مواضيع اليوم

تقنيات إجراء مقابلة

عبد المجيد العابد

2011-02-10 22:58:04

0

 تقنيات إجراء مقابلة

 

مهاد الموضوع

يعتبر التفاوض نقاشا يدور بين طرفين أو أكثر حول موضوع معين متنازع بشأنه، وتتباين فيه وجهات النظر بين الأطراف المتفاوضة. يتم من خلال هذا النقاش تبادل الآراء، وتقريب وجهات النظر، والوصول إلى توافقات ترضي الطرفين المتفاوضين.

إذا كان التفاوض كذلك، فإن المقابلة (Entretien) تختلف عنه، فهي تجمع بين طرفين غير متكافئين بالضرورة، قد يكون الطرفان (المقابِل والمقابَل) مدير مؤسسة مع طالب أو مشغِّل مع طالب للشغل أو طالب للتدريب على سبيل المثال، وتشير المقابلة إلى التواصل والمواجهة المباشرة بين شخصين متقابلين أو أكثر لأجل الوصول إلى غاية محددة سالفا، يسود التقابل الهدوء والاتزان بعيدا عن التشنج والجدل.

تتطلب المقابلةُ اللجوءَ إلى كافة الأساليب الإقناعية للوصول إلى الأهداف التي يريد ابتغاءها  الشخص المقابَل على الخصوص، تتضمن مجموعة من الاستراتيجيات القبلية والمُحَيَّنَة وفق ما يلي:

1- استراتيجيات ما قبل المقابلة

تفترض هذه الاستراتيجيات البدئية اعتماد روائز هي عبارة عن أسئلة قبلية لابد أن يجد الطرف المقابَل الإجابة عنها قبل زمن المقابلة من مثيل: من، ماذا، أين، متى، لماذا، كيف.

يتعلق رائز "من" بالتعرف إلى الشخص المقابِل، وذلك بالاطلاع على سماته الخُلُقية، وجِنْسِه، ومستواه الفكري، وعلاقته بموضوع المقابلة. فمقابلتك مديرا لشركة ما لا يمكن أن تكون بالطريقة نفسها التي تقابل بها موظفا عاديا في المؤسسة، كما أن التعرف إلى مستواه الفكري يؤهلك لتحضير فكري وذهني أفضل، ويجعلك تحديد الجنس مطمئنا لتحضير ثقافتك البروكسيميائية والكينيزية الواردة(للتفصيل أنظر مقالنا المنشور في الموقع: التواصل: التحديد الرهان)، لأنها تختلف بالطبع من الذكر إلى الأنثى، فما هو عادي بالنسبة للرجل ليس كذلك بالنسبة للأنثى. إن كل المعطيات مهما كانت بسيطة عن الشخص المقابِل تفيد كثيرا في التواصل معه، ورفع الدهشة والصدمة التي تحصل أثناء المقابلة.

أما الرائز "ماذا"، فيتعلق بتمييز طبيعة المقابلة، من حيث كونها لطلب الشغل أو لطلب التدريب أو لطلب التسجيل في مؤسسة، وهذا يفترض جرد المعلومات اللازمة عن المؤسسة للتعامل الأفضل أثناء المقابلة، وجمع المعلومات التي تتطلبها كل مؤسسة على حدة والتدابير التي تفترضها طبائعها المختلفة.

بينما الرائز "لماذا" فيتعلق بالهدف من المقابلة، وتحديد الغاية بدقة جزء من النجاح، لأنه يساعد على اعتماد الاستراتيجيات الملائمة والتعامل الجدي مع الموضوعات والمعلومات والتواصل الجيد مع الشخص المقابِل، ويدخل ضمن تحديد الهدف علاقتك الشخصية بطبيعة العمل أو الدراسة أو التدريب، وما مدى ملاءمته لطموحاتك وخبراتك وإرادتك، وكلها أسباب ينبغي الأخذ بها قبل الإقبال على أي مقابلة كيفما كانت.

أما الرائزان "متى" و"أين" فيتعلقان بتحديد الحيزين المكاني والزماني، وهما أيضا أساسيان في الاستعداد النفسي للمقابلة التي تختلف طبيعتها بحسب المكان الذي تجرى فيه، وكيفية استعمال الفضاء أثناء المقابلة، فأن تجرى المقابلة في مكتب المدير في مؤسسة تعليمية مثلا، تختلف عن إجرائها في قسم من أقسام المؤسسة، كما أن المسافات الفاصلة بين المقابِل والمقابَل تختلف بحسب النظرة والمكانة وغيرها، ويلعب التحديد الزمني أيضا دورا مهما فالمقابلة التي تجرى في الصباح تكون أكثر حيوية من التي تجرى في المساء، حين يكون عدد المقابَلين كثيرا، إذ يتدخل الإعياء والإرهاق والروتين في التواصل أثناء المقابلة.

يرتبط الرائز "كيف" في الكيفيات المحتملة التي يمكن أن تجرى فيها المقابلة، حيث ينبغي أن يتخيل المقابَل جميع الحالات المرتقبة والوضعيات المختلفة، ويمكن في هذه الحالة إجراء مقابلة احتمالية باعتماد أسلوب الانعكاس المرآوي، تتفاعل فيها الروائز المتعددة كلها، حيث يصبح هذا الأسلوب أثناء المقابلة تغذية راجعة ذاتية وإدماجا لخبرة سابقة.

ويعزز هذه الروائز الاستعداد الفكري وتوفير مجمل المعطيات والبيانات الواردة في القابلة، وذلك بالاطلاع على كل ما هو متاح في الموضوع، واستعراض الخيارات المحتملة، وينبغي أخيرا تهييء سيرة ذاتية ملائمة لطبيعة المطلوب في المقابلة، والحضور في الوقت المناسب.  

2- استراتيجيات زمن المقابلة

تتدخل مجموعة من الاستراتيجيات وقت المقابلة أهمها: الاستفادة الفعالة من الاستعداد القبلي بالنظر إلى الروائز السالفة، ويتفاعل في هذه المرحلة العامل النفسي مع العاملين المعرفي والموضوعي بحسب طبيعة الإجراء.

من بين الإجراءات الحركية الكينيزية التي يلتزم بها المقابَل نذكر منها: النظر الثاقب الموجه صوب الطرف المقابِل، وحسن الإنصات، واستعمال الحركات والإشارات المناسبة، والهيئة الحسنة، والثقة في النفس. إن طبيعة النظرة تكشف عن البعد النفسي للشخص، فالذي ينظر إلى الأسفل أو إلى الأعلى أو يشتت بصره عبر الفضاء، يترك عند المقابَل انطباع ضعف الشخصية أو الخجل الذي لا طائل منه أو عدم الأهلية والتمكن. وهذا ما سينعكس سلبا على نتيجة المقابلة طبعا. ويَلْزم عن حسنِ الإنصات حسنُ الإجابة وتخير الوارد منها، وكسب احترام الشخص المقابَل، وجلب انتباهه إلى ما تريد الوصول إليه نهايةً.

أما استعمال الحركات فينبغي أن يستجيب لطبيعة ثقافة الشخص المقابَل، بحيث لا يشوش على طبيعة التواصل والحوار، وكما أن الحركات لازمة بالضرورة للحوار إذا أردناه فعالا، لذلك لا بد للمقابَل من أن يستثمر لغة العيون وملامح الوجه وحركات اليد والجسد.

بالإضافة إلى هذه الاستراتجيات ينبغي للمقابل أن لا يتكلم إلا حين يطلب منه ذلك، ويبين الحقائق بطريقة سلسة، ويتجنب الحشو والإطناب والتكرار، بأسلوب سهل بسيط، قائم على البرهان والحجاج، بعيد عن اللجاج، معتمد لغة واضحة تقريرية دون استعمال غريب الألفاظ والمجاز البعيد والتهجين واللحن والعبارات الفضفاضة. ويتطلب من المقابَل أيضا جعل حديثه متسقا يأخذ آخره بتلابيب أوله، ولا يدخل في أمور يعجز عن تبيينها، فما لا يمكن قوله بوضوح يحسن السكون عنه (فيتجنشطاين)، ويُحَبَّب كذلك اعتماد الوسائل السمعية البصرية في التوضيح، ما دام أن لغة الصورة أفضل وَقْعًا في النفوس من لغة الألفاظ، بَلْهَ أنها تستثير المقابِل، وتوضح المعاني التي تعجز لغتنا اللفظية التعبير عنها، وتوصل من المضامين ما لا تقدر على إيصاله ملايين الكلمات والجمل.

    والله الموفِّق أولا وأخيرا




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !