حجر محب

    تقف في كل مكان ، صامدة شاهدة، ترمق البشر. تحمي من أنس السلام في ظلها ومن هو للإخلال بالأمن عبدا، تحميه رضيعا ، كهلا وحتى يوم ينفض غباره ويُحمل ورجليه للأمام تاركا إياها. إنها علاقة أزلية سرمدية بين الآدمي والجدران. علاقة تهيم فوق الأرض وتظل عليها. أو لم يخلق الطيب والخبيث والسهل والحزن من قبضة أرض! أو ليس من الأرض كان الجدار، ليقيم مسجدا وحانة وكوخا وعازلا مستبدا في وجه الجار وانتفاضة الكلام والحجار !

كلب هذا الجدار في صلته بالإنسان! يحميه ظالما ومظلوما. وما أخلص هذا الأخير له! حتى أنه يسيء ويطغى ويقتل ويستعبد من أجل استدامة هذا الوفاء. ما أصلبها علاقة ود من حجر! من أجلها ساء البشر ، وانتهكت حرمة الغاب والحيوان والبحر. واقتلعت جذور النسب والحسب ليس لقلة حيلة بل من قهر. أيموت إنسان مقابل حجر؟! حجر بدون عقل ولا شهوة ولا فطرة ولا حرية خيار منذ أن ابى حمل الأمانة وتركها للبشر.