نحن في مرحلة جديدة من تاريخ مصر علينا أن نبدأها بحسن نية و توبة خالصة لله تعالى و أرجوا من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ان يعمل حساب موحد لدى كل البنوك تحت إسم ( حساب إبراء الذمة ) يعلن عنه في كل وسائل الإعلام يتيح الفرصة لكل من أخطأ في حق دينه و نفسه و وطنه بإرتكاب أي فساد في أي مرحلة من حياته سواء رشوة أو إستيلاء على مال عام أو إختلاس و سرقة أن يقوم مشكورا بإداعه في هذا الحساب في ستر و دون أي مساءلة حتى تعود أموال الشعب للشعب و نتيح فرصة لمن لا يدري عنهم أحد أن يتوبوا و يبروءا ذمتهم و نبدأ عهد جديد من الصدق و الأمانة و الحرية و التكافل و العمل الوطني الجاد لرفعة مصر و شعبها الكريم .. يقول المولى عز وجل : يا أيها الذين أمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم و يدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار , وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم : توبوا إلى الله و إستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة .. قال إبن مسعود رضي الله عنه : إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه و إن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا ـ أي بيده ـ فذبه عنه .. و أقول لنفسي و لمن هذا حاله لا تنظر إلى صغر المعصية و لكن إنظر إلى من عصيت ، لقد منحنا الله مهلة للتوبة قبل أن يقوم الكرام الكاتبون بالتدوين .. فهيا معا للتوبة الآن و قبل فوات الأوان فالحياة محدودة و ملك الموت يطاردنا .. قال صلى الله عليه وسلم : إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات ( لا ندري كم مدتها ) عن العبد المسلم المخطئ فإن ندم و إستغفر الله منها ألقاها و إلا كتبت واحدة .. ومهلة أخرى بعد الكتابة و قبل حضور الأجل و باب التوبة مفتوح إلى يوم القيامة . و التوبة كلمة عظيمة لها مدلولات عميقة وهي أمر زائد على الإستغفار قال تعالى : ( وأن إستغفروا ربكم ثم توبوا إليه ) .. و في الحديث : إن الله عز وجل يبسط يده بالتوبة لمسيئ الليل إلى النهار و لمسيئ النهار إلى الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ..
يارب إن عظمت ذنوبي كثرة ... فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن ... فبمن يلوذ و يستجير المجرم
مالي إليك وسيلة إلا الرجا ... و جميل عفوك ثم إني مسلم
و للتوبة شروط أهمها : 1 ـ الإقلاع عن الذنب فوراً 2 ـ الندم على ما فات
3 ـ العزم على عدم العودة 4 ـ إرجاع حقوق من ظلمهم أو طلب البراءة منهم .. وقد إشترط بعض أهل العلم أن تكون التوبة لله سبحانه لا خوفا من الناس أوالأمراض أو الحكومة أو الإفلاس و نحوه .. أن يستشعر قبح الذنب .. أن يبادر العبد إلى التوبة و أن يخشى على توبته من النقص .. وعلى التا ئب إستدراك ما فات من حق الله .. و أن يفارق موضع المعصية و يفارق من أعانه على المعصية .. إتلاف المحرمات الموجودة عنده .. أن يختار صحبة صالحة تعينه على نفسه .. أن يعمد إلى بدنه الذي رباه من سحت فيصرفه في طاعة الله وفعل الخير .. أن تكون التوبة قبل الغرغرة أو سكرات الموت ،، قال إبن القيم للذنوب أضرار كثيرة منها : حرمان العلم ، وحشة في القلب ، تعسير الأمور ، وهن البدن ، حرمان الطاعة ، محق البركة ، قلة التوفيق ، ضيق الصدر ، تولد السيئات ، إعتياد الذنوب ، هوان المذنب على الله ثم على الناس ، لعنة البهائم له ، لباس الذل ، الطبع على القلب .. الدخول تحت اللعنة ، منع إجابة الدعاء ، الفساد في البر والبحر و إنعدام الغيرة .. ذهاب الحياء ، زوال النعم ، نزول النقم ، الرعب في قلب العاصي ، الوقوع في أسر الشيطان ، سوء الخاتمة ، عذاب الأخرة .. نعوذ بالله و رحمته من غضبه و سخطه
و الحل في التوبة النصوح .. ففضل الله عظيم ورحمته وسعت كل شئ قال تعالى : ( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأؤلئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما و من تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ) أية 71 الفرقان .. و يقول العلماء أن التبديل نوعان : الأول : تبديل الصفات السيئة بصفات حسنة الشرك إيمان و الزنا عفة و تحصين .. الكذب صدق .. الخيانة أمانة و هكذا ،،
النوع الثاني : تبديل السيئات التي عملوها في الدنيا بحسنات يوم القيامة ..!!
المؤمن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء وقد يغلب أحدهما على الأخر في بعض الأوقات لحاجة قال صلى الله عليه وسلم : التائب من الذنب كمن لا ذنب له ,,( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) أية 53 الزمر فإذاعصى المسلم ربه غلب جانب الخوف ليتوب و إذا تاب غلب جانب الرجاء يطلب عفو ربه ... قال صلى الله عليه وسلم : لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوية ـ مهلكة ـ معه راحلته عليها طعامه و شرابه فنام فإستيقظ وقد ذهبت فطلبها حتى أدركه العطش ثم قال : أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت فوضع رأسه على ساعده ليموت فإستيقظ و عنده راحلته زاده و طعامه و شربه فالله أشد فرحا بتوبه العبد المؤمن من هذا براحلته و زاده ...... متفق عليه قال بعض العلماء : العبد بين ذنب و نعمة لا يصلحهما إلا الحمد و الإستغفار ، فالذنب يحتاج إلى الإستغفار لأن بالإستغفار تكفير الذنوب و النعمة تحتاج إلى الشكر لأن بالشكر تدوم النعم .. قال الشاعر :
إلهي لستُ للفردوس أهلا ... و لا أقوى على نار الجحيم
فهب لي توبة و إغفر ذنوبي ... فإنك غافر الذنب العظيم
و يعامل الله سبحانه أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ثلاث درجات :
أهل العفو ، أهل المغفرة ، أهل الرحمة ... فأهل العفو يدخلون الجنة بغير حساب و إمامهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ... و أهل المغفرة فهم الذين كانت لهم هفوات و ماتوا من غير توبة يستلمون كتابهم بأيمانهم و يفتحونه فإذا النور ينير وجوههم فيطالعون الكتاب فيجدون بعض الهفوات فيخاطبهم الحق سبحانه في سرهم : سترتها عليكم في الدنيا و اليوم أغفر لكم و لا أبالي ،، أما أهل الرحمة : هم الذين لهم ذنوب كثيرة فيرحمهم الله عز وجل بسبب أفعال صالحة عملوا بها في الدنيا ، ففي يوم القيامة من ثقلت حسناته عن سيئاته بحسنة واحدة دخل الجنة و من ثقلت سيئاته عن حسناته بسيئة واحدة دخل النار ، و من تساوت حسناته و سيئاته فأمره إلى الله تعالى ، قيل أنه يؤتى برجل ليس له إلا حسنة واحدة فيجد رجلا آخر يبحث عن حسنة واحدة ليتم حسناته ليدخل الجنة فيعطيها له و يقول : خذها فإني هالك فيقول الله له : خذ بيد أخيك فإدخل الجنة ، يقول العلماء : الندم إستغفار و الإقرار إعتذار و الإنكار إصرار . و هكذا إخوة الإسلام فالدين النصيحة وعلينا بالإستغفار و التوبة و المسارعة إلى فعل الخيرات فاليوم عمل و لا حساب و غدا حساب و لا عمل و كما قال عمر غبن الخطاب رضي الله عنه : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا و زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم .. ربنا ظلمنا أنفسنا و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين ، ربنا آمنا فإغفر لنا و إرحمنا و أنت خير الراحمين ،، و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..... أشرف هميسة
التعليقات (0)