حريق الكرمل اندلع بسبب نرجيلة
اخيرا استجاب الله لدعاء فاطمة الزهراء وجوقة الداعين والمتضرعين والمتوسلين وها هي اسرائيل تحترق.. وقد أعلنت في اسرائيل حالة من الاستنفار والتأهب القصوى بعد ورود أخبار مفادها ان الشيخة فاطمة وجوقتها ما تزال تشخص أبصارهم نحو السماء يبتهلون ويرمون اسرائيل بوابل من الدعاء سيعود على اسرائيل حتما بأبابيل من (جند الله) على هيئة ألسنة من اللهب لن تبقي ولن تذر... هي نار ذات لهب يصلاها كل من ناله حظ من دعاء هؤلاء المؤمنين القانتين العاكفين والركع السجود لا مفر منها ابدا...
ربما كان علينا نحن الاسرائيليين ان نرفع أيدينا الى السماء ونصدح بهذا الدعاء : (اللهم اضرب النراجيل بالنراجيل واخرجنا منها سالمين).. فالحال والواقع يا سادة ان حريق الكرمل اندلع بسبب نرجيلة!! نعم هم صبية من القرية العربية عسفيا الواقعة على جبل الكرمل، حملوا نراجيلهم وحطوا رحالهم على مرمى قوس من بيوتهم باحثين عن جلسة نرجيلة هادئة في حضن الطبيعة... ولتكتمل البهجة أشعلوا موقدا صغيرا وطفقوا يتسامرون ويدخنون النرجيلة ويشربون القهوة ويتبادلون اطراف الحديث ثم تركوا الموقد على حاله ومضى كل منهم الى حال سبيله... غير عابئين بالرياح الشرقية العاتية التي سرعان ما حولت هذا الموقد الى حريق مهول هو الاكبر والاشرس في تاريخ دولة اسرائيل ...
اما الحريق بالارقام ... وما نتج عن مغامرة النرجيلة والموقد فكانت حتى ليلة امس على النحو التالي :
500 رجل اطفاء ، من ضمنهم رجال اطفاء من بلغاريا ومتطوعين
3000 شرطي
106 سيارة اطفائية
110 طن من مواد اخماد الحرائق
12 طائرة اسرائيلية
11 طائرة نجدة من انحاء متفرقة من العالم وغيرها في طريقها الى اسرائيل
5 ملايين شجرة محروقة
40 الف دونم التهمتها النيران
17 الف هو عدد السكان الذين تم اخلاءهم من منازلهم
هذا وما تزال حتى اللحظة طائرات وسيارات الاطفاء وطواقم الدفاع المدني وغير المدني ومتطوعين من الداخل والخارج تعمل ساعات اضافية لاحتواء الحريق..
على اية حال نحن لا نبتغي هنا سرد اخبار الحريق فهي متاحة ومتوفرة بسخاء على النت وبالبث المباشر انما شد انتباهنا ردة الفعل التي صدرت عن مواقع ومدونات ومنتديات عربية يضج كثيرها بعبارات الشماتة والفرح والرقص بل ان قليلها سكر حتى الثمالة مبشرا بقرب زوال اسرائيل ونهاية الحلم الصهيوني وموجها عناية القارئ والمشاهد الى الوهن الذي اصاب الجبهة الداخلية في اسرائيل التي تعثرت في مواجهة الحريق وما الى هذا الكلام ..
كما اننا لسنا هنا بصدد الحديث عن مناعة الجبهة الداخلية في اسرائيل وصلابة المجتمع الاسرائيلي ومتانة طواقم الدفاع المدني .. الخ ، انما نعبر عن ما اصابنا من دهشة وصدمة ونحن نرى ونسمع كلاما من قبيل .. وارسل عليهم طيرا ابابيل ... وجند الله الذين تقمصوا هيئة النيران واللهب .. والعقاب الرباني الذي يمهل ولا يهمل ... والغضب الالهي الذي حل على الصهاينة .. ناهيك طبعا عن عبارات الشماتة والحقد والنقمة .. والرقص على السطوع .. وتوزيع الحلوى .. بل ان الامر بلغ على صفحة مدونات ايلاف حد تبادل عبارات التهاني والتحايا وكأن القوم يحتفلون بعيد من اعيادهم .. بل اكثر من ذلك .. قام المدعو ربيع العاملي بنشر صور لضحايا الحريق في بادرة اقل ما يقال عنها إنها لا تعكس سلوكا بشريا ...
اما هؤلاء الضحايا فما قاموا به يسمو الى مصاف الاعمال البطولية التي سنخلدها باحرف من ذهب.. ففي الوقت الذي كانت النيران تشق طريقها كالبركان الهادر وبسرعة مذهلة باتجاه سجن الدامون الذي يقبع على مسافة غير بعيدة عن قرية عسفيا التي انطلقت منها الشرارة الاولى.. وباتت النيران قاب قوسين او ادنى من ابتلاع السجن بمن فيه من اسرى وغالبيتهم من العرب.. كان فريقا من حراس السجون يشق طريقه داخل حافلة نحو السجن غير آبهين بألسنة اللهب التي بدأت تحيط بهم من كل جانب.. لقد أبوا الا ان يخترقوا النيران وينقذوا السجناء.. لكن النيران كانت اسرع منهم فلم يبقى منهم على قيد الحياة الا اربعة.... اما الذين قضوا فكانوا موحدين شامخين متعانقين في موتهم كما في حياتهم ... فاذا كان لا بد من بذل الروح فليكن في سبيل انقاذ ارواح غيرك هذه هي عقيدة اليهودي ... لا يسمو فوق قداسة الحياة والانسان الا موتا بطوليا في سبيل انقاذ ارواح الآخرين ومنحهم الحياة .. يهودا كانوا او غير يهود .. لا موتا في سبيل ازهاق الارواح ونثر اشلاء المصلين والعابدين والساجدين في المساجد والاضرحة والحسينيات والاسواق كما يفعل اخوان لهؤلاء الذين يصبون علينا اليوم جام شماتتهم...
يهودا وعربا .. حراسا وحارسات .. عاشوا وماتوا جنبا الى جنب.. في عملهم ضمن طواقم الدفاع المدني وحراسة السجون كما في موتهم وهم في طريقهم الى تنفيذ مهمة اخرى.. انقاذ السجناء هذه المرة من موت اكيد ..
وما أهوبا تومر قائدة شرطة حيفا ببعيدة عن ما فعله رفاقها .. فقد انطلقت هي الاخرى بسيارتها نحو سجن الدامون.. فضاعت بين الدخان واللهب وهي الان تصارع الموت في احد مستشفيات مدينة حيفا ...
هنا زج الدفاع المدني بكل ما تبقى من افراده ومعداته في مشهد ولا اروع.. وموقف ولا اشرف... لتنتهي المهمة بانقاذ كافة النزلاء في سجن الدامون وهي المهمة التي حصدت هذا الثمن الغالي من الارواح والاصابات ...
انهم جميعا من العساكر .... انظروا كيف يحترق عساكر الصهاينة ... انه غضب الرب ... انظروا الى صورهم ... هتف وطرب بعض ابناء العروبة وهم يتبادلون عبارات التهاني مع اترابهم وزملاءهم فرحا بالنكبة التي حلت على الاسرائيليين .... وعلى هذا المنوال لن نتفاجأ اذا طالعنا غدا (السيد).. (بعد ان يستيقظ من نوم العوافي طبعا) .. ليدعي علينا باننا سرقنا ماء البحر لاطفاء الحريق ....
اي عساكر يا هؤلاء ... هل نحن في ساحة وغى ... انها معركة ضد ما هو اعتى واشرس واقسى منا ومنكم ... فاما ان تموت نذلا امام شاشات الحاسوب والتلفاز تتمتع بمشاهد النيران واما ان تموت بطلا شهما في سبيل انقاذ ما امكن من ارواح البشر ... فاما ان تموت جبنا وغيظا فيما لسانك يلهج بالدعاء ليفنى الصهاينة واما ان تموت شريفا كريما فداء بني جلدتك وغير بني جلدتك ... انها الاخلاق يا سادة ان فنت فني اصحابها ... لا شماتة بعدو او صديق عند مصابه بل تفاني في مد يد العون .. هذه هي اخلاق اليهودي ... لا تفرحوا لسقوط اعداءكم ... ظلت هذه القاعدة الذهبية ترافق اليهود منذ نشأتهم الاولى .... نعم الحرب هي الحرب يسقط فيها الضحايا من العسكر وغير العسكر .. لكن النكاية والشماتة بالعدو عند الشدائد والخطوب ومصائب الزمان محرمة على اليهودي حرمة الخنزير وكبائر الذنوب ....
سيتعافى الشعب الاسرائيلي من هذه المحنة كما تعافى من سابقاتها وكما سيتعافى من لاحقاتها ان قدّر وحصلت ... ولن يبقى للشامت والحاسد والحاقد والمتربص الا ان يموت بغيظه ..
ودمتم سالمين من الحرائق والمحارق ...
التعليقات (0)