حارسة الوكر
رمقتني بنظرة من عينيها الدائريتين الصغيرتين و هي خائفة مني .أمعنت فيها النظر لا لأخيفها بل لاْملي عيني بجمالها و فتنتها فزاد خوفها ، و ارتعبت فمدت جناحيها الى اْقصاهما و في تردد منها خرجت لتقف على صور قديم اهل للسقوط و طرفة عين و بحركات رشيقة منها أطلقت جناحيها و طارت ،حتى توارت عن أنظاري .فتقدمت بخطولت حذرة لاْكتشف ما بداخل الوكر لكن عندما استطعت الوصول اليه فوجئت لما رأيت ،فزلت قدماي و سقطت على ظهري ،و رحت أتراجع الى الوراء حتى اصطدمت بالصور الذي كانت تقف عليه .فبقيت ملتصقا به من هول الصدمة ،مرة أخرى نظرت في اتجاه الوكر فلم أرى شيئا ،كذبت عيني و قلت ربما قد تهيأ لي ، و تقدمت بخطوات الى الامام ،فخرج منه ثعبان ضخم هرعت بعيدا عنه و بحثت عن عصاة أو معول لقتله .و بينما أنا ابحث لمحتها تراقب الوضع و عيناها الصغيرتان غارقتان في الدموع . ثم قفزت نحو هذا الثعبان في شجاعة ،لكنها و للاْسف عندما حاولت امساكه بمخالبها انقض عليها فأرداها قتيلة كأبنائهاالصغار الذين كانوا في الوكر . لقد كان ذلك المنظر بشعا للغاية ،فنظرت اليها و الى نفسي و قلت :
أيا حمامة ماذا بقي لك
ضاع الصغار و ضاعت حياتك
فقد جاءك الخطر و جاء عدوك
و أنا كالجبان أراقب ضعفك
تمنيت لو كانت لي شجاعتك
لما تركته يفعل ما شاء بك
لكنك الأن حارسة الوكر
و أنا التلميذ الخائب في فصلك
و بينما أنا أمضمض فمي بكلماتى لن تنجيني منه ،رأيته يقترب بسرعة مني كأن بيني و بينه ثأر قديم ، و بحركة سريعة مني قطعت رأسه القبيح بكثرة السم و الجبروت .ثم حملتها بين يدي في أسف شديد لاْنني فهمت أنها لم تكن خائة مني بل أحست بوجود الثعبن و حاولت طلب المساعدة .لكنني لم أتمكن من معرفة ما تريد ايصاله لي الا بعد فوات الاْوان . و ذلك لاْنني كنت أحاول مراقبتها لاستنباط جمالها و حركاتها الرشيقة . و هكذا فان انانيتي و حبي لنفسي جعلاني أبحث عن مكامن جمال الحمامة دون أن أقوم بانقاد حياتها.
عبد الحق حباب
كاتب
التعليقات (0)