حظوظ الرئاسة المصرية 2
كتبنا من قبل بتاريخ 18/5/2012 وعلي نفس هذا المنبر مقالنا (حظوظ الرئاسة المصرية), وكتبنا فيه حظوظ مرشحي الرئاسة المصرية, وكانت توقعاتنا هي أن لا يحسم أحد من المرشحين الأمر من الجولة الأولى, وتوقعنا أن تكون جولة الإعادة محصورة بين الفريق أحمد شفيق وبين الدكتور محمد مرسي وبيننا الأسباب والمؤشرات الدالة على ذك.
اليوم بعد أن صدقت توقعاتنا نستطيع أن نقول بأن جولة الإعادة سوف تكون شرسة جداً بين الاثنين حيث سيكون الصراع بين أنظمة وليس بين أفراد, وما هما سوى رمزين لنظامين مختلفين, فالفريق شفيق يمثل الفلول أو النظام السابق وفي نفس الوقت يمثل الدولة المدنية بمكوناتها ومكتسباتها, في مقابل الدكتور مرسي الذي يمثل التيار الديني وفكرة الدولة الثيوقراطية الدينية ومفهوم استرجاع دولة الخلافة, وإن كانت مؤشرات تعداد من خرجوا للتصويت تتمحور حول النصف لمن لهم حق التصويت وهذا مؤشر مهم حيث ستزداد الحملات تكثيفا وشراسة من أجل تحريك تلك الأعداد التي لم تخرج في الجولة الأولى ودفعهم للخروج في جولة الإعادة تحت شعارات التخويف من عودة النظام السابق وفشل الثورة من جهة ومن جهة أخرى التخويف من الدولة الدينية أو الحكام تحت الشعارات الدينية والتي لا تقبل بمعارضة أو تخلي عن الحكم.
ولكن دعونا ننظر في النتائج وكيف تحققت, أولا حادث الاعتداء على الفريق شفيق حال الادلاء بصوته في اللجنة الانتخابية بواسطة بعض شباب الاخوان وإن كان الهدف منه (شو إعلامي) يهدف إلى النيل والحط من قدره كان فكرة غبية جاءت بنتائج عكسية ربما حصد شفيق من وراءها مليون صوت لأن الشعب المصري شعب يحمل بين جنباته قيم ومبادئ وإن كان يفتقدها على أرض الواقع اليوم ومنها احترام كبار السن من الصغار وعدم إهانتهم بأي شكل من الأشكال, دفع الكثيرين للتعاطف معه والتصويت له, أمر آخر وهو أن المصريين عانوا كثيراً من الانفلات الأمني الذي أعقب الثورة وشفيق هو الوحيد الذي تحدث عن الأمن, بالإضافة للخطاب الطائفي والظلامي لجماعات الاسلام السياسي هو ما دفع بالكثيرين لانتخاب شفيق خوفاً من هؤلاء, ولكن الملفت للنظر حقاً هو ما حصده المرشح حمدين صباحي من أصوات ووصوله للمركز الثالث وهو ثمار المسار الذي اتخذته حملته وأبرزته كمرشح وحيد من الثوار وأيضاً كمرشح يقف في المنتصف بين التيارات الدينية والفلول ولا ينتمي لأي منهما وبالتالي تمكن بسهولة من تجميع كل تلك الأصوات.
أما ماحصده مرسي فكان متوقعاً وان كان الاخوان يراهنون على الفوز من أول مرة حيث الاعادة لا تصب في صالحهم على الإطلاق, وما حصده من أصوات هو أقصى ما يمكن عمله.
وما يهمنا الآن التوقعات للنتائج التي ستسفر عنها جولة الإعادة, فقد سارع الدكتور أبو الفتوح بإعلان نبذ الخلافات بينه وبين الاخوان وتأييده لمرشح الاخوان محمد مرسي, وهذا في حد ذاته يعتبر سلاح ذو حدين فالغالب ممن صوتوا له من الثوريين ومن الليبراليين بحكم مشاركته في الثورة وإعلانه ليبراليته مراراً وهنا لن يستطع تجميع كل تلك الأصوات التي حصدها معاً وإعطاءها لمرسي, ربما الأصوات الثورية ترفض إعادة النظام القديم (بحسب تصورها) فسيحصدها مرسي أما الأصوات الليبرالية فستكون من نصيب شفيق.
أما الأصوات التي حصدها حمدين فالمجمل الغالب ثورية ولكن في حال عقد صفقة مع الاخوان يتولى بموجبها صباحي منصباً مع مرسي سيتحول الكثير منها تجاه شفيق وخاصة أن نسبة كبيرة من شباب الأقباط صوت لحمدين.
وهناك نقطة مهمة وهي مسارعة الاخوان لعقد اجتماعات بغرض عمل تحالفات ومحاولة تجميع الكل في واحد ضد شفيق وهو الأمر الذي يجيدونه, إلا أن هذا الأمر لا يقابل بترحاب من أوساط الشعب وربما تأتي نتيجته عكسية حيث سيتعاطف الناس مع شفيق الذي يقف بمفرده في مواجهة الجميع.
وهناك نقطة أخرى وهي أن نسبة من خرج للتصويت حوالي نصف من لهم حق التصويت وربما كان السبب الرئيسي في إحجامهم هو رفضهم لجميع المرشحين أو قناعتهم بأن الانتخابات سيتم تزويرها ولكن ما حدث في الجولة الأولى من شفافية وشهادة دولية بالنزاهة بالإضافة للاحساس بالخطر سيدفع بالكثيرين للخروج والتصويت لاحمد شفيق ليكتسح الجولة الثانية.
مجدي المصري
التعليقات (0)