العرب يحلمون في المنام واليقظة وينتظرون المعجزات لتتحقق بدون عناء ولا تفكير ولا تنظيم ولا وحدة ولا إستعداد وعيونهم مركزة على الأفق فإذا لاح سراب أعتقدوا انه الخلاص . ولا أريد هنا أن أعد كم سراب عاشه العرب في العقود الماضية , ولكني اذكر السراب الذي رأه العرب في خطاب الرئيس أوباما في القاهرة حول الدولة الفلسطنية ووقف الأستيطان . فقد وجد فيه انصار الغرب والصلح مع إسرائيل مصدرا للترحيب والتهليل لتجنب الضغوط الشعبية عليهم ولو لفترة من الزمن . ووجد فيه العارفون أنها كلمات عالم يتكلم على حلول مثلى وخيالية . فالرئيس أوباكما رجل أكاديمي ومتكلم ماهر ونسبه وماضيه وكفاحه يجعل منه زعيما تهواه الشعوب وخاصة الطبقات الشعبية والمختلطة. ولكنه الأن هو رئيس أقوى دولة في التاريخ . وهورئيس منتخب وليس حاكما مطلقا , وأمريكا لا يسيرها فرد أو أفراد كما هو الحال في معظم دول العالم . فهناك قوى فاعلة في المجتمع الأمريكي تحد من سلطات الرئيس والحكومة . وعرفنا كماعرف العالم معني اللولب اليميني واللولب اليهودي الجبارين كما يوجد لولب لكل شعب في العالم تقريبا تختلف قيمته وقوته عن اللولبين الرئيسين . هذا بالأضافة ألى نفوذ رجال المال والأعمال وأعضاء الكونجرس وخاصة أعضاء مجلس الشيخ الذين يتميزون بالمقدرة والقيادة والنفوذ في ولاياتهم . وهم يذكروننا بأعضاء مجلس الوردات الأنجليز قبل التغيير الدستوري في بريطانيا . ورغم أنهم منتخبون من الشعب فأنهم لا يتمسكون بسياسة حزبهم ولا يخضعون لزعيمهم خضوعا أعمى , ويصوتون في مجلس الشيوخ كما يروق لهم وخاصة في مسائل معينة تهم الناخبين واصحاب الحل والعقد من كبار رجال المال والدين . من هذا نجد ان ما قاله الرئيس أوباما ما هو إلا رأي لا يلزم به الولايات المتحدة الأمريكية . وإسرائيل تعرف هذا جيدا فقد وثقت علاقاتها مع أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي عن طريق اللولب اليهودي وأصحاف النفوذ . ولهذا فأن موضوع أي ضغط على إسرائيل هو خط أحمر بالنسبة لأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي ومعظم أعضاء مجلس النواب . ويعرف الرئيس أوباما هذا جيدا ولهذا سارع حال رجوعه من القاهرة إلى التصريح بأنه لا يريد من وراء ما قاله في القاهرة الضغط على إسرائيل أو فرض حل معين عليها . و كالعادة لجأت أسرائيل ألى التصريحات الدبلوماسية حتى تضمن الرئيس أوباما ألى جانبها ولا تناصبه العداء ليس خوفا منه ولكن إحتراما لمركزه . فصرح رئيس الوزراء الأسرائيلي ناتنياهو بلفظ الدولتين بعد أن جرد الدولة الفلسطنية المقترحة من كل معناها كدولة . كما إستطاعت مساعي اسرائيل الدبلوماسية أن تضمن الموافقة على إستمرار توسع المستوطنات بموافقة الولايات المتحدة ببناء 2500 وحدة جديدة غير محدد حجمها أو مكانها أو مدتها , ونحن نعرف إسرائيل فليس هذا جديدا علينا فهي تعني في كل الضفة الغربية . وهكذا ينقشع السراب الذي خلفه خطاب الرئيس أوباما في القاهرة وتعود الحالة إلى ما كانت عليه . ومن الأحرى بالمترددين من الأنظمة العربية التوقف عن التصريحات التي لا معنى لها وأسكات أبواق دعاياتهم التي سأمها الراي العربي لأنها لا تعبر عن حقائق الوضع في فلسطين أوالمصير الذي رسم لها .كما أن الحديث عن المصالحة الفلسطنية ليس له معنى إلا إذا عادت الشرعية بتخلي الرئيس عباس عن مساندة عناصر فتح لحكم فلسطبن بأسمه وتسليم السلطات الدستورية إلى حماس الحكومة المنتخبة . وإذا تعذر هذا فيجب إستقالة الرئيس عباس وحكومة حماس المنتخبة وتقوم الامم المتحدة بتعيين مندوب يتولى أدارة أنتخابات جديدة محايدة بأشراف الرئيس كارتر لأنتخاب جمعية تأسيسة لوضع الدستوروالأسفتاء عليه ثم أنتخاب برلمان وتعيين رئيس الدولة والحكومة الشرعيين ويجب أن يتم هذا في فترة لا تزيد عن ستة أشهر. بغير هذه الخطوات العملية فكل ما يقال هراء يردد لأضاعة الوقت ومساعدة إسرائيل على تحقيق مشروعها بضم الضفة الغربية والقدس الشرقية واعتبارسكانها الفلسطنيين لاجئين يضمون إلى اخوانهم اللاجئين الأخرين وعلى المجتمع الدولي إيجاد حل ومكان لهم . ونأمل أن يتقيد الاعلام العربي بالمنطق والحقائق ولا يسير وراء النزوات والدعاية الرخيصة .
التعليقات (0)