أليس كل من هو في مؤسسة عمومية ( سما أو دنا موقعه ) يكون في خدمة الشعب وبالتالي هو خادمه - وليس حاكمه كما يقول الحكام المتنورون - بأجر يدفعه له من لحم أكتافه ودم عروقه ولا يتصرف في ممتلكاته من سلطة وثروة إلا بتفويض منه ؟
أليست الملكية في المغرب قائمة باسم الشعب والملك يكتسب شرعيته من الشعب لا يتصرف في ممتلكاته إلا بتفويض منه وبما يرضيه .. أليست هذه من معالم الديمقراطية الحقيقية ؟؟
كل المغاربة أو على الأقل أغلبيتهم ملكيون .. كل المغاربة أو على الأقل أغلبيتهم متشبثون بالملكية ويفضلونها على سواها من الأنظمة .. هذا واقع محسوس وملموس لا يقدر أحد على تنكره ، لكنهم يريدونها ملكية نظيفة وخلاقة وديمقراطية .. يريدونها ملكية شعبية لا ملكية نخبوية إقطاعية . فإذا ما آلت الملكية إلى التهاوي ( كما حصل لها أيام " السيبة " وأواخر الفترة الاستعمارية مع نفي محمد الخامس ) فأول من سيتخلى عنها حراسها وخدامها المنافقون والمستفيدون من ثروة الشعب بسلطانها ، ولن يحميها ويدود عنها غير الشعب الغير " النافع المحتقر" .
فمضمون الكريمات والهبات كما هو حال المناصب العليا في الدولة وكل ثروات البلد هي من ممتلكات الشعب لا يحق لأحد التصرف فيها تحت أي مسمى إلا بما يرضي الشعب والاستفادة منها لا تحق إلا لمن تتوفر فيه شروط استحقاقها من الشعب ، أما الصداقة والزمالة والعلاقات العائلية والمدح والانبطاح والتملق لم تكن في أي عصر من عصور البشرية من شروط الاستحقاق والتفضيل .. وتوزيعها من دون حسيب ولا رقيب باسم العرش وسلطانه - الذي هو ملك لكل الشعب - تحت شعار " الخصوصية " على النخب المولوية وعلى المداحين والمنبطحين هو مظهر من مظاهر الفساد السلطوي والاجتماعي .. والشعب منذ ما يزيد عن سنة وهو يتجرجر في الشوارع ويشهر باسم البلد ويصرخ في الفضاء العالمي الضيق لإسقاط الفساد والمفسدين فقط .
ليست كل من عرت على سيقانها وداست على أخلاق الشعب وتمسحت بتلابيب العرش هي فنانة تستحق " رزمة " من ثروة الشعب .. وليس كل قزم من أقزام السياسة والفكر والرياضة والفن يستحق أكل لحم الشعب .. باسم " هدايا ملكية عزيزة وغالية عليا أشم فيها رائحة سيدنا " ونشرها سياسة ساقطة وعمل شعبوي كما قال ويقول هؤلاء الأقزام الذين لا ينظرون أبعد من بطونهم ، ولم ولن يكن مثل كل هذا إلا شراء للولاءات والذمم من قبل المانحين وبيعا للكرامة والحرية والكسب الحرام والمحرم .
أغلبية المغاربة تحترق بنار البؤس والإقصاء والاحتقار وأقليتهم القليلة تنام في العسل وتتلذذ بحلاوته مجهودها الأول والأخير في ذلك التملق والمدح والانبطاح وتخطي الرقاب ، لأن كل من انبطح أكثر في بلد الاستعباد هذا نال من الهبات الملكية المولوية الغالية أكثر والتي هي في الأصل دماء ولحوم الشعب . والهبات والكريمات الملكية لا تقتصر على الرخص ( في النقل والصيد في أعالي البحار والمقالع .. ) بل تشمل كما هو شائع كل ما يدر المال والجاه والسلطة حتى : فهاهي مجموعة من البرلمانيين ( تسعون من أعضاء مجلس المستشارين كما أوردت بعض الجرائد ) أرادت بالباطل السطو ، وبإصرار وترصد ، على الدستور " الجديد " بأكمله الذي أقره " الشعب " نهاية 2011 كما هندسه مهندسو البلاط الملكي .. المستشارون التسعون توسلوا للملك من خلال وزارة الداخلية ومرغوا ديمقراطيته في معجون أطماعهم النجسة .. لتمديد فترة مجلسهم العجوز ضدا على دستوره وإهانة واحتقارا للشعب العاطل رغم أنه هو صاحب ومالك كل شيء ويدفع تكاليف نعيمهم .. إنها لصوصية تجاوزت كل التقنيات والمفاهيم .. لصوصية عجيبة وغريبة لم نسمع بمثيل لها في تاريخ البشرية .. إنها قلة حياء وعظمة النذالة كان من المفروض ، على الأقل ، أن تجردهم وأمثالهم من الجنسية الوطنية .. فلأين المسير يا وطن بمثل هاته " الأدمغة " ؟؟
- محمد المودني – فاس // أبريل 2012
التعليقات (0)