذ جديدة للوجع تثبت أن الانسان ظلوم غشوم!
التعليقات (0)